كتب الان سركيس في صحيفة “الجمهورية”:
غضّ النظر عن البرّ الذي سيَرسو عليه قانون الانتخاب أو إمكانية الذهاب الى تأجيل تقنيّ للانتخابات النيابيّة، إلّا أنّ قضاء البترون يبدو الأكثر حماوة في لبنان نتيجة عوامل عدة أبرزها إعلان النائب أنطوان زهرا عزوفه عن الترشح مجدّداً، وإمكان حدوث مفاجآت من العيار الثقيل في تنورين. يُعتبر زهرا في المصطلحات القواتية والبترونية «نمر القوات» وأبرز ركائزها، لأنّ خطاباته دخلت الوجدان القوّاتي فهي تحاكي تاريخ «المقاومة اللبنانية» وجمهور «14 آذار»، كما أنّ ظهوره في القاع أثناء التفجيرات وسَهره مع أهلها أعطياه رصيدين كبيرين. وتُصرّ «القوات» على الاحتفاظ برمزية الرجل، خصوصاً أنه يُردّد مراراً وتكراراً أنه «راهب» القضية.
من جهة ثانية، فإنّ عزوف زهرا عن الترشّح فتح شهية بقية شخصيات البترون الطامحة الى الفوز بالمقعد النيابي، لكنّ هذا الأمر لم يُحدث خلطاً لأوراق المرشحين داخل «القوات» فقط، بل ترَك تردّداته في الجهة المقابلة أي في المحور المحسوب على النائب بطرس حرب الذي يصارع من أجل الحفاظ على وضعيته بعد تحالف «القوّات» و«التيار الوطني الحرّ» ضدّه.
كُسرت الجرّة بين حرب و«القوات» نهائياً ولا إمكانيّة للعودة الى زمن التعايش السابق بينهما، والصورة شبه النهائيّة للتحالفات باتت بين حرب والنائب الكتائبي سامر سعادة من جهة و«القوّات» و«التيار الوطني الحرّ» من جهة أخرى، فيما يبقى نقل المقعد الماروني من طرابلس الى البترون هو الشغل الشاغل لأهالي المنطقة وسياسيّيها القدامى والجدد.
شكّلت انتخابات تنورين البلدية نقطة مهمة في تاريخ المنطقة، لأنّ تنورين الكبرى تعدّ نحو 14 ألف ناخب يقترع نحو نصفهم في الانتخابات النيابية. وبالتالي، فإنّ الكتلة الناخبة الأكبر في البترون موجودة في الجرد.
يَعرف جميع المطّلعين على الشأن المحلّي كيف جرت الانتخابات البلدية في تنورين، ويقولون إنّه «بعد النقمة داخل آل حرب، وجَد النائب بطرس حرب في منافسه السابق على النيابة بهاء حرب خشبة خلاص له لأنه يستطيع تجيير قسم من بيت حرب لصالحه، فشكّلا حلفاً، ففاز هذا الحلف في البلدية وأنقذ الموقف».
أمّا الآن، وفيما يُطرح ترشيح شخص من تنورين لمواجهة بطرس حرب، فإنّ المفاجآة قد تأتي من حيث لم يتوقعها أحد، فقد علمت «الجمهوريّة» أنّ «رئيس البلدية بهاء حرب قد يُعلن ترشّحه للنيابة قريباً».
يبقى هذا الخبر مقبولاً نسبياً اذا توقّف عند هذا الحد، لكنّه قد يتحوّل الى صدمة مع نيّة بهاء حرب الترشّح على لائحة التحالف القواتي- العوني في وجه النائب حرب، ما قد يقلب الصورة الانتخابية رأساً على عقب.
وفي الخطوات العملية، فإنّ ترشّح بهاء منفصل عن ترشيح القوّات لشخصية من آل حرب من الجرد، في حال قرّرت «القوات» ذلك. ووفق المعلومات فإنّ «بهاء ينوي خوض المعركة على لائحة التحالف المسيحي إذا رأى أنّ ظروف نجاح النائب بطرس حرب غير متوافرة، وأن لا أمل له بالنجاح بعد تحالف «القوّات» و«التيار» وبعد درس ظروف المعركة واتجاهاتها، فلا مانع لديه من الإقدام على تلك الخطوة خصوصاً إذا ما تمّ نقل المقعد الماروني الثالث الى البترون. أمّا إذا لم ينقل، فعندها سيكون لكل حادث حديث».
وفي المعلومات أيضاً انّ «بهاء حرب ينوي الاجتماع مع رئيس «التيار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لعرض الفكرة عليهما، وسيطلب موعداً قريباً جداً، بحيث سيقترح تشكيل لائحة تضمّ باسيل والمرشح الذي تنوي «القوات» تسميته (بغضّ النظر إذا ما كان من آل حرب)، إضافة اليه، وهو ينتظر هذين الاجتماعين ليخرج بموقفه النهائيّ».
يُعرف عن بهاء حرب، وفق أوساط تنوريّة، علاقته بالقوى السياسية كافة، وهو يملك تجربتين انتخابيتين في دورتي 1996 و2000. ويعود الحديث عن ترشّحه مجدّداً بعد دراسته اتجاهات المعركة، حيث أنّ قرار خوضه الانتخابات جديّ وليس مناورة أو «بالون» اختبار، حتى لو لم ينقل المقعد الثالث إلى البترون.
وفي الوقت نفسه، فإنّ بهاء حرب متحرّر من أيّ التزام تجاه احد، إذ يتحدث المطّلعون على الشأن التنوري انّ «وجوده على رأس اللائحة أعطى الفوز للنائب حرب في المعركة البلدية».
إذا ما استكمل هذا السيناريو وأعلن بهاء حرب ترشّحه وتحالفه مع «القوّات» و»التيّار الوطني الحرّ»، فسيكون النائب بطرس حرب قد خسر حليفاً له داخل عائلته، وبات في وضع حرج، ويكون التحالف الذي رسمه في البلدية قد سقط قبل أن يُكمل عامه الاول، وباتت بلدية تنورين خارج سيطرته، خصوصاً أنها أداة مهمّة في الانتخابات النيابيّة مثلما أدّت دوراً مهماً قبل الانتخابات البلدية.
مع اقتراب دعوة الهيئات الناخبة، في حال عدم الاتفاق على قانون جديد، فُتحت المعركة النيابية على مصراعيها داخل آل حرب وفي تنورين، خصوصاً أنّ هويّة مرشّح «القوّات» لم تحسم نهائيّاً، مع أنّ الاتجاه بات شبه واضح.