تشترك مصادر وزارية مقربة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس سعد الحريري في توقع إنجاز قانون الانتخاب قريباً “لأنه اتفق مع عون على ذلك”، لكنها تعتبر أن إنجاز الموازنة قد يأخذ وقتاً أكثر لأسباب تقنية ولإشباعها درساً وتمحيصاً أكثر من أجل التدقيق في أرقامها وخصوصاً الواردات فيها.
لكن مصادر وزارية أخرى معنية بقانون الانتخاب قالت لصحيفة “الحياة” أنها تشك في إمكان الاتفاق على قانون الانتخاب، نظراً إلى أن المواقف متباعدة بين من يطالب باعتماد النظام النسبي كاملاً (“حزب الله” ومعه حلفاء له) ومن يدعو إلى اعتمادها جزئياً في قانون مختلط يوزع المقاعد النيابية على النظامين الأكثري والنسبي (“التيار الحر” و “المستقبل” و “القوات اللبنانية” إضافة إلى “الكتائب” وقوى تبدي استعداداً للبحث بها وفق توزيع للمقاعد يلائمها)، ومن يطالب بالإبقاء على النظام الأكثري كما هو قانون الستين (“اللقاء النيابي الديموقراطي” وبعض الرموز المسيحية المستقلة). وفي وقت تدفع هذه الخلافات على الصيغ الانتخابية أوساطاً إلى التشاؤم، تقول مصادر أخرى أن الفرقاء باتوا ملزمين بالتوصل إلى تسوية بعد أن أدلى كل منهم بدلوه وقام برفع سقف مطالبه وحان الوقت لتقديم التنازلات المتبادلة.
وتشترك أوساط عدة في رسم 3 سيناريوات حول النتائج المنتظرة من مرحلة شد الحبال واللعب على حافة الهاوية في شأن قانون الانتخاب بالقول إن السيناريو الأول الذي يقضي بأن تذهب البلاد إلى تأزم نتيجة رفض رئيس الجمهورية التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في 21 الجاري وفق قانون الستين الساري المفعول، وتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات وتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لتنظيم الاقتراع، استبعد على الأرجح. فهذا السيناريو يؤدي إلى تعذر إجراء الانتخابات ويقود إلى الفراغ النيابي الذي كان عون لوح به إذا كان الخيار بين “الستين” وبين التمديد للبرلمان الحالي.
لكن مصادر متعددة أوضحت لـ “الحياة” أن هذا السيناريو تراجع بعد أن تفاهم الحريري مع عون على أن بلوغ الأزمة هذا الحد لن يكون في مصلحة العهد والمحاولات التي يبذلها كلاهما بالاستناد إلى الاستقرار الموعود الذي أطلقه انتخابه للرئاسة وإنهاء الفراغ الرئاسي من أجل جذب المساعدات والاستثمارات للبلد.
وقالت مصادر سياسية متعددة لـ “الحياة” أن سبباً آخر لاستبعاد سيناريو التأزيم هذا، هو أن سفراء الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبعض السفراء والمسؤولين العرب (بمن فيهم وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان) حذروا، كل على طريقته، من أن الوقوع في الفراغ مرة أخرى سينعكس سلباً على النظرة الإيجابية التي أعقبت انتخاب الرئيس عون وأنه لا تجوز العودة إلى لعبة الفراغ التي اعتمدت سابقاً من أجل تبوؤ عون الرئاسة، فيقع البلد فيه مجدداً بعد انتخابه، في شكل يوحي بأن تبوأه المسؤولية لم يحل المشكلة. وقالت المصادر لـ “الحياة” إن بعض السفراء لمّح إلى أن المساعي المبذولة لمساعدة لبنان على تخطي أزمته الاقتصادية ستتأثر سلباً في حال الفراغ النيابي، خصوصاً أنه سيسبب عودة إلى التشنجات في البلد. وهذا ما دفع هؤلاء السفراء جميعاً إلى إصدار بيانات تباعاً تشدد على إجراء الانتخابات في موعدها. هذا فضلاً عن أن مصادر وزارية عدة أكدت لـ “الحياة” أن “حزب الله” أبلغ رئيس الجمهورية أن الفراغ في السلطة التشريعية مغامرة كبرى لا سيما أنها تقضي على فرصة إنتاج قانون انتخاب جديد ولو متأخراً، طالما أنه يستحيل أن يرى النور من دون إقراره من قبل النواب الحاليين.
أما السيناريو الثاني، فهو أن يمتنع الرئيس عون عن التوقيع على المراسيم المطلوب صدورها ضمن المهلة القانونية، لكن أن يتم التوصل إلى صيغة وسطية لقانون الانتخاب قبل نهاية ولاية البرلمان، بحيث يلتئم لإقراره ثم أن يلجأ إما إلى تقصير مهل إجراء الانتخابات إذا كانت المدة المتبقية قبل انتهاء ولايته كافية، لاستكمال الإجراءات القانونية لعملية الاقتراع، أو أن يلجأ إلى ما يسمى “التمديد التقني” للبرلمان بفعل الحاجة إلى التأقلم مع القانون الجديد.
أما السيناريو الثالث فهو، وفق معنيين بالتفاوض على القانون، التوصل إلى تسوية على القانون قبل آخر الشهر، حيث يتم استدراك مسألة المهل التي تفرض على وزير الداخلية دعوة الهيئات الناخبة استناداً إلى القانون الحالي. ويراهن أصحاب هذا السيناريو على أن يكون كل الفرقاء استنفدوا لعبة إيصال الأمور إلى حافة الهاوية، ورفع السقوف قبل التفاوض الجدي. وثمة من يعتقد أنه حتى تلويح عون بالفراغ كان في هذا الإطار.