وجهت لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان كتابا مفتوحا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري والنواب، وضم دعوة الى الاعتصام بعد ظهر الإربعاء 18 الحالي موعد بدء جلسة مجلس النواب التشريعية.
وقد جاء فيه: “ان قانون الإيجارات الأسود الذي قرره مجلسكم، في الاول من نيسان 2014، تضمن تحرير عقود الإيجارات السكنية القديمة، وألغى جميع ضمانات حق السكن والاستقرار الاجتماعي لمواطنيكم، خلافا لما نصت عليه جميع القوانين منذ عام 1940. إن القانون الذي تم الطعن به مرة من قبل رئيس الجمهورية السابق، ومرتين من قبل ثلة منكم، امام المجلس الدستوري، سيؤدي في حالة تطبيقه، الى تنظيم أبشع عملية تشريد وتهجير لعشرات ألوف العائلات سنويا، الذين لن يجدوا مسكنا يأويهم، ولا معين لهم بعد إلغاء ضمانة تعويض الإخلاء، في ظل غياب البدائل التي تمكنهم من إيجاد مأوى”.
وتابع: “إن المستأجرين الذين رسم القانون مصيرا أسود لهم بمعزل عن إرادتهم، هم من كبار السن والمتقاعدين الذين سكنوا في بيوتهم عشرات السنين، والغالبية الساحقة منهم، غير قادرة على دفع الزيادات التعجيزية التي قررتموها، وحالهم من حال المالكين القدامى الذين يعانون، بسبب بدلات إيجار تضاءلت قيمتها جراء التضخم الناتج عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة، هذا مع العلم بأن قيمة العقارات قد تضاعفت مئات المرات. إن رفع الغبن عن المالكين لا يبرر تهجير المستأجرين وتشريدهم وعدم حماية حق السكن لعائلاتهم”.
وقال: “إن القانون الأسود يفرغ العاصمة وضواحيها والمدن الكبرى من المستأجرين اصحاب المداخيل المحدودة والمتوسطة، دون أن يعلم هؤلاء أين يقيمون وإلى أين يذهبون، كما يدمر ما تبقى من عيش مشترك وما تراكم من علاقات انسانية ووجدان جماعي وذاكرة وطنية وتراث، ويسهل الفرز الطائفي والطبقي والمناطقي، ويجعل الإقامة في العاصمة حكرا على الأغنياء. ان القانون ينظم تهجير ربع اللبنانيين المقيمين، في وقت يرزح فيه وطنهم لبنان، تحت وطأة مسلسل موجات النزوح المتوالية اليه فصولا، من دول الجوار بفعل الأزمات والحروب الدائرة فيها، الأمر الذي بات يشكل خطرا عليه وتهديدا لاستقراره الاقتصادي والاجتماعي والأمني، بالنظر الى الأعباء التي تجاوزت كل أمكاناته ومقدراته في مختلف المجالات”.
واضاف: “إن المستأجرين ليسوا محتلين أومغتصبين لأملاك الغير، خلافا لادعاءات البعض، وهم لا يستهدفون مصادرة البيوت التي يقيمون فيها ودخلوا إليها منذ عقود، بعقود قانونية وقعوها مع مالكيها الذين يعرفون جيدا الحقوق والواجبات المتبادلة التي نصت عليها القوانين، وأن أهل الحكم السابقين والحاليين لم يعالجوا أزمة السكن، لذا لا نجد مبررا لأن تحملوا المستأجرين وحدهم ثمن العجز المتمادي وكلفة سياسات الاستثمار العقاري المتوحش”.
وتابع: “ان المستأجرين الذين قررتم لهم مصيرا أسود، يرفضون هذا القانون جملة وتفصيلا، وهم على يقين أنكم وبحكم موقعكم ومسؤولياتكم الوطنية، تمتلكون القدرة على رد الكارثة الانسانية المحدقة بالوطن، والتي تهدد السلم الاهلي والاجتماعي، وهم يتوجهون اليكم كي تعيدوا النظر بما قررتموه سابقا بعدما تكشفت مخاطره الكارثية، وأن تسحبوا القانون الأسود من التداول، تمهيدا لإعداد وإقرار خطة سكنية تعالج أزمة السكن وتؤمن بدائل للمستأجرين الذين يطالبون ويأملون بإقرار قانون عادل ومتوازن ينصف المالك القديم ويؤمن حق السكن للمواطن ويرفع الغبن عن المالكين، قانون يستند الى توصيات المجلس الدستوري التي اكدت على القوة الدستورية التي يتمع بها حق السكن. كما يؤكد المستأجرون على رفضهم القاطع لكل اقتراحات التعديل والتجميل الشكلية لقانون التهجير والتشريد الصادرة عن لجنة الإدارة والعدل”.
واشار الى “ان المستأجرين عانوا خلال عامين من الخوف والقلق، ما لم يعانوه خلال سنوات الحرب الأهلية، لقد مورست بحقهم كل اشكال الحقد والتحريض والعنصرية، وطعنوا في انسانيتهم ووطنيتهم، كما كانوا عرضة لشتى أنواع الترهيب والتهديد، لقد أجبر المئات منهم على توقيع عقود إذعان لحماية عائلاتهم من الإبتزاز والتهويل، كما أصابت العشرات منهم أحكام قضائية مشبوهة تضمنت خرقا لمبادىء العدالة والمساواة، واستندت الى قانون معطل بقرار من المجلس الدستوري، وتجاهلته كما تجاهلت كل الاجتهادات والمطالعات التي أفتت بعدم قابلية القانون المطعون به للتنفيذ، وفي مقدمها مطالعات رئيس مجلس النواب ووزارة العدل ومجلس شورى الدولة”.
وقال: “إن المستأجرين يتوجهون إليكم آملين أن تكون صرخاتهم في الشوارع والساحات قد وصلت أصداؤها اليكم، وهم يطالبون بأن تستردوا القانون الأسود وتسحبوه من التداول، وأن تحجبوا كارثة التهجير والتشريد عن الوطن وعما يقارب مليون مواطن يشكلون ربع السكان المقيمين. لا تضعوا المستأجرين القدامى، الذين يفوق تعدادهم أكثر من 180 ألف عائلة، أمام حائط مسدود جراء العجز عن تأمين حق السكن أو إمكانية الحصول على المسكن وفقدان الحد الأدنى من الأستقرار. ان المستأجرين مصرون على الاعتقاد أنكم قادرون على حفظ حقوقهم دون التفريط بحقوق الآخرين”.