يعيش لبنان في الآونة الأخيرة نشوة العهد الجديد وعودة المؤسسات والإدارات الرسمية الى العمل من مجلس نواب وحكومة جديدة ورئيس قوي في سدة الرئاسة، إلا ان هذه النشوة لم تترجم بعد فعليا على الأرض بأي عمل جدي استفاد منه الشعب اللبناني وأراحه، فنحن لا نزال أمام معضلة قانون الانتخاب الذي لا نزال نعيش مباحثاته الفاشلة منذ العام 2013، واليوم يرافق قانون الانتخاب ملف آخر نفتقده منذ 12 سنة وهو ملف الموازنة العامة، هذا الملف بدأ البحث فيه بمجلس الوزراء إلا انه يطرح اكثر من علامة استفهام حول بعض نقاطه وعن فرض ضرائب جديدة تطارد اللبنانيين وكل ذلك تحت حجة تأمين الإيرادات وتمويل سلسلة الرتب والرواتب.
تلك السلسلة التي مرّ عليها أكثر من 5 سنوات ولا تزال تراوح مكانها. فما هي مخاطر فرض ضرائب جديدة على مختلف القطاعات ومنها المصارف من دون ان ننسى الحديث عن فرض ضرائب تصل الى 500% على المشروبات الروحية؟ وماذا يقول نقيب المعلمين نعمة محفوض؟
سعي لتأمين الإيرادات لسدّ عجز الموازنة
معدّ ومقدم النشرة الاقتصادية في الـmtv ورئيس قسم الاقتصاد في صحيفة “النهار” موريس متّى يؤكد لـIMlebanon أن “الهم الأساسي لوزارة المال اليوم والحكومة ككل هو تأمين ايرادات اضافية للخزينة، والإيرادات التي نتحدث عنها هي نحو 11 مليار دولار فيما النفقات هي 16 مليار دولار ما يعني أن هناك تقريبا 5 مليار دولار عجز متوقع في الموازنة”.
ويضيف: “النقطة الاساسية اليوم هي ان الجميع يبحث عن طرق لتمويل الموازنة ويطالب من ضمنها بمشروع السلسلة، ولكن يجب التشديد على أن الاجراءات الضريبية والتي تفوق الـ30 إجراء لم تأت بطلب من وزارة المال وإنما هي نفسها التي بحثت ايام اللجان المشتركة وهي نفسها التي انتقلت والتي وافق عليها مجلس النواب والكتل السياسية، ما يعني انه تم الاتفاق على تلك الاجراءات يوم اقرت في مجلس النواب”.
الضريبة على الكحول سترفع الأسعار 15%
من جهته، يشدد نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي في حديث لـIMlebanon، على أن “السياحة تسعى دائما لتقديم جودة ونوعية وخدمة بافضل الاسعار وبحال كان هناك بحث جدي لزيادة الرسوم والضرائب على المشروبات الروحية فذلك سينعكس سلبا على الفاتورة السياحية خصوصا أن تلك الزيادة قدرها 15%”.
“معدل استهلاك الكحول في المطاعم هو 30% أما في الحانات والملاهي فهو 90% وإذا كانت الضريبة التي تبحث ستصل الى 500% فهذا يعني أن ضريبة الاستهلاك سترتفع فاتورة المورّد، في المقابل سنضطر الى رفع اسعارنا، وإذا رفعنا اسعارنا فهذا الامر سيكون كارثيا على السياحة عامة”، يكشف الرامي.
5 سنوات… والسلسلة راوح مكانك
“خربوا البلد بالهسلسلة… إلن خمس سنين بيشحدوا على هالسلسلة”، يبدأ نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض حديثه منفعلا، ويقول في حديث لـIMlebanon: “من واجب الدولة تأمين تمويل السلسلة، ومن غير المقبول انه كلما اردنا اعطاء عسكريا 10 آلاف ليرة ان نضع ضريبة على جواز السفر، وكل ما نسعى الى اعطاء المعلم 50 ألف ليرة اضافية نضع ضريبة على الكهرباء، فهذا المنطق مرفوض لانه من واجب الدولة ان تؤمن الواردات من دون ان تؤثر على جيوب الفقراء”.
