كتب بسّام أبو زيد:
دائما كان يتهم النائب وليد جنبلاط بالاستيلاء على مواقع نيابية مسيحية في الشوف وعاليه، وكان الفرقاء المسيحيون لا يوفرون مناسبة إلا ويذكرون بهذا الأمر علنا أو سرا، ويشيرون إلى أن مصير المقاعد المسيحية في الشوف وعاليه يجب ألا يكون في يد جنبلاط بعدما صادرها طوال فترة الوصاية السورية وحتى اليوم.
في مقابل هذا الكلام الذي شكل فيه “التيار الوطني الحر” رأس حربة، لم يجد النائب جنبلاط، الذي كان حزبه قد تبنى مشروعا مختلطا بين الأكثري والنسبي مع “القوات اللبنانية” وتيار المستقبل، سوى الهجوم على النسبية كأفضل وسيلة للدفاع، ليس فقط لأنها تنزع منه مقاعد مسيحية، بل لأنها في الدرجة الأولى تصيب دوره في التمثيل الدرزي في الصميم وتنزع منه أداة القرار الأحادي في هذه الطائفة، وهو أمر من غير الوارد التخلي عنه، لا سيما وأن جنبلاط تعلم من الأثمان السياسية التي دفعها ويدفعها حلفاء الأمس في 14 آذار جراء السياسات والتنازلات التي اتبعوها منذ ما بعد 7 أيار 2008.
لم يكتف جنبلاط بالهجوم الكمي على النسبية بل رفع المستوى إلى الهجوم النوعي حيث وضع الأمر في خانة القضاء على الخصوصية الدرزية، ووجه سهام “العلوج” باتجاه الجميع ما أحرج بعض الفرقاء السياسيين فأخرجهم عن صمتهم، ولا سيما من كانوا قد اتفقوا معه على صيغة القانون المختلط، فأكدت “القوات اللبنانية” وتيار المستقبل وقوفهما إلى جانبه ورفضهما لأي قانون لا يرضى عنه بيك المختارة.
قد يكون مفهوما أن تيار المستقبل يتضامن مع النائب وليد جنبلاط إلى هذا الحد، باعتبار أنه وكما يتردد انه لا يحبذ النسبية الجزئية أو الكاملة رغم تبنيها في الصيغة المختلطة، ولذلك ربما وجد المستقبل في موقف جنبلاط خشبة الخلاص من هذا التبني والإبقاء على قانون انتخابي وفق النظام الأكثري يضمن للتيار الأزرق حضورا نيابيا موازيا أو يقارب عدد نوابه الحاليين.
إلا أنه بالنسبه إلى “القوات اللبنانية”، فإن السؤال الأول في شأن موقفها المتضامن مع جنبلاط سيأتيها من شريكها في الثنائي المسيحي الذي كان يتحين الفرص للإنقضاض على امتيازات جنبلاط في كل المجالات ولا سيما في مسألة النواب المسيحيين، كما أن وقوف “القوات” إلى جانب جنبلاط وما قطعته من تعهدات يلزمها بالتأكيد فيما لو قال جنبلاط أن قانون الـ60 هو الذي يحافظ على الخصوصية والوجود الدرزي، وهنا يبرز السؤال عن كيفية التوفيق بين هذا التعهد، والرفض القاطع لقانون الـ60 والمطالبة بقانون يضمن صحة التمثيل، وهو من دون شك أمر يصب لصالح “القوات اللبنانية” باعتبار أن حضورها الشعبي يفوق بكثير حضورها النيابي. فهل ستتخلى عن مكمن القوة هذا كرمى لعيون جنبلاط؟ وهل تعتقد أنها تستطيع تحقيقه من خلال تقاسم المقاعد المسيحية مع “التيار الوطني الحر” في حال جرت الانتخابات وفق الـ60؟
يبدو أن الوقت أصبح ضاغطا أكثر فأكثر في مسألة قانون الانتخاب، وان الخيار أصبح الآن ليس بين صيغ مشاريع واقتراحات القوانين المتعددة، بل بين خيار إجراء الانتخابات وفق قانون الـ60 أو تمديد جديد، وربما اقتنع الجميع في النهاية وهم مقتنعون أن كحل الـ60 أفضل من عمى تمديد جديد.