وجهت شخصيات شيعية كتابا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رأت فيه أن “عيوبا قانونية ودستورية شتى تعتري قانون تمدد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى”، طالبة “إعادة النظر في قانون التمديد هذا، فتدرأوا المخالفة التشريعية بالدستور”.
وجاء في الكتاب: “تحية وسلاما موصولين بالتهنئة بانتخابكم رئيسا للجمهورية.
في السابع من كانون الثاني 2017 دعوتم مجلس النواب إلى عقد استثنائي يفتتح في 9 كانون الثاني الجاري.
لبى المجلس دعوتكم والتأم للتشريع ابتداء من 18 من الجاري، وكان من عداد ما صوت عليه، في 19 منه، من خارج جدول الأعمال، قانون قضى بأن “تمدد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لمدة ثلاث سنوات من تاريخه، وبأن تملأ مراكز الأعضاء الشاغرة في الهيئتين الشرعية والتنفيذية بقرار من رئيس المجلس أو من يقوم مقامه بعد موافقة الهيئة الحاصل فيها الشغور.
إن التمديد للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، يا فخامة الرئيس، ليس شأنا مذهبيا ولا شأنا حزبيا، وإلا لما اقتضى تشريعا من مجلس النواب. ولأنه كذلك فحق هذا التشريع أن يكال بمكيال الدستور، والانتظام العام، والمصلحة الوطنية لا بأي مكيال حزبي أو فئوي، أو حتى مذهبي.
لا نشك يا فخامة الرئيس في أنه قد استوقفكم أن النائبين اللذين تقدما باقتراح قانون التمديد للمجلس الشيعي وملء الشواغر فيه بالتعيين وصوت عليه مجلس النواب، يمثلان الحزبين اللذين يتكلمان دائما على ضرورة وضع قانون جديد للانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الشامل، مع اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة أو اعتماد الدوائر الكبرى، ولا نشك في أن المفارقة في ذلك قد استوقفتكم كما استوقفتنا. فكيف يستقيم لمن يبشر بعدالة التمثيل على المستوى الوطني أن يذهب إلى حرمان أبناء طائفته ممارسة حقهم في إدارة شأنهم الثقافي والديني الخاص، وفي الرقابة على من يتولون هذا الشأن في إطار مؤسستهم الخاصة، التي أريد من وراء إنشائها أن تكون عنوانا لنهضتهم وتطورهم وتحررهم، وتساويهم بالجماعات اللبنانية الأخرى، وذلك عبر التمديد لها على يد مجلس نواب مدد لنفسه حتى الآن مرتين؟
فضلا عن هذه المفارقة، فإن عيوبا قانونية ودستورية شتى تعتري هذا القانون، وإذ نسمح لأنفسنا بأن نضعها بين أيديكم، فلأنكم المؤتمنون، قبل أي أحد، على الدستور وعلى سيادته.
1- لقد خلا القانون الذي صوت عليه مجلس النواب ونص على التمديد للمجلس الشيعي وعلى ملء الشواغر بالتعيين من الأسباب الموجبة، وإذا كانت “الظروف الاستثنائية” هي الحجة-السبب الذي برر به مرتين خلال الأعوام الماضية التمديد للمجلس النيابي، فهذه الحجة قد سقطت، ففي العام الماضي شهد لبنان انتخابات بلدية، كما شهد عددا من الانتخابات الملية والنقابية (الرابطة المارونية، نقابة المحامين، رابطة الأساتذة، إلخ…)، وفي الأشهر المقبلة يتهيأ لبنان لانتخابات برلمانية عامة، فهل يعقل أن تتوافر الأسباب لتنظيم انتخابات على مستوى الوطن وأن يتعذر انتخابات على مستوى طائفة؟
2- إن هذا القانون لا تبرره ظروف استثنائية قاهرة ولا ضرورات قصوى، وهو بالتالي مخالف للدستور، لأنه يعطل المبدأ الدستوري القاضي بدورية الانتخابات، ويحرم الناخبين حقهم في الاقتراع. أضف إلى هذا المبدأ العام أن المجلس الدستوري قد أفتى في حالة مشابهة بـ”أن تدخل المشترع، (مجلس النواب)، للمحافظة على النظام العام الداخلي يجب أن يبقى في حدود الدستور، وشرطه في ما خص تنظيم شؤون الطوائف أن لا يؤدي إلى المساس باستقلالها الذاتي والحلول محلها في إدارة هذه الشؤون”.
3- إن المشترع في تمديده ولاية هيئتي المجلس لم يكتف بأن حرم الناخبين حقهم بالاقتراع، بل أعطى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حق تعيين الأعضاء في الهيئة التي تنتخبه، وهذه الهيئة هي، في الأصل، ووفقا لقانون إنشاء المجلس الشيعي 72/67، هيئة منتخبة من الهيئة العامة للمجلس التي لم تدع إلى إجراء الانتخاب، وبهذا يكون “مجلس النواب قد تجاوز صلاحياته الدستورية، وأحل نفسه محل مؤسسات الطائفة وأطاح استقلالها الذاتي ومبدأ الانتخاب في تكوين مؤسساتها، (المجلس الدستوري، قرار رقم 2/2000 تاريخ 8/6/2000).
إن موقعي هذه الرسالة، حرصا منهم على ألا يتحول التشريع إلى باب من أبواب الالتفاف على الدستور، والإخلال بالانتظام العام، يدعون فخامتكم إلى الطلب من الآخرين الذين أقسمتم، يوم انتخابكم، في ملأ منهم ومحضر على حراسة الدستور، أن يلتزموا ما ألزمتموه أنتم، وما تعهدتم به في خطاب القسم من جعل الدستور فوق الجميع، كما يدعونكم برجاء، إلى أن تتصرفوا بما اؤتمنتم عليه من صلاحيات، وأن تطلبوا إعادة النظر في قانون التمديد هذا، فتدرأوا المخالفة التشريعية بالدستور، وتكون إعادة الديموقراطية إلى تكوين المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الترجمة العملية لقسمكم، وتكون توثيقا للعهد الذي بينكم وبين اللبنانيين كافة، بأن الدستور يعلو ولا يعلى عليه.
آملين من فخامتكم ألا تدعوا هذه المخالفة الوطنية والدستورية تمر مرور الكرام، وأن تستجيبوا دعوتنا في إطار صلاحياتكم الرئاسية.
مع التقدير والاحترام الأكيدين والاستبشار الدائم.
بالنيابة عن أعضاء الهيئة العامة للمجلس الشيعي الواردة أسماؤهم أدناه، وعن أعيان آخرين من اللبنانيين الشيعة حضروا الاجتماع
إبراهيم محمد مهدي شمس الدين
دينيون:
السيد محمد حسن الأمين، السيد ياسر إبراهيم، الشيخ عباس الجوهري، الشيخ محمد علي الحاج.
وزراء سابقون:
الدكتور عدنان مروه، الدكتور ناصر السعيدي، إبراهيم شمس الدين.
محامون:
خليل الخليل، غالب ياغي، محمد مطر، مياد حيدر.
مهندسون:
راشد حماده.
جامعيون:
أحمد خواجة، ألفت السبع، حارث سليمان، سعود المولى، منى فياض، مهند الأسعد، يوسف مرتضى.
إعلاميون:
جاد الأخوي، علي محمد حسن الأمين، ياسر الجوهري، أحمد عياش، مصطفى فحص، عماد قميحة، هادي مراد، مالك مروة، فاروق يعقوب.
ناشرون:
لقمان سليم.