اشارت صحيفة “الراي” الكويتية الى أنه ارتسمتْ في لبنان ملامح عملية استقطابٍ حادّة على خلفيةِ القانون الذي سيحكم الانتخابات النيابية المقبلة (في أيار المقبل)، تشي بأنّ لعبة “مَن يصرخ أوّلاً” ستكون مفتوحة على المزيد من الفصول التي تتشابك فيها التعقيدات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية.
وما يعكس دخول هذا الملف مرحلة “مخاض” ستفضي إما لولادة قانون جديد او “استنساخ” قانون الستين الحالي بعد إدخال تعديلات عليه أو استعادة البلاد مناخ التأزم السياسي والدستوري بحال الفشل في إجراء الانتخابات بمواعيدها ورفْض إمرار أي تمديد جديد للبرلمان الذي تنتهي ولايته في حزيران المقبل، هو أن رئيس الجمهورية ميشال عون يلعب دور “الرافعة” مسيحياً لقوى الضغط لإقرار قانون بديل عن النافذ الذي جرتْ على أساسه انتخابات 2009، مقابل تولي الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط دور “رأس حربة” الرافضين لأي صيغةٍ تعتمد على نظام الاقتراع النسبي (يصرّ عليه بصيغة أو بأخرى عون) ولا تجعل قضاءيْ عاليه والشوف دائرة واحدة.
وغداة رسْم عون معادلة أمام مجلس الوزراء فاجأت كثيرين وتقوم على: الفراغ في السلطة التشريعية ولا التمديد ولا انتخابات إلا بقانون جديد، أكمل هذا “التعهّد” في اتجاه المجتمع الدولي إذ أكد على مسمع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الاوروبية فيديريكا موغريني التي زارتْ بيروت ان “الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها وفق قانونٍ يتجاوب وتطلّعات اللبنانيين في تمثيل يحقق التوازن ولا يقصي احداً”.
وبدا واضحاً وفق مصادر سياسية أن القوى المسيحية الوازنة ولا سيما رئيس الجمهورية وحزبه (التيار الوطني الحر) و”القوات اللبنانية” تريد الاستفادة من الدفع الذي شكّله انتخاب عون رئيساً والضغط الدولي لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها لمحاولة “اقتناص” قانون انتخاب جديد يرفع من عدد النواب المسيحيين الذي يُنتخبون بأصوات مسيحية بما يتيح تكبير حصة الأحزاب المسيحية الرئيسية ويكمل ما تعتبره “نسخة جديدة” بدأ تطبيقها من اتفاق الطائف الذي يرتكز على الشراكة الفعلية باعتبارها قاعدة احترام “الميثاقية”.
واذ تذكّر هذه المصادر بأن “لقوات اللبنانية” كانت ذهبت قبل أكثر من 3 أعوام في معرض خوضها “معركة إسقاط قانون الستين” الى حدّ استخدام اقتراح “القانون الارثوذكسي” (كل طائفة تنتخب نوابها) بمثابة “الرصاصة الأخيرة” لـ “قتل” الستين وهو ما ترك “ندوباً” في علاقتها مع تيار “المستقبل”، فهي ترى ان القوى المسيحية الرئيسية تبدو مصمّمة على استكمال هذا المسار ولو اقتضى الأمر رفْع “التدافع” السياسي الى مستويات قاسية، معتبرة أن ذلك ليس كافياً في الوقت نفسه لاعتبار أن الطريق امام ولادة قانون جديد باتت سالكة بدليل تشدُّد جنبلاط المقابل حتى الساعة وصعوبة التوفيق بين استيلاد بديل للستين وبين اعتماد معايير موحّدة وفي الوقت نفسه مراعاة خصوصية الزعيم الدرزي الذي يعتبر أنه اذا كان قانون الانتخاب طائفياً ومقتضياته ميثاقية فلا يمكنه أن يمرّ “فوق رأي” المكوّن الدرزي وهذا ما يلاقيه فيه كل من “حزب الله” والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري.
وكان لافتاً في هذا السياق ان جنبلاط ردّ عبر “تويتر” على موقف عون في مجلس الوزراء كاتباً “غير منطقي القول إما النسبية أو الفراغ، هناك احتمالات عدة غير هذه النظرة الاحادية، الحوار هو الحل بدل الاقصاء”، فيما كان النائب في كتلته أكرم شهيب ينتقد ضمناً الاجتماع الرباعي الذي عُقد بعد الجلسة الوزارية في القصر الجمهوري ولم يُدع اليه اي ممثل لجنبلاط.
وفي حين استُكملت امس، الاتصالات حول قانون الانتخاب وأطل رئيس “القوات” سمير جعجع غداة الاجتماع الليلي الذي عُقد في مقره وضمّه الى رئيس “التيار الحر” الوزير جبران باسيل والنائب ابرهيم كنعان والوزير ملحم رياشي، فإن المعلومات تشير الى ان الخيارات المطروحة لإقرار قانون جديد وبينها المركّب اي التأهيل في القضاء على الأكثري والانتخاب في المحافظة على النسبي، او صيغة ثالثة بين اقتراح بري حول المختلط (النسبي والأكثري) واقتراح “القوات” وجنبلاط و”المستقبل” ما زالت دونها تعقيدات تشي بأن الايام المقبلة ستكون مفتوحة على المزيد من جولات “شدّ الحبال” على حافة المهل الزمنية الضاغطة.