تشكل زيارة الرئيس ميشال عون لقطر محطة بالغة الأهمية في إطار سلسلة زيارات للخارج بدأها من البوابة السعودية وتشمل في أوقات لاحقة مصر والاردن وإيران، وتهدف الى استعادة دور لبنان على المستويين العربي والاقليمي ، اضافة الى إعادة الدفء للعلاقات اللبنانية – الخليجية بعد انتكاسة منيت بها إبان الفراغ الرئاسي.
وتكمن الاهمية الـ “فوق عادية” للمباحثات التي يجريها الرئيس عون والوفد الوزاري الكبير المرافق له في الدوحة في طبيعة الملفات التي تشكل مدار اهتمام مشترك بين الجانبين اللبناني والقطري وتطاول قضايا حساسة على صلة بأطراف وقوى اقليمية عدة، يمكن ان يؤدي وضْعها على الطاولة الى اختراقٍ لا يستهان به.
وعلمت “الراي” ان الجانب اللبناني لن يكتفي بمناقشة الملف المتعلق بمصير العسكريين اللبنانيين التسعة المخطوفين لدى “داعش” منذ العام 2014 وإمكان مساهمة قطر في المساعي لكشف مصيرهم بعدما برز وسيط جدي على خط الوساطة هو الرقم 13، بل ان المباحثات في الدوحة قد تفضي الى فتح قنوات لصفقة تبادُل شاملة ومتعدّدة الطرف.
وكشفت أوساط مهتمة لـ “الراي” عن ان الصفقة الشاملة التي ستتم إدارة المحركات من أجل إنجازها، انطلاقاً من المحادثات اللبنانية – القطرية تشمل عملية تبادُل واسعة النطاق كالصيادين القطريين الـ 25 المخطوفين لدى “حزب الله” العراقي، ومخطوفين وأسرى حرب وموقوفين عند الدولة السورية وعناصر من محتجزين لدى أطراف في سوريا ولبنان (جبهة النصرة – القاعدة وحزب الله)، اضافة الى تبادُل جثث.
وتحدّثت هذه الاوساط عن أنه كان يمكن لهذه الصفقة المتعدّدة الطرف ان تبصر النور في الربع ساعة الأخير من معركة حلب لو لم تستعجل روسيا وقف النار، مشيرة الى ان النظام السوري وايران و”حزب الله” ضغطوا في اتجاه توسيع عملية التبادل عبر عدم السماح للمسلّحين وعائلاتهم بالخروج إلا في اطار صفقة شاملة، وهو الأمر الذي لم يحصل نتيجة الاستعجال الروسي حيث اقتصرت العملية على ربْط خروج المسلحين وعائلاتهم من حلب بخروج 1250 مدنياً ومصاباً ومريضاً من الفوعا وكفريا.
وعلمت “الراي” ان قطر، التي لم تنقطع علاقاتها مع “حزب الله” رغم خلافهما الكبير في شأن الحرب في سورية، صاحبة مصلحة في المساعدة على إنضاج ظروف الصفقة الشاملة التي من شأنها ان تعيد المواطنين القطريين الـ 26 الذين كانوا خُطفوا في العام 2015 على أيدي مجموعة من كتائب “حزب الله” – العراق بقيادة ابو فدك، وهو تنظيم عراقي لا صلة له بـ “حزب الله” في لبنان، لكنه يتمتع بعلاقة مميزة بأطراف عسكرية في ايران.
ولـ “حزب الله” اللبناني و”جبهة النصرة”حصة الأسد في عملية التبادل المحتملة، بحسب مصادر وثيقة الصلة بهذا الملف. فللحزب عناصر (لا قيادات) وجثث محتجزة لدى “النصرة” التي تطالب بدورها بإطلاق موقوفين لها في السجون اللبنانية والسورية، اضافة الى محتجزين لدى “حزب الله”.
ولفتت المصادر عيْنها الى ان الطرفيْن (الحزب والجبهة) يعاملان الأسرى لديهما في شكل جيد، على قاعدة المعاملة بالمثل في انتظار نضوج ظروف عملية التبادل التي لن تكون الأولى من نوعها بين الطرفين.
واعتبرت أوساط على بينة من مجريات هذا الملف ان عودة الدفء الى العلاقة اللبنانية – القطرية من شأنه فتح الطريق امام البلدين للعب ايجابي “عبر أذرعهما” في لبنان وسوريا (حزب الله والمجموعات السورية المسلحة) في صوغ سيناريو لصفقة تبادُل شاملة يحتاجها الجميع.
وفي تقدير هذه الأوساط ان كشْف لبنان اخيراً عن وجود وسيط جدي مع “داعش” للكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين التسعة لدى التنظيم والطلب من القيادة القطرية بذل جهودها في مواكبة هذا الملف، يمكن ان يقود الى نهاية سعيدة.
وعلمت “الراي” من مصادر موثوقة ان غالبية العسكريين اللبنانيين ما زالوا على قيد الحياة، وسط غموض يحوط مصير ثلاثة منهم من اصل تسعة، مع الاشارة الى ان فحوص الحمض النووي التي أجريت أخيراً لأهالي العسكريين بيّنت وعلى نحو قاطع ان الجثث التي اكتُشفت في احد المغاور على الحدود الشرقية مع لبنان لم تكن للعسكريين المخطوفين.