ويضيف: “من 5 سنوات لليوم لم تقر السلسلة ووزير المال علي حسن خليل رصد للسلسلة 1200 مليار ليرة للموازنة، فإذا رفعنا مبلغ الـ1200 مليار ليرة يبقى العجز، ما يؤكد ان عجز الدولة ليس في السلسلة، فالعجز هو بحدود الـ9 مليار دولار، فيما أن الـ1200 مليار ليرة لبنانية لا تصل قيمتهم الى مليار دولار، وهنا السؤال، لماذا يضعون الحق على السلسلة؟ فالضرائب التي فرضها الدولة ليست من أجل السلسلة بل من اجل تمويل السرقات والهدر والفساد”.
من جهته، يلفت متّى الى أن “الاجراءات الضريبية مرفوضة خصوصا في مرحلة الركود الاقتصادي التي نعيشها بالاضافة الى نمو لا يتخطى 1.5% لذلك لا يجوز أن تقوم الدولة بسياسة ضرائبية لتحصيل الايرادات، خصوصا أنه بحسب الخطة المقترحة فهذا الأمر سيؤدي الى تأمين 2450 مليار ليرة لبنانية فيما ان الحاجة الفعلية للحكومة لتمويل السلسلة فهي 1200 مليار ليرة لبنانية، ما يعني اولا ان السلسلة لي السبب وراء العجز وثانيا ما يطالبون به يفوق تمويل السلسلة وأكثر”.
أما الرامي، فيؤكد “لن نقبل بتمويل السلسلة على حساب القطعات الانتاجية، فهذا الامر مرفوض كليا لان الوضع الاقتصادي رديء ولا يحتمل رفع الأسعار، خصوصا اننا نعتمد على السياحة الداخلية ولا نزال ننتظر اخواننا العرب في الصيف لنرى اذا المؤشرات ستكون جيدة”.
هكذا يمكننا تحصيل الضرائب بعيدا عن جيب الفقير
“الضرائب التي يتم البحث فيها تطال القطاعات العقارية والسياحية والمصرفية من دون ان ننسى مطالبة رفع نسبة الـtva 1% ولكن نحن لسنا بحاجة لكل تلك الاجراءات وهناك ابواب هائلة يمكننا تأمين الايرادات منها، فالجباية الكهربائية الفعلية والصحيحة بإمكانها تأمين ايرادات تقدر بأكثر من مليار دولار سنويا، بالإضافة الى فرض الضرائب على الاملاك البحرية التي بنيت عليها مرافق سياحية ونحن نتحدث عن ايرادات تفوق المليار و300 مليون دولار، ويمكن تأمين الايرادات من جباية الـtva بطريقة صحيحة فأكثر من 30% من جباية الـtva غير فعلية، لذلك علينا مكافحة الفساد والهدر في مختلف القطاعات لانها ستدخل المليارات من دون ان نفرض الضرائب على جيوب المواطنين”، يوضح متّى.
ويبقى السؤال بحسب متّى، “كيف ستمم معالجة الموازنة واقرارها من دون الانتهاء من الحسابات الماضية من اجل اقرار الميزانية الجديدة خصوصا أننا بلا موازنة منذ أكثر من 11 سنة؟”.
من ناحيته، يؤكد محفوض أننا “نرفض فرض الضرائب على ذوي الدخل المحدود وعلى كل الطبقات الفقيرة في البلد وهذا الامر يؤدي الى الاعطاء بيد والاخذ بيد اخرى”. ويشدد على أن “كل الضرائب الواردة في الموازنة اقرها مجلس النواب لذلك لا شيء جديدا، واعتقد ان الضرائب التي تخرج الى التدوال اليوم مقصودة لكي يضعونا في مواجهة مع المواطنين لكي ينسفوا السلسلة، وهكذا ليقولوا لنا، لن نفرض الضرائب ولكن سنؤجل السلسلة لمرحلة لاحقة ولكن مرّ 5 سنوات والتأجيل سيد الموقف، وهذا الامر سيؤدي بنا الى العودة الى الشارع”.
