IMLebanon

إستلام دفاتر القيادة البيومترية في “النافعة”… “ناس VIP وناس لأ”!!

 

 

حتى استلام دفاتر القيادة البيومترية بات يحتاج لـ”واسطة” وتطبيق منطق الـ”VIP” و”على عينك يا مواطن”… هذا ما جرى بالأمس ويجري اليوم وربما غداً في مصلحة تسجيل السيارات والآليات في الدكوانة (وطبعا الكثير والكثير من الادارات)، ويروي في ما يلي احد المواطنين ما حصل معه هناك بالتفاصيل.

“توجهتُ بالأمس الى مصلحة تسجيل السيارات والآليات اي “النافعة” في الدكوانة مع شقيقتي الصغرى لاستلام دفتر السوق الذي سعت لنيله بعد اجرائها الاختبارات اللازمة.

حصلنا على الإيصال وتوجهنا الى مسؤول المكتب فوضع الطوابع اللازمة وطلب منا التوجه الى المبنى الجديد داخل النافعة في الدكوانة لاستلام الدفتر البيومتري.

دخلنا الى هذا المبنى المتطور والذي يعزلنا عن كل الابنية المهترئة التي تحيط به، فالجدران مطلية حديثا والنظافة تامة، مع وجود واضح للمعدات الحديثة بما يليق بمكننة مكاتب عام 2017.

فعند المدخل، ثمة آلة تطبع الأرقام بحيث يحدد المواطن المعاملة التي يريد اجراؤها ويأخذ رقما على هذا الأساس وينتظر دوره، كما في المصارف المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية.

إستلمنا رقما، وذهبنا للجلوس بانتظار دورنا. امامنا “كونتوارات” وشاشات كبيرة تظهر الرقم الذي يأتي دوره بالإضافة الى صوت مسجل يدعو الرقم بالصوت للتوجه الى “الكونتوار” حسب الرقم أيضا، كل تلك الايجابية رسمت أملاً بأن لبنان بات يتجه نحو التطور واحترام المواطن صاحب المعاملة!

ولكن سرعان ما بدأت أغير رأي، فلدى انتظار دورنا كما بقية المواطنين، نلاحظ بعض الاشخاص الذين دخلوا من بعدنا يتوجهون الى الكونتوار من اجل اجراء معاملاتهم. ورغم ملاحظتهم يدخلون، بقينا ساكتين منتظرين لدورنا، الاول، الثاني فالثالث… ثم يأتي دور شقيقتي، أخذ الموظفون بصماتها وصورتها، ثم اخبروها بضرورة الانتظار مجددا “بالدور” كي تتسلم دفتر القيادة.

 

انتظرنا لنحو نصف ساعة ولم يأت دورها حتى ان الموظفات خلف الكونتوار لم ينادين لأحد، وإذ بي أرى اكثر من شخص دخل من بعدي يستلم دفتره بسرعة ويغادر! بعضهم كان يدخل الى داخل الغرفة المغلقة، يحيي الموظفين ويدردش معهم ويضحك ومن ثم يأخذ دفتره ويغادر وهو مبتسماً فيما المواطنون ينتظرون “بالدور”!

وامام هذا المشهد المستفز لم يعد بامكاننا الانتظار، وتوجهت نحو الكونتوار، فسألت احدى الموظفات “لماذا لا تسير الامور حسب الارقام”؟

فردت: “عفوا بس مش مظبوط”، لكني اكدت: “مبلا مظبوط في أكتر من شخص اجوا من بعدي ومرقتوهم”.

فإذ بها تدير برأسها وتنادي المسؤول، وتقول: “السيد هنا لديه مشكلة”.

ينظر إليّ من خلف الزجاج ويطلب مني الدخول لعنده لأشرح له ما جرى، فيردّ قائلاً: “معك حقّ بس بتعرف في ناس هون بيجوVIP ، بتعرف وضع البلد”، فاستغربت سائلاً: “ليه شو نحنا زبالة هون؟”.

“المسؤول” يجيب عندها: “لأ أكيد لأ، خلص ما تعتل همّ عطيني ورقتك وانا بمشيك”. نادى للموظف في الداخل وسلمه الايصال الخاص بشقيقتي وطلب منه بإصدار دفتر السوق بسرعة. وبعد خمس دقائق يخرج ويسلمني الدفتر يقول لي: “عفوا من جديد ما تواخذونا على التأخير بس بتعرف وضع بلدك كيف!” .

 

ربما البعض سيقول بماذا اختلف عن غيري من المواطنين “الـVIP” طالما قبلت بما جرى، وربما هم على حق، لكن عندما كنت انتظر كي ينتهي من اصدار دفتر القيادة، عادت الموظفة لتنادي من جديد من خلف “الكونتوار” الأرقام وجاء دور شقيقتي.

ويبقى السؤال البديهي.. ماذا لو اعتمِدَت الطريقة المناسبة في التقديم والتسليم من دون المحسوبيات والـVIP؟ لمَ لا تسري الامور في بلدنا بسلاسة من دون منطق البهورة “وشوفة الحال” وعدم احترام المواطنين العاديين؟

لكن للأسف تطور التكنولوجيا والمكننة لا تناسب إدارتنا في حال لم نغير العقلية القديمة التي تعتمد، فتغيير المعدات بحاجة الى تغيير في عقلية اللبنانيين، فالبشر اهم من الحجر!”.

ربما هذا مثال بسيط عن المنطق السائد في اداراتنا ومعاملاتنا ودولتنا وحتى مجتمعنا.. فهل ننتهي قريباً من سيف الـVIP المسلّط على أعناق اللبنانيين؟!