أمن البقاع الى الواجهة من جديد، عمليات خطف وقتل وسرقة وتهديد واطلاق نار وتشليح وتجارة بالمخدرات، كل ما هو خارج عن القانون موجود في بعض مناطق البقاع التي لا تخضع لسيطرة الدولة وهي أشبه بدويلة داخل الدولة. لا حسيب ولا رقيب على هؤلاء الخارجين عن القانون وقطاع الطرق الاشبه بقراصنة همّهم الأول والأخير هو المال.
فمنذ يومين تعرض المواطن سعد ريشا والذي يبلغ من العمر 70 عاما لعملية خطف في مدينة زحلة عروس البقاع من قبل شبان أصبحوا معروفين بالأسماء وبحقهم مذكرات توقيف عدة. نزلوا بكل وقاحة في وضح النهار مدججين بالسلاح امام منزل ريشا وقاموا بخطفه ووضعوه بسيارة رباعية الدفع ذات زجاج داكن ومن دون لوحات تعريف. مشهد اشبه بالأفلام الهوليوودية إلا انه امر حقيقي وواقعي.
فأين الدولة من عمليات الخطف المتكررة التي تقوم بها فئة واحدة ومعروفة؟ وما هي الخطوات التصعيدية لابناء زحلة؟ وما هي الرسالة التي وجهتها عائلة المخطوف ريشا؟
الطرقات كلها مقفلة حتى عودة ريشا
المهندس زياد الترك صهر المخطوف سعد ريشا والذي يتابع الموضوع بتفاصيله منذ ساعاته الأولى، يؤكد لموقع IMlebanon أن “البقاع كله مشلول اليوم وكل الطرقات مقفلة بما فيها الطريقين الدوليتين ضهور الشوير وضهر البيدر، وطريق زحلة الاساسي مقفل، وأهالي الفرزل تضامنوا معنا وقطعوا الطريق، وفي تربل الطريق مقطوعة، بالاضافة الى الطريق الذي يوصل الى الفيضا مقفل، ما يعني ان البقاع تقطعت جميع اوصاله بنسبة 100% وهذه هي الخطوات التصعيدية لليوم حتى إشعار آخر، أما غدا فلنظاره قريب”.
وفي ما يخص المفاوضات وتعثرها بالأمس، يكشف الترك: “ليس هناك مفاوضات 100% وحتى الآن الجميع يحاول ان يقوم بشيء من اجل الافراج عن ريشا ونحن اليوم لا نتدخل بالمفاوضات لانها تتعلق بالاجهزة الأمنية، ولكن حتى الساعة ليس هناك اي نتائج ايجابية”.
بيئة كاملة اصبحت رهينة عند بعض العصابات
من جهته، يقول المواطن نضال صليبا الذي يتابع التحركات منذ أولها، لـIMlebanon أننا “تابعنا الموضوع حتى ساعات الصباح الأولى وحتى منتصف الليل وصلنا الى نتائج إيجابية بنسبة 90% ولكن في اللحظات الاخيرة تعثرت العملية ولا نعرف ما هو السبب، وهذا الامر ادى الى “خربطة” ولغط إعلامي وغير إعلامي واثر نفسيا على عائلة المخطوف وتلبدت الاجواء، ولكن القرار الذي اتخذ هو ان التحركات ستستمر وبوتيرة متصاعدة”.
“نحن نعيش بجو يتخلله جو ارهابي بامتياز والعمليات التي تحصل ليست عمليات خطف عادية بل اصبحت ارهابية بامتياز لان هناك شعبا وبيئة كاملة مخطوفة واصبحت رهينة عند بعض العصابات وقطاع الطرق المحميين والمعروفين”، يوضح صليبا.
الخاطفون معروفون
أما وزير الداخلية السابق مروان شربل فيؤكد لـIMlebanon أن “تحميل الدولة كل المسؤولية امر كبير جدا لان الدولة عندها انهماكات كثيرة جدا واصعب بكثير، والجميع يشهد لعمل الاجهزة الامنية بمنع تلك العمليات من دون ان ننسى العمليات الاستباقية التي تقوم بها لإلقاء القبض على الخليا الارهابية التي تسعى الى تدمير لبنان”.
ويضيف: “عمليات الخطف وجرائم القتل والسرقات تحصل في كل دول العالم وبالطبع ليس هناك اي شك بأن الدولة يجب ان تكون حازمة بهذا الموضوع وتتخذ اجراءات اكثر شدّة خصوصا أن الاشخاص الذين يقومون بعمليات الخطف معروفين، وعلى الدولة ان تضع حدا لتلك العمليات بأسرع وقت ممكن وتلقي القبض عليهم”.
