كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
يدرك جميع الديبلوماسيين في وزارة الخارجية والمغتربين أنه يحق لرئيس الجمهورية، وفقاً للقانون، أن يعيّن سفراء من خارج الملاك بنسبة لا تزيد على 15 في المئة، وأن كل رؤساء الجمهورية عيّنوا سفراء من خارج الملاك.
كما أنهم يدركون، أنه في الاجمال عندما يقدم السفراء المعيّنون من خارج الملاك استقالاتهم في غضون شهرين بعد انتخاب رئيس للجمهورية، لا تقبل استقالات ثلاثة أرباعهم، إنما استقالة واحد أو اثنين منهم فقط. لكن الأهم في التعيين أن يكون استثنائياً ومبرراً.
كذلك يدركون أن اللجوء الى التعيين من خارج الملاك موجود في كل دول العالم، وليس في لبنان فحسب، إنما السؤال هل ستقبل استقالات السفراء اللبنانيين المعيّنين من خارج الملاك أم سيتم رفضها؟.
وزارة الخارجية تعد العدّة لإجراء الترقيات والتشكيلات الديبلوماسية الشاملة. ويفترض بحسب مصادر مطلعة، أن يتم ذلك في غضون الأشهر المقبلة أي قبل شهر أيار موعد اجراء الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة.
والأجواء السائدة لدى الديبلوماسيين، هي أنهم فوجئوا بتوجه موجود وهو التعيين من خارج الملاك. ويعتبر هؤلاء بحسب مصادرهم، أن حصول ذلك، يؤخر التصنيفات الديبلوماسية، والتأخير يعني تأخير تصنيف من يجب أن يكونوا سفراء، وينعكس ذلك، على تأخير تصنيف من يجب أن يكونوا مستشارين، وبدوره ينعكس على تأخير تصنيف السكرتيريين، وهذا ما يجعل الديبلوماسيين يرفضون هذا الاجراء في المبدأ. كما أنهم يعتبرون أن من يجب أن يأتي من خارج السلك يفترض أن يشكل اضافة مختلفة، لكن ليس أن يكون في السلك من هو مثيل له أو أفضل، ويتم تعيينه سفيراً. أو أنه يجب أن يكون وفق استثناء وليس قاعدة أي يفترض إذا احتاجت الخارجية أن تُستغل الطاقات الموجودة في البلد، عبر تعيينهم سفراء من خارج الملاك. ويرون أنّ الاستعانة بعسكريين في السلك تعني “عسكرة السلك” والتعيين من الخارج في ظل وجود سفراء في الإدارة، يعني اللجوء الى التنفيعات، وهذا ما يجب الحد منه في إطار الاصلاح والتغيير المعهودَين، مع وجود كفاءات لدى كل الطوائف يفترض توزيعها.
هناك حاجة كبيرة الى إجراء التصنيفات والتشكيلات الشاملة لكل الفئات، وملء المراكز لا سيما السفراء مع أنه لا يمكن الاعتبار أن هناك فراغاً نتيجة هذه الضرورة، لأن القائمين بالأعمال يغطون كل نواحي المهمة المطلوبة. لكن وجود سفير له أهميته بالنسبة الى العلاقات وتمثيل لبنان في الخارج. وهناك الآن ما يفوق الخمسين في المئة من مراكز السفراء في الخارج يجب أن تملأ، وهذا تحدٍّ كبير أمام الحكم، بحيث تجرى اتصالات للتوافق على إنجاز التشكيلات والترفيعات في أقرب فرصة ممكنة. كما أنه يجب البت بمصير 34 مستشاراً ديبلوماسياً.
وذكرت مصادر ديبلوماسية، أن رئيس الجمهورية كان يختار سفراء من خارج الملاك، لا سيما من الأمنيين، على اعتبار أنهم عملوا في شؤون أمنية، لإبعادهم عن هذا الجو. والمسألة بدأت أيام الرئيس الراحل سليمان فرنجية الذي عيّن أنطوان دحداح سفيراً من خارج الملاك، بعدما كان مديراً عاماً للأمن العام. كما يجري هذا التعيين من جراء ثقة بالشخص المعيّن. ولكن في العديد من دول العالم الثالث كان يجري سابقاً تعيين عسكريين من خارج الملاك كسفراء إما لإسكاتهم، أو لمنعهم من القيام بمحاولات انقلاب.
في كل الأحوال، لا يمكن، وفقاً للمصادر، تحميل رئيس الجمهورية المسؤولية في التعيين من خارج الملاك، إنما لكل الطوائف والمرجعيات دور في الموضوع.
وفي الدول المتطورة، لا سيما في الولايات المتحدة، يتم التعيين من الخارج، وفق تقليد في نظام الوظيفة العامة، وهو نظام مفتوح في المهنة وحيث يتم الانتقال بين القطاعين الخاص والعام بسهولة. وهذا مرتبط بالنظام الرئاسي، لكن لبنان أقرب الى فرنسا، في هذا المجال.