كتبت رولا عبدالله في صحيفة “المستقبل”:
يشبه البلد سفينة رست على الشاطئ بعد طول صراع مع دوامات البحر ودواره. وهم البحارة بسواعدهم، يعيدون كل ما تبعثر إلى مكانه الصحيح، يرممون ما انكسر، يوضبون، يهندسون، ثمّ أنهم ينشدون:” شِدّوا الهمة الهمة قوية مركب ينده عالبحرية”.
وإذا كانت البحرية بـ”اللبناني” هذه الأيام تأخذ إلى النفط، فإن النكتة القديمة السمجة عن “روح فتش عالنفط ببحر لبنان” لم تعد خيالا، والواقع الذي تمثّل في أول جلسة لمجلس الوزراء بعد الثقة أمس بإقرار مراسيم متعلقة بالنفط إنما يضاف الى إنجازات الحكومة، بما يمهد لمرحلة واعدة تؤسس لمراحل مقبلة تكون فيها الأولوية للملفات الحياتية، وما أكثر العالق منها أو المؤجل منذ انشغل اللبناني بخلافاته تاركاً رسن المركب في مهب الريح ومهبات أخرى. فهل يكون العام 2017 واعداً حكومياً؟.
رجاء لا يفرد جناحيه على البلوكات المائية فحسب، وإنما يتعداه إلى إعادة هيكلة المؤسسات وسد الشغور ومعالجة أزمات، أوّلها ملف النفايات الذي بات اللبناني يخافه على اعتباره “البعبع” الذي يتمدد في الطرقات بين الفينة والأخرى، بانتظار حلول نهائية تجنب مخلفاته من أمراض وروائح وسمعة سيئة للبلد الذي طالما تغنت به الشعوب على اعتباره واحة وجنّة. وهناك المياه والطبابة وهجرة الشباب ووظائف الدولة الشاغرة منذ عقود..وكلها موعودة بحكومة ثقة.
وإذا كان المطلوب من حكومة العهد الأولى كثيراً، وفيه تركات من مخلفات الحكومات السابقة، فإن متانة الخيط الأبيض وانسيابه منذ الجلسة الأولى قبل الثقة، وما تبعها من توافق على صياغة البيان الوزاري، ومن ثم تميّز الأجهزة الأمنية في المحافظة على الأمن وكشف شبكات إرهابية خطيرة، والتأكيد على ضرورة التعاون والبحث الجدي في قانون انتخابي توافقي، وإدراج بنود متعلقة بملفات حياتية ملحة…ثم الشروع في متابعة ما صدر في مقررات الجلسة الأولى والبدء بتنفيذه، مع ما رافق ذلك من جهوزية في التعاطي مع اعتداء اسطنبول إلى اقتراح تشكيل لجنة وزارية لمواجهة الحوداث الطارئة،إلى متابعة جريمة طالت أحد المغتربين، إلى إقرار مشاريع النفط واستعادة الجنسية والتعيينات في الاتصالات وتوسعة ملاك الدفاع المدني…وكلها خطوات تنفيذية تأخذ الى معطى واحد: عادت الدولة، عادت المؤسسات.. “خلف القلعة قلعة نحنا”.