IMLebanon

ما بين المملكة والجمهورية

كتبت رولا عبدالله في صحيفة “المستقبل”:

منذ انجلاء الصيف و”سحاباته” العابرة، يسلّم موسم المطر البلد من خير إلى طواف، ليس في الداخل اللبناني “المستتب” فحسب، وإنما في العلاقات اللبنانية مع المحيط، وتحديداً المملكة العربية السعودية التي كانت أول من بارك للعهد محددة أمنياتها بالآتي: “لا نريد لبنان ساحة خلاف عربي بل ملتقى وفاق عربي”، وهي المملكة نفسها التي واكبت البلد على مر قيامته متلقفة أزماته بأياديها البيضاء وبذلك الدعم المعنوي، وقد ترجم بالزيارة الأخيرة التي قام بها الوفد السعودي عشية الاستقلال، إذ أشاد بـ”قدرة الشعب اللبناني على صنع المستحيل”، ويتوّج في المقابل بالزيارة التي يقوم بها الرئيس ميشال عون إلى المملكة التي طالما راهنت على قدرة لبنان على استعادة استقلاله وسيادته وازدهاره، وقد تحقق ما أملت وراهنت.

ولأنه عام استعادة ثقة الشعب بالدولة وثقة العالم بلبنان، جديرة تلك العلاقة اللبنانية – السعودية في أن تثمر مجدداً مشاريع وتعاوناً وسياحاً اشتاق اليهم البلد بالقدر الذي اشتاق فيه اللبناني الى الاحتضان العربي الوازن الذي جسدته المملكة، والى سماع العبارة المحببة: “نحن في بلدنا الثاني لبنان”، فكم من سعودي آثر الاستثمار والسياحة في ربوعه مختزلا أجمل البلدان السياحية، ومختالا ببحره وجبله وأسواقه وجهاته الأربع التي كاد يحفظ معالمها أكثر من أبناء البلد أنفسهم. فهل تكون فاتحة الزيارة بادرة خير تحمل العباءة والعقال إلى الثلج الأبيض والى الفنادق التي لا تكتمل زينتها الا بازدحام الحيوات واللهجات، كما بذلك التماسك العربي الملتزم بقضايا تجمع ولا تفرق؟

وكما في لبنان، تحتل الزيارة الأولى للرئيس اللبناني الثالث عشر الى المملكة مكانة واحتفالية خاصتين، “لبنانيا” على صعيد الاغتراب اللبناني حيث الجالية اللبنانية كبيرة وتحويلاتها وازنة، و”سعوديا” بذلك التناغم الايجابي الذي ينسحب على مختلف الميادين والمستويات السياسية والاقتصادية وصولا الى التكاتف في مواجهة أشكال الإرهاب واستئصال آفاته، ولاسيما أن الأرقام تشير الى كون 85 في المئة من الاستثمارات الأجنبية في لبنان هي خليجية، بما يؤكد أن “علاقات لبنان وشعبه مع المملكة أكبر من أن تمس، وأصدق من أن تعكر، وأعمق من أن ينال منها”.