كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:
أضحت عبوات المياه التي يُعاد استخدامها من بين الأدوات الرئيسة التي تُرافق الأولاد، والشباب، والكبار طوال اليوم نظراً إلى تكلفتها الفعّالة وإعتبارها صديقة للبيئة. لكنّ الحقيقة هي أنّ هذه القناني تحتاج إلى تنظيف مستمرّ يتمّ غالباً تجاهله، ما يؤدّي إلى إنعكاسات غير متوقّعة قد لا تمرّ مرور الكرام.
يبدو أنّ عدم الحرص على غسل عبوات المياه بإنتظام والإستمرار في إستخدامها مرّات عديدة متتالية قد يؤدّي إلى ابتلاع عدد كبير من الجراثيم مع المياه.
إستناداً إلى بيانات صدرت عام 2016، يمكن للعبوات التي يُعاد إستعمالها أن تحتوي كائنات حيّة عديدة توازي تلك المتوافرة في بعض الأدوات الأكثر إكتظاظاً بالبكتيريا، كالأداة التي توضع فيها فرشاة الأسنان، وكُرسيّ المرحاض، وألعاب الحيوانات الأليفة…، لا بل تتخطّاها أحياناً.
جمع الباحثون 12 مسحة تابعة لثلاثة أنواع مختلفة من عبوات المياه التي لم تُغسل لأسبوع. وبعد تحليلها في المختبر، وجدوا أنّ بعض القناني يحتوي نحو 300 ألف وحدة بكتيريا لكلّ سنتيمتر مربّع. علماً أنّ ألعاب الحيوانات الأليفة تحتوي في المتوسط أقلّ من 3000 وحدة بكتيريا لكلّ سنتيمتر مربّع.
صحيح أنّ هذه الدراسة لم تخضع لاختبار علمي دقيق وبالتالي يصعب حسم هذه النتيجة، إلّا أنها في المقابل تؤكّد نظرية أنّ العبوات غير المنظّفة تشكّل أرضاً خصبة لنموّ الجراثيم، وفق ما توصّلت إليه الأبحاث السابقة.
بحسب دراسة نُشرت عام 2002 في «Canadian Journal of Public Health»، فحص الباحثون أكثر من 70 عيّنة من المياه المُستخرَجة من عبوات طلاب المدارس الإبتدائية، بعضها أُعيد إستعماله من دون تنظيفه أولاً. تبيّن لهم أنّ تُلثي العيّنات تقريباً تخطّت مستويات البكتيريا فيها المبادئ التوجيهية لشرب المياه النقيّة.
ويعتقد باحثو هذه الدراسة أنّ المصدر المُحتمل للتلوّث يرجع إلى أيدي الأولاد. وقالوا في هذا السياق إنّ “غسل اليدين غير الكافي وغير السليم بعد دخول التلاميذ الحمّام قد يؤدّي إلى جُزيئات شبيهة بالبراز في قاعة الدراسة”.
ولفتوا إلى أنّ البكتيريا قد تتكاثر من خلال طرق أخرى، كالرطوبة التي تتشكّل من العبوة التي تبقى على حرارة الغرفة. وكما هو الحال مع أيّ شيء مرتبط بالبكتيريا، فإنّ إبتلاعها يزيد إحتمال التعرّض لبعض الإنعكاسات الجسدية، كالغثيان والإسهال.
ما الحلّ؟
أفادت الأستاذة المشاركة في «University of Arizona Zuckerman College of Public Health»، كالي رينولدز، أنه “يجب أولاً عدم الهلع كثيراً! إذا ابتلعتم البكتيريا، وعلى الأرجح أنكم تتعرّضون لذلك من خلال وسائل أخرى، فإنّ غالبية هذه المشكلات التي تُصيب المعدة لا تؤتي ثمارها، أو تعالج نفسها عادةً”.
وأضافت أنّ إلتهابات الجهاز الهضمي تختفي عموماً من تلقاء نفسها خلال أيام قليلة ومن دون علاج عند البالغين الذين يتمتّعون بصحّة جيّدة. غير أنّ بعضها قد يستمرّ لأسابيع ويؤدّي إلى تعقيدات صحّية أكثر حدّة.
لا شكّ في أنّ تنظيف العبوات بعد كلّ إستخدام يُعتبر أفضل وسيلة للتخلّص من الجراثيم المُزعجة والمؤذية، غير أنّ طريقة الغسل تكون أكثر تعقيداً بقليل: إذا كنتم تُعيدون إستعمال عبوة المياه البلاستيكية العادية، ليس من المحبّذ الإكتفاء فقط برميها في غسّالة الصحون.
الحرارة المرتفعة المُنبعثة من هذه الآلة قد تؤدّي إلى تفكيك بعض جُزيئات البلاستيك، ما يُعرّضكم لخطر مزجها مع المياه عند الشرب منها مجدداً. أمّا العبوات الآمنة الإستعمال في غسّالة الصحون فهي حتماً مُفيدة، وخطر التأثير في المركّبات الكيماوية البلاستيكية يكون ضئيلاً.
لكن على رغم ذلك، يرى الخبراء أنّ أفضل نوع من العبوات التي يُعاد إستخدامها هي تلك المصنوعة من الفولاذ المُقاوم للصدأ (Stainless Steel) الذي قد يكون أكثرَ مقاومةً للجراثيم. وفي حال عدم إمتلاك غسّالة صحون، الأفضل تنظيفها بواسطة مياه ساخنة، وصابون، وفرشاة مُخصّصة للعبوات لبلوغ مختلف الزوايا الداخلية. كذلك من المهمّ الحفاظ على نظافة اليدين لتقليص خطر إنتقال الجراثيم إلى أيّ سطح.