كتبت صحيفة “الجمهورية”:
حرّمت الدول صناعة استخراج الزيت من الجفت، والذي تسبب بآلاف الوفيات في عدد من البلدان، وهو مسبّب أساسي للسرطان ولتشوهات البنية الوراثية. لكن هذه الصناعة لا تزال قائمة في لبنان، وتحديداً في بلدة بزيزا الكورانية.قبل أيام قليلة، صدر عن المكتب الاعلامي لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، البيان الاتي:»عطفاً على ما يتم تداوله في بعض الوسائل الاعلامية حول مصنع سحب الزيت وتكريره في بلدة بزيزا في قضاء الكورة، أرسل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كتاباً الى محافظ لبنان الشمالي بتاريخ 8 شباط 2017، طلب منه التأكد من صحة المعلومات المتداولة في وسائل الاعلام (عن إنشاء مصنع غير مطابق للشروط الصحية والبيئية بحكم تكوينه وطبيعة إنتاجه) وفي حال ثبوتها، الإيعاز لمن يلزم لإبلاغ أصحاب العلاقة بوجوب وقف كافة الأعمال في المعمل، وسحب التصريح والتشدد في المراقبة والافادة عن الإجراءات المتخذة في هذا الخصوص».
استبشر أهالي بلدة بزيزا في قضاء الكورة في هذا البيان خيراً، ومعهم بلدات دربعشتار وأميون وشناطة والمجدل والجوار. فمحافظ الشمال القاضي رمزي نهرا يدرك بالقرائن ان المصنع المقصود يعمل على استخراج الزيت من الجفت وليس معصرة للزيتون.
وهذه العملية تسبب تلوثاً هائلا في هواء البلدة وجوارها من القرى، وفي التربة والمزروعات ولا سيما في أشجار الزيتون الدهرية، وفي المياه ولا سيما في مجرى النهر الذي يمر بملاصقة المصنع، وللمفارقة كان صاحب المصنع قد استحصل على رخصة لإستثمار مجرى النهر ليودعه نفاياته السامة!
سبق للمحافظ نهرا أن أقفل شخصياً المصنع وختمه بالشمع الأحمر إثر مداهمة له في الليل، حيث كادت روائح المصنع الكريهة أن تسبب باختناقه مع معاونيه والقوى الأمنية المرافقة، على ما أظهره النقل الحيّ التلفزيوني لعملية الاقفال.
بعد تبلغه كتاب وزارة الداخلية، صرح المحافظ قائلا إن» المصنع يشكل ضرراً بحسب تكاثر الشكاوى حوله فتم اقفاله في البداية، لكن اليوم يختلف الوضع قليلا لأن لدينا مهلة أخذها صاحب المعمل من وزير الصناعة حسين الحاج حسن».
أضاف المحافظ:»المهلة هي لفترة محددة وأنا سأمارس دوري الطبيعي بالاطلاع على نشاطه وفي حال تبين أنه يستخدم مواد مسرطنة سأتخذ الإجراءات المناسبة، فالمحافظ هو المسؤول عن السلامة العامة في محافظته ويحق له اتخاذ أي إجراء يراه مناسباً».
يخشى أهالي بزيزا من قطبة مخفية، تربط إعادة منح صاحب المصنع مهلة لتصريف إنتاجه من قبل وزارة الصناعة. الوزير سبق له أن أكد صلاحية وزارته في أمر يتعلق بالصناعة، فكان أن أقفل بدوره المصنع. وصرح علانية يومها أمام الاعلام انه في المطلق «ضد الترخيص لصناعة استخراج الزيت من الجفت، فهي صناعة محرّمة دولياً للاستعمال البشريّ».
يذكر ان وزارة الصناعة ترفض في الأساس مثل هذه الصناعة في لبنان بعدما حرّمها العالم منذ أواخر القرن الماضي. فزيت الجفت قد تسبب بآلاف الوفيات في عدد من البلدان وهو مسبب أساسي للسرطان ولتشوهات البنية الوراثية (DNA).
ويذكر أيضاً في هذا الإطار ان وزارة الزراعة منعت استيراد زيت الجفت من أجل الاستهلاك البشري، لأنها «مادة مسببة للسرطان.»
المعلوم إنه وفق دراسة احصائية على أنواع الزيوت التي يستهلكها الشعب اللبناني، تبين ان 47 في المئة من الشعب يستهلك هذا النوع من الزيت المكتوب عليه زيت الزيتون ظنا منه إنه زيت زيتون خال من أي زيوت مكررة أو معاملات كيميائية أو حرارية أو ممزوج بمادة نفطية أو مذيبات عضوية، فأين وزارة الاقتصاد من هذا التزوير؟