ذكرت “الوكالة المركزية” أنه وبعيدا من مجموعة الروايات والتسريبات المتناقضة الجاري تسويقها حول قانون الانتخاب الجديد بين قائل ان المختلط بين الأكثري والنسبي ما زال مطروحا وآخر يبشر بطرح مشروع الوزير مروان شربل المعروف بقانون حكومة ميقاتي ذي الدوائر الثلاثة عشرة او تلك التي تتحدث عن قانون الدوحة معدلا مرة أخرى، ما زالت الدوائر السياسية والحزبية تتمعن في مضمون ما تسرب من لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في اعقاب جلسة مجلس الوزراء الأربعاء الماضي والذي اوحى بالاتفاق على وضع قانون جديد قبل نهاية شباط الجاري.
لكن السؤال يبقى مطروحا حول شكل هذا القانون والتقسيمات الإنتخابية التي ستعتمد فيه وماهية الآلية العملية الإنتخابية وهل ستجري على قاعدة الأكثرية ام النسبية ام ان الخلط بينهما ما زال ممكنا؟
مراجع معنية بالملف توقفت عبر “المركزية” امام سلسلة التسريبات المشار اليها فقالت ان معظمها مشاريع وهمية، وانها وان كانت من نتاج لقاءات ثنائية وثلاثية تناقش في سلة القوانين المطروحة لكنها لم ترق بعد الى مرحلة الإنتقال بها الى صالون اوسع يتسع لعدد اكبر من ممثلي الفرقاء السياسيين والحزبيين.. وفي المعلومات المتداولة ان فريقين من خبراء القوات اللبنانية والمستقبل يعملان على اعادة النظر في مشروع مختلط تم استخراج مفاهيمه وعناوينه الجديدة من المشروع الذي تبناه الحزبان مع الحزب التقدمي الإشتراكي قبل ان يتنصل منه النائب وليد جنبلاط عائدا الى المربع الأول للمناداة بقانون أكثري يعطي الدوائر التي يؤثر فيها، مميزات لا تتمتع بها باقي الدوائر الإنتخابية.
وفي هذه الأجواء يلتقي خبراء من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية للبحث في قانون جديد ينطلق من حيث يتلاقى مشروع القوات والمستقبل والإشتراكي المختلط ومشروع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بعد اطلاع حزب الله على عناوين المشروع الجديد من بوابة ما يحويه من دعوة الى النسبية الجزئية في الدوائر الإنتخابية… وما بين هذه اللقاءات تجري اتصالات متفرقة من وقت الى آخر بين التيارين البرتقالي والأزرق وامل وحزب الله حول مشروع حكومة ميقاتي على خلفية اعادة النظر في ثلاث أو أربع دوائر انتخابية منها ما يتصل بالإعتراف للمرة الأولى بكيان انتخابي مستقل لمحافظتي عكار وبعلبك – الهرمل الجديدتين بشكل يعطي الحضور المسيحي فيهما دورا تمثيليا اكبر بشكل يضمن لشركائهما من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية حصة اكبر من النواب المسيحيين في الدائرتين الجديدتين وهو ما ينظر اليه كل من حزب الله والمستقبل على انه محاولة لتقليص حصتهما النيابية المسيحية، ليس قلقا على قوتهما انما مراعاة لمطالب النواب المسيحيين الحاليين المهددين بانتهاء ولايتهم النيابية فور إجراء الإنتخابات النيابية على اساس هذا القانون.
والى هذه المشاريع المطروحة هناك من يتحدث عن امكان طرح المشروع الجديد للوزير مروان شربل الذي سلمه قبل ايام الى الرئيس عون وقبل عشرة ايام الى الرئيس نبيه بري واللذين يخضعانه للدرس تمهيدا للبحث فيه فور الإنتهاء من الحديث عن النظام المختلط او النسبية الكاملة كما قالت مصادر تتابع مصير المشروع الجديد. وكل ذلك يجري تحت عنوان اعادة نظر كبيرة في قانون الدوحة واعادة توزيع للدوائر ما يضمن بالحدود الدنيا ان يختار المسيحيون من خلاله 52 مقعدا نيابيا بأصوات مسيحية. فيما يختار بموجبه الناخبون السنة والشيعة 23 نائبا لكل منهما والدروز لإنتخاب خمسة نواب باصوات درزية مرجحة مع قدرة الجميع على انتخاب مجموعات متفرقة من النواب من طوائف ومذاهب أخرى بشكل متساو تقريبا.
والى ان تنتهي مجموعة اللقاءات الجارية في الخفاء التي تعبر عنها التسريبات المتتالية على طريقة “كل يغني على ليلاه” سيبقى الجميع في انتظار التثبت من نوع القانون الذي اتفق على التوصل اليه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في خلوتهما الأربعاء الماضي في مهلة عشرة ايام كما قال وزير الاعلام ملحم رياشي تزامنا مع اشارة وزير الداخلية نهاد المشنوق الى امكانية التوصل اليه في نهاية الشهر الجاري.
وعلى خلفية الطروحات المتناقضة والمتشابكة الى حد بعيد يخشى المراقبون من الوصول الى الحائط المسدود في وقت قريب. فليس لدى العارفين بالكثير من التفاصيل اي امل في إمكان الوصول الى اي مشروع يجمع حوله الساعون الى قانون جديد. ومرد هذه القناعة الى ان التفاهم بين مكونين حليفين على الأقل ما زال متعثرا. ولذلك سألت:
– هل بامكان اي كان من اركان قيادتي القوات او التيار الوطني الحر الحديث عن قانون يجمعان عليه في الشكل او في المضمون؟
– وهل بامكان الحديث عن قانون يجمع المستقبل والإشتراكي مع اي من المكونات الأخرى كأمل وحزب الله والتيار الوطني الحر؟
– وهل بامكان اي طرف ان يحدد النقاط المشتركة التي التقى حولها اطراف “اللجنة الرباعية” التي جمدت اعمالها منذ فترة رغم وجود اقطابها الأربعة في بيروت منذ ايام.
– وهل ان الحديث عن نعي اكثر من مسؤول من قيادتي امل وحزب الله للجنة الرباعية وهم ام حقيقة؟ رغم اعتراف قيادات منهما ان عملها كان خطأ كبيرا في ظل فقدان اي نقاط جامعة او مشتركة يمكن ان يتوصل اليها ممثلو أطرافها الأربعة.
وفي انتظار الأجوبة المفقودة على هذه الأسئلة المطروحة، تبقى الإشارة ضرورية الى ان احدا لن يتمكن من فرض الصيغة التي تلائمه. فالمعادلات معقدة ما فيه الكفاية ومحاولات الفرض انتهت واحدة تلو أخرى وتهاوت مشاريع حلم بها بعضهم لبعض الوقت قبل ان يكتشف سرابها. والى ان تتبدل المواقف فالرهان معقود على امكانية اجتراح العجائب في حال الوصول الى قانون يجمع ولا يفرق قبل الإصطدام بالمأزق الكبير. في ما يعتبر العارفون ان “قانون الستين” ما زال الأقوى وما يزيده قوة امكان اعادة النظر في بعض دوائره في الربع الساعة الأخير ليشكل المخرج الممكن رغم النتائج السلبية المترتبة على ما سيكون مطروحا في هذا الصدد.