“الله يعرفنا عليهن شي نهار”
من جهة أخرى، يشرح الترك أن “الاجهزة الامنية تقوم بكل ما تقدر ونطالبها بتوقيف كل من بحقه مذكرات توقيف لكي لا نصل الى عمليات خطف وسرقة في المستقبل وهكذا نعالج الموضوع من جذوره، فهذا الوضع الذي نعيشه غير مقبول أبدا خصوصا ان عمليات الخطف تتكرر دائما، وردة الفعل في الشارع هي ردا على تلك العمليات واستباحة الناس غير مقبولة بتاتا”.
“انشالله شي نهار نتعرف عليهن، الله يعرفنا عليهن شي نهار”، هذا ما قاله الترك للخاطفين. ويضيف: “كل أهل زحلة والبقاع جيدين ولكن هناك بعض الزعران وعلى الدولة ان تحاسبهم، ونحن لا ننزل الى هذا المستوى من التصرف فهذه ليست تربيتنا وليست بيئتنا ولا نتصرف هكذا”. ويؤكد ان “هدف الخاطفين هو المال مثلما يحصل في كل الحالات”.
البلد خاضع لقرارات سياسية معينة
من ناحيته، يشير صليبا الى أن “الجيش والقوى الامنية مشكورون على تحركهم، ولكن البلد خاضع لقرارات سياسية معينة، فالمجرمون معروفون بالأسماء واين يسكنون وبيئتهم ترفضهم وهم في مكان محمي، وبالتالي كل ما نطلبه من الدولة وفخامة الرئيس والجيش والقوى الامنية هو التحرك سريعا، لان البقاع ليس معزولا عن لبنان بل هو قلب لبنان وشريان حيوي للبلاد، لذلك من غير المقبول انه كلما تحدثوا عن زحلة او البقاع يعني ان هذه المنطقة ارهابية ويحكمها الزعران، بل بالعكس نحن منطقة جيدة وسياحية بامتياز ولكنها بحاجة الى امن والى خطة امنية وحال طوارئ”.
“كل شخص خارج عن القانون في البقاع ويقوم بعمليات الخطف بحقه مذكرات توقيف عدّة فهؤلاء يتحركون بسيارات ذات زجاج داكن من دون لوحات تعريف ويتجولون بسلاحهم بشكل ظاهر تحت غطاء امني معين وبالتالي لا احد قادر على التصرف ضدهم، فهم ينفذون سياسة الدويلة داخل الدولة”، يؤكد صليبا.
هدفهم المال… ولا شفقة ولا رحمة لديهم
شربل يشدد على أن “الخاطفين لا مشكلة لديهم بخطف مواطن عمره 70 عاما وصحته غير مستقرة لان هدفهم الاول والاخير هو الحصول على المال، فلا شفقة ولا رحمة لديهم، ومن فترة خطفوا فترة ولدا عمره 9 سنوات، ومن الممكن ان يخطفوا ولدا “عمره سنتين” لان هدفهم هو ان يحصلوا على المال، خصوصا ان جميعهم مطلوبون للدولة لقيامهم بأعمال خارجة عن القانون”.
“اطالب بأن يحصل تنسيقا اكبر بين الاجهزة الامنية حول نوع تلك العمليات التي تتكرر دائما، خصوصا ان الخاطفين معروفون ويجب ان يرفع الغطاء السياسي عنهم، فمفهوم الخاطف بانه من عائلة معينة يعني انه مغطى لا يجوز، وعلى الاجهزة الامنية ان تلقي القبض عليهم ليس فقط لدى قيامهم بعمليات خطف بل عليها ان تلاحقهم لان بحقهم عدة مذكرات توقيف وبجرائم متعددة، فلا يجب ان ننتظر عملية الخطف لكي نقطع الطريق ولكي يطوق الجيش المنطقة، ويجب ان تبقى الملاحقة مستمرة”، يوضح شربل.
رسالة الى الخاطفين…
صليبا وجه رسالة الى الخاطفين، وقال “نحن ابناء بلد واحد ومنطقة واحدة والمواطن سعد ريشا عمر أكثر من 70 عاما ويأخذ 11 نوع دواء لذلك لا يجوز هذا الامر، ومن فترة تم خطف طفل عمره 7 سنوات وخطف شاب عمره 30 عاما متزوج وعنده طفل، فالذي يحصل غير مقبول بتاتا، والزعرنة لا طائفة لها وقطاعو الطرق لا مذهب لهم، ومن اجل العيش المشترك مضطرون لكي نحمي بعضنا وألا نحارب بعضنا بتلك العمليات”.