Site icon IMLebanon

من هي الشركة التي ستفوز بدورة التراخيص الأولى للتنقيب في لبنان؟!

 

كتب عبود زهر في صحيفة “الجمهورية”:

يستعدّ لبنان حاليًا إلى إعادة اطلاق دورة التّراخيص الأولى للتنقيب عن موارد بترولية في مياهه البحرية. فمن هي الشركات التي ينبغي أن يقع عليها الاختيار في المرحلة الاولى؟

تأهّلت في السابق لدّورة تراخيص التنقيب عن الغاز والنفط فئتان من الشّركات:

ـ الشّركات التي لها صفة صاحب الحقّ ـ المشغّل.

ـ الشّركات التي لها صفة صاحب الحقّ ـ الغير مشغّل.

دور الفئة الأولى لهذه الشركات هو تشغيلي وتمويلي، أمّا الفئة الثانية فتمويلي. وسيتطلّب من الشركات المؤهّلة وفقًا لقانون الموارد البتروليّة في المياه اللّبنانيّة 132/2010 تشكيل إئتلاف في ما بينها يضمّ ثلاث شركات على الأقل، واحدة منها هي صاحبة حق- مشغّل.

جاءت نتائج المسوحات الزلزالية الثنائية والثلاثية الأبعاد في المياه اللّبنانية مشجّعة جدًّا، كما الاكتشافات الغازية الكبيرة التي أُعلنت في الدول المجاورة بما جعل كبرى الشركات العالمية تُبدي اهتماماً في دورة التّراخيص. وتضمّ هذه الشّركات المتعدّدة الجنسيّات، شركات أميركية وأوروبية غربية وأوربية شرقية وصينية وعربية تتجاوز القيمة السوقية لبعضها مئات مليارات الدّولارات.

أين تكمن مصلحة لبنان كبلدٍ جديدٍ يدخل الصّناعة النّفطيّة في انتقاء الشّركة المناسبة له ولاقتصاده من بين هذه الشركات؟

إنّ الأسس التي تحكم الدّورة الأولى للتّراخيص تختلف عن الأسس في الدورات التالية، فإذا تمّت بنجاح ستؤسّس لمستقبل لبنان النفطي وتجنّبه أيّ دعسة ناقصة. فإمّا أن تكون انطلاقته قويّة وثابتة للسنوات العشر المقبلة أو تكون متعثّرة تفقده فرصاً لا تُعوّض.

بناءً على تجارب سابقة لدول مماثلة ودراسات عالمية متعدّدة، تبقى مصلحة لبنان واقتصاده ومستقبله بأن تكون الشّركة الفائزة في دورة التراخيص الأولى شركة أميركية أو أوروبية غربية مصنّفة من أولى أكبر سبع شركات غير حكوميّة في العالم.

إنّ الأسباب الإيجابية لذلك عديدة، نذكر منها الآتي:

1ـ تساعد القوّة المالية لهذه الشركات التي تتجاوز ميزانيتها السنويّة ميزانية لبنان وسوريا والأردن وقبرص مجتمعةً على استثمار مليارات الدولارات في لبنان بكلّ سهولة.

2ـ يفوق التّصنيف الائتماني لهذه الشركات تصنيف أهمّ الدّول وأهمّ المصارف العالميّة فيمكنها الاستدانة بفوائد متدنيّة جدا.

3ـ تملك الإمكانيات التّقنية المتقدّمة والمتطوّرة والخبرات السابقة المتعدّدة في جميع أنحاء العالم، خصوصاً أنّ الاستكشاف والتّنقيب في المياه اللّبنانية لن يكون سهلاً نظراً للأعماق التي تفوق في بعض الأماكن ألفي مترٍ.

4ـ تؤثّر هذه الشّركات في سياسة حكوماتها بشكل كبير مما يساعد لبنان على تحصيل حقوقه المغتصبة من الجهة الإسرائيلية. فتتجاوز تبرّعات هذه الشّركات السنويّة للأحزاب في بلادها كالولايات المتحدة مثلا عشرات ملايين الدّولارات والتي يجري التصريح عنها بحسب الأصول المرعيّة.

5ـ تقوم هذه الشركات بتوظيف اليد العاملة المحلّية ولا تستقدم معها، كالشركات الصينيّة مثلاً، جميع موظّفيها من البلد الأمّ، بما يوفّر لليد العاملة اللبنانية فرص عملٍ جديدة؛ خصوصاً وأنً لهذه الشركات برامج تدريب متطوّرة لمواردها البشريّة ما يسهّل نقل المعرفة والخبرات إلى الشباب اللّبناني.

6ـ تكفل أنظمة هذه الشّركات وقواعدها الداخلية أعلى درجات الشفافيّة ومحاربة الفساد، كما تخضع لقواعد بيئية صارمة تجنّبها الحوادث والتلوّث البيئي.

7ـ تصرّح هذه الشّركات بشكلٍ نظاميٍّ وشفّافٍ عن جميع الضرائب المتوجّبة عليها في البلدان العاملة فيها إذ تخضع لأنظمة تدقيق داخليّة وخارجيّة، ولأنظمة البورصات حيث يجري التداول بأسهمها. وفي حال حصول أي عمليّة غشّ ضريبي تتكبّد هذه الشّركات خسائر جرّاء انخفاض سعر سهمها في البورصة قد تصل إلى مليارات الدولارات.

8ـ تستثمر هذه الشّركات في البلدان النّامية التي تعمل فيها في مشاريع إنمائية وتعليمية وبيئية تساهم في تطوير البلد اقتصادياً.

9ـ  يعكس عمل شركة عملاقة عالمية في لبنان لدورات التراخيص اللاحقة صورةً إيجابية جداً ممّا يشجّع غيرها من الشركات تقديم عروض جيّدة ومنافسة.

لكن، لا شكّ، أنّ المفاوضات في مرحلة التلزيم ستكون صعبة جداً مع هذه الشركات، إذ أنّها ستسعى إلى تحسين شروطها ومكاسبها. فيكون التفاوض مع شركات صغيرة أو شركات من أوروبا الشرقيّة أو الصين أسهل. لكن إذا نظرنا إلى الصورة بطريقة شاملة وقيّمنا المكاسب غير المباشرة للبنان واقتصاده فإنَ الكفّة تميل لمصلحة الشركات الكبرى الّتي توفّر له دفعًا قويًّا للانطلاق بمسيرته النّفطيّة الطويلة والنّاجحة.

يمكن تغيير استراتيجيّة التّلزيم في دورات التراخيص التّالية فتنتفي الحاجة إلى الاسم الكبير الذي يبحث عنه كلّ بلد في بداية مسيرته النفطيّة. إلاّ أنّ ميزة هذه الشركات المتواجدة في الأسواق العالمية هي القوّة إلتي لديها من خلال إمكانياتها الكبيرة في تسويق الغاز اللّبناني المرتقب في وقتٍ أصبح العرض عليه أكثر من الطلب.