استطاعت “حركة أمل” وحليفها “حزب الله” تمرير مشروع قانون التمديد للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في البرلمان اللبناني، ويقضي المشروع بالتمديد لولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس لمدة ثلاث سنوات وملء المراكز الشاغرة.
القانون الذي قدّمه نائبا “حزب الله” و”حركة أمل”، حسن فضل الله وعلي بزي، ومرّ في “خط عسكري” – كما نقل معارض شيعي عن أحد النواب – أدى إلى إطلاق صرخة فئة شيعية ثالثة محذّرة من أن يتحوّل هذا الأمر إلى سابقة، ودعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى التدخّل وإعادة النظر فيه.
وبعد إصدار الشخصيات الشيعية المعارضة بيانا اعتبرت فيه التمديد للمجلس الشيعي ليس شأنًا داخليًا يخص الطائفة الشيعية، بل هو شأن له تداعيات على واقع الحال الوطني اللبناني، عادت وأرسلت رسالة تحمل مضمون البيان إلى “المواطن الرئيس ميشال عون” تدعوه للقيام بواجباته في حراسة الدستور، بحسب ما لفت لقمان سليم، مدير “مركز أمم للأبحاث والتوثيق” المعارض لـ”حزب الله”، الذي كان إحدى الشخصيات الشيعية التي اجتمعت للبحث بهذا التمديد، وأصدرت البيان.
وعن الأسباب التي أدّت إلى اتخاذ قرار التمديد، يقول النائب في “كتلة حركة أمل” الوزير السابق غازي زعيتر لصحيفة ”الشرق الأوسط”: “ليس تهربًا من الاستحقاق إنما لإفساح المجال أمام إجراء التعديلات اللازمة على النظام الداخلي، ومن ثم إجراء الانتخابات”. واعتبر زعيتر 99 في المائة من الطائفة الشيعية متفقة في هذا الشأن ولا خلاف حوله، مؤكدًا أن “لا شيء يمنع من إجراء الانتخابات قبل مرور ثلاث سنوات إذا تم التعديل اللازم”.
في المقابل، قال سليم لـ”الشرق الأوسط” شارحًا وجهة النظر المعارضة: “نريد أن نصدّق أن الرئيس الذي وعد في خطاب القسم بحرصه على احترام الدستور أنه يعمل لتحقيق ذلك، وكما هو اليوم أمام المحك في موضوع الانتخابات النيابية، الوضع نفسه بالنسبة إلى هذا القانون الذي هرّب في مجلس النواب بطريقة غير دستورية وغير قانونية ولا وطنية”. وأضاف سليم: “الثنائي الشيعي ينادي بالقوانين العادلة في الانتخابات النيابية ويمنع هذه الانتخابات في الدائرة الشيعية الأصغر المتمثلة في المجلس الإسلامي”، لافتًا إلى أن أحد النواب الشيعة قال: “مشروع القانون هذا الذي ذيّل بتوقيعي نائبي (حزب الله) و(حركة أمل) مرّر في خط عسكري، وبالتالي، هل يمكننا أن نقف بوجهه؟”. وتابع سليم أن “الفضيحة” تكمن في أن القانون الذي يفترض أنه يعني كل مشرّع في لبنان ولا يتعلّق فقط بطائفة دون غيرها، وقّع عليه كل النواب من دون اعتراض من أي طرف، وبالتالي، فالسكوت عن هذا الموضوع يسجّل سابقة خطرة في مجلس النواب. ورأى إقدام “الثنائي” الشيعي تمرير القانون وتفادي إجراء الانتخابات في المجلس، يعود لأسباب عدّة أهمها، أنه مهيمن على أي قرار يتعلّق بالطائفة، لكنه يكشف في الوقت عينه أن المعنيين بانتخابات المجلس الذين يمثلون فئة تضم النخب من الطائفة الشيعية، من النقابيين والوزراء والنواب والمحامين والأطباء وغيرهم، فئة غير موثوق بها بالنسبة إلى “الثنائي”، كما أنه غير واثق من تأييدها له أو التأثير عليها. ثم أضاف: “من هنا جاء قرار التمديد الذي يؤدي أيضا إلى تفادي النقاش بتوزيع الحصص بين الطرفين ويكتفي بملء الشواغر في المجلس الذي يبقى أسهل من إعادة تكوين الهيئتين”.
هذا، ودعت الشخصيات الشيعية المعارضة في بيانها، جميع اللبنانيين: “لا سيما أولئك الذين يظنون أن الطائفة الشيعية كتلة صماء تُطيعُ كرجل واحد جهة واحدة، إلى أن يقرأوا في التمديد للمجلس الشيعي، وفي اعتماد الانتخابات بدلا من التعيين، ما يَتَوَجَّسُهُ حزبا الثنائية من نتائج أي انتخابات قد تدعى النُّخَبُ الشيعية المدنية والدينية إليها للتعبير عن رأيها في إدارة شؤون الطائفة وتوجهاتها، وعلاقاتها مع اللبنانيين الآخرين، ومع محيطها العربي”.
وجاء فيه: “في مفارقة أن الحزبين اللذين اقترحا التمديد، هما الحزبان اللذان لا يكفان عن المرافعة عن ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، وعن ضرورة وضع قانون جديد للانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الشامل، لكنهما يعمدان في الوقت نفسه إلى حرمان أبناء الطائفة الشيعية من ممارسة حقهم في إدارة شأنهم الثقافي والديني الخاص، وفي الرقابة على من يتولون هذا الشأن في إطار المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وهو المؤسسة التي أريد من وراء إنشائها أن تكون عنوانًا لنهضتهم وتطورهم وتحررهم، وتساويهم بالجماعات اللبنانية الأخرى”. وفي حين اعتبر البيان التمديد “فضيحة يراد التستر عليها”، رأى أن التمديد يقول من حيث لم يرد أصحاب الولاية السياسية عليه، إن كل الأعمال التي صدرت عنه خلال الفترة السابقة، من قرارات إدارية أو تصرفات بأوقاف أو أموال، أو عبث بأنظمة داخلية، تفتقد إلى القانونية، وأنها باطلة وقابلة للطعن فيها، وهذا ما يجب أن يكون. كما أن هذا التمديد يجعل من الحزبين صاحبي تلك الولاية السياسية شريكين في تلك الأعمال، أو في أقل تقدير، يجعلهما شريكين في السكوت عن تلك الأعمال.
وتوجه البيان إلى رئيس الجمهورية بدعوته إلى البر بقسمه أن يكون حارس الدستور، وبما تعهد به في خطاب القسم من أن يجعل الدستور فوق الجميع وإلى التصرف بما اؤتمن عليه من صلاحيات، وإلى الطلب أن يعاد النظر في قانون التمديد هذا فتكون إعادة النظر هذه، بما تعنيه من إعادة للحياة الديمقراطية إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، توثيقًا للعهد بين رئيس الجمهورية واللبنانيين بأن الدستور يعلو ولا يعلى عليه.