“فلتذهب الدولة الى تأمين الضرائب من الاملاك البحرية ومن وقف الفساد والهدر على المرفأ وفي المطار وليحلوا مشكلة الكهرباء التي توفر 2 مليار دولار سنويا، فالكهرباء لوحدها كفيلة لتمويل السلسلة وأكثر بكثير، فالمسؤولين هم وراء الهدر والفساد وليس المواطن وعليهم ألا يضعونا بوجه بعضنا البعض”، يوضح محفوض.
أما الرامي، فيقول منفعلا: “فليذهبوا الى تحصيل الايرادات عبر جباية الكهرباء بالطريقة الصحيحة، وليوقفوا الهدر والفساد في المطار وعلى المرفأ قبل اللجوء الى قطاع المطاعم والملاهي فهناك مرافق عدة يمكنهم تحصيل الضرائب منها”.
عودة الى الشارع قريبا.. وكل شيء مباح
من ناحية أخرى، يكشف محفوض عن أننا “اعطينا وزير التربية مروان حمادة مهلة لآخر شهر آذار، وقلنا له انه في حال لم تقر السلسلة فسننزل الى الشارع لانه من غير المقبول من خمس سنوات حتى اليوم ان يخرج الوزير الجديد رائد خوري وكأنه لا يعيش في البلد ليقول سندرس وضع السلسلة، ووزير المال علي حسن خليل قال جملة مفيدة وهي أن كل الضرائب الواردة اقرها مجلس النواب”.
ويؤكد: “سنعود الى الشارع إذا لن تقر السلسلة، وهذه السنة كل شيء مباح لنا لانه من قبل لم يكن هناك مؤسسات دستورية فالرئاسة كانت فارغة ومجلس النواب كان معطلا، ولكن اليوم ليس هناك اي حجة والعودة الى الشارع في آذار في حال لم تقر السلسلة ولن نخرج من الشارع هذه المرة حتى اقرارها لان ما يحصل امر معيب بحق الدولة”.
لا سكوت على الضريبة… وهذا ما سيتكبده المواطن بالأرقام
أما الرامي، يؤكد “في حال اقرت تلك الضريبة فلن نسكت عنها وسيكون عندنا تحركات مطلبية ولكن ليس في الشارع لانه معروف عنا ان القطاع السياحي لا يلجأ الى الشارع، ولكن هذا الامر لا يعني اننا سنسكت، فهناك 200 ألف موظف يعملون في السياحة بشكل مباشر و500 ألف بشكل غير مباشر، والسياحة تشكل 9% من الدخل العام و27% من الدخل المباشر وغير المباشر، فنحن نشكل ربع الاقتصاد اللبناني لذلك لن نقبل بتمويل السلسلة على حسابنا ابدا، وسيكون عندنا سلسلة تحركات ولكن بالطبع ليس على الطريق وانما لقاءات سياسية ومع مسؤولين، وممكن ان تكون على شكل سلّة نضع فيها مفاتيح مؤسساتنا ونسلمها للمسؤولين ليديروا هم القطاع”.
ويشرح بالأرقام عن الأسعار، ويقول: “ضريبة الـ500% ستؤدي الى رفع الأسعار بنسبة 15% في حال اقرت، أي ان زجاجة الكحول التي تباع بـ150 ألف ليرة لبنانية سيرتفع سعرها 22500 ليرة لتصبح 172500 ليرة لبنانية، أما كأس المشروب الذي يباع بـ20 ألف ليرة سيضاف عليه مبلغ 3 آلاف ليرة ليصبح 23 ألف ليرة لبنانية وهكذ دواليك”.