IMLebanon

قانون الإنتخابات: وديمقراطية الرشوة

 

 

كتب جوزف الهاشم في صحيفة “الجمهورية”:

في كلمة رئيس الجمهورية أمام السلك الدبلوماسي مواقفُ بالغة المسؤولية والإلتزام: «تأمين الإستقرار الأمني والسياسي والإجتماعي والإقتصادي والمالي، وصون الصيغة اللبنانية ووحدة لبنان، والنهوض بالمؤسسات الى مستوى الفعالية الشفافة، وصولاً الى ما راوده من حلم في احتفال الرهبنة الأنطونية: بأن يرى لبنان نجمة الشرق الأوسط…»

ولأن كل هذه الأحلام بما فيها أشعَّة النجمة المنطفئة، مرتبطةٌ بقانون انتخابات جديد يراعي العدالة وصحة التمثيل، وينتج طبقة سياسية عصرية تنفض عن الجسم البرلماني ما تراكم من عفَن، وفي سياق حملة التغيير والإصلاح، أطلقَ فخامة الرئيس قانون الإنتخاب النسبي في مواجهة غابةٍ من تشرذم المواقف وتضارب المصالح، وخصوصية الذات الإنتخابية المتوارثة.

في موضوع قانون الإنتخابات، وما إليه وما إليها، أذكر أن الرئيس نبيه بري أعلن في أعقاب انتخابات 2009 أن المجلس النيابي سيعكف على دراسة مشروع انتخابي جديد: فقمتُ من باب الإندفاع الساذج بوضع مشروع على أساس الدائرة الفردية، يوم كان المال السياسي في أعلى مراتب الرواج، والصناديق الإنتخابية مرهونة للأوراق الزرقاء فوق ما هي لأوراق الإقتراع…

يومها كانت ملاحظة البطريرك صفير بأن الدائرة الفردية ستكون مكشوفة أكثر أمام الرشوة وشراء الأصوات، وكانت ملاحظتي على الملاحظة: بأنَّه من الأفضل أن يبيع المواطن صوته للمرشح مرتشياً باختياره وإرادته، وهذا ما أسميته «ديمقراطية الرشوة»، من أن يبيع زعيمُ اللائحة أصواتَ الناخبين خلافاً لإرادتهم، مقابل رشوة باهظة يتلقاها من مرشح مغمور ثمن انضمامه الى اللائحة.

وثمة ملاحظة أخرى، عزَّزتُ بها موقفي حيال ما كان مطروحاً على البطريرك بأن الدائرة الفردية لا يحتاج العمل بها الى دورات تدريبية وتأهيل وهي تشتمل بمعظمها على مزيج مذهبي متنوع، فيما قانون: «الصوت الواحد للمرشح الواحد» قد يتحول الى صوت مذهبي.

وأذكر أنه منذ انتخابات 2009 السعيدة الذكر، لا يزال القراصنة البرلمانيون يراوغون باحتيال كبير عبر طروحات الأكثري والنسبي والمختلط… تحت شعار التخالط: الذي يعني بحسب القاموس التعاكس والتشابك.

إذا استمرت الأيدي القابضة على إرادة الشعب، والقابضة حراماً من الذهب الأسود والأوراق الزرقاء، ماضيةً في التعنُّت والرفض دونما تجاوب مع طروحات رئيس الجمهورية، فلا نسبية ولا أكثرية ولا فردية ولا مختلط.

فلم يبقَ إلاّ أن يتفضل المنتصبون «أعمدةً ستّة» أو ستِّينية في لبنان، فيعيّن كلٌ نوابه المختارين… ولا مجال بعد، للضحك على عقول الناس واتفاق الطائف وشرعية الدستور، ولنترحَّم على ما إسمه ديمقراطية وإرادة شعب وانتخابات.

والله في عون الحكم والحكومة وشعب لبنان العظيم.