كتب محمد بلوط في صحيفة “الديار”:
ماذا يحصل على الساحة السياسية اليوم؟ وما هي نتائج السجالات التي اندلعت مؤخرا ؟
الأسبوعان الماضيان شهدا اول انتكاسة لسياسة تطبيع العلاقات بين اطراف الحكم والحكومة منذ انطلاقة العهد القوية والجيدة ، ما يطرح اسئلة عديدة حول مسار المرحلة المقبلة .
ولا شك ان ابرز اشارات اهتزاز هذه السياسة هي الانتقادات التي وجهها بعض صقورالمستقبل وبقايا 14 آذار للرئيس عون على خلفية تأكيد تأييده للمقاومة، ثم ردود فعل الرئيس الحريري وتياره على خطاب سماحة السيد نصرالله الأخير. ويضاف الى ذلك الخلافات التي ظهرت داخل الحكومة حول الموازنة والسياسة الضريبية وسلسلة الرواتب.
وفي ظل هذا المشهد المهزوز والمربك ،يبقى قانون الانتخاب ابرز عناصر تحديد مسار المرحلة المقبلة ، وتكثر الأسئلة حوله وحول مصير الانتخابات وآلية التحضير لها خصوصا عشية موعد دعوة الهيئات الناخبة.
والمعلومات التي حصلت عليها “الديار” عن نتائج المفاوضات الجارية حول القانون المذكور تكاد تكون صادمة ومحبطة ،لا سيما بعد فشل الإتفاق على كل الصيغ والإقتراحات التي طرحت في الأسابيع الماضية.
وكما بات معلوما فان المفاوضات نشطت على محاور ثنائية بعد فشل اجتماعات اللجنة الرباعية،لكنها اصطدمت هي بدورها بفيتوات متبادلة على هذه الصيغة او تلك الأمر الذي جعل احد الأعضاء المشاركين يقول لـ “الديار” : “لا شيء حتى الآن،وكل الإجتماعات والإتصالات لم تفض الى اي نتيجة”.
واضاف “يمكن القول ان المشهد الآن هو في ضبابية عالية، وربما يحتاج الموضوع الى اعادة تقويم لكل ما جرى حتى الآن،فنحن لم نتمكن من احداث اي خرق في جدار ازمة قانون الإنتخاب”.
وكشف المصدر ان الصيغة التي طرحها الوزير باسيل مؤخرا والتي تجمع بين التأهيل والمختلط جرى التطرق لها اثناء المناقشات الأخيرة، وانه جرى المرور عليها عرضاً، لا أكثر ولا اقل.
وعلمت “الديار” ايضا ان المناقشات الأخيرة لم تصل الى اتفاق على اي من الصيغ المطروحة، وبدت الامور على الشكل الآتي:
ـ مشروع حكومة ميقاتي واجه معارضة من تيار المستقبل وجنبلاط بالدرجة الأولى.
ـ مشروع التأهيل على مستوى القضاء والإنتخاب على اساس النسبية في المحافظات لم يتم الإتفاق عليه بسبب الخلاف حول نسبة التأهيل.
ـ الصيغ التي تعتمد النظام المختلط لم يجر مؤخرا طرحها على طاولة البحث والنقاش بعد الخلافات التي جرت حولها كلها، رغم محاولات احياء بعضها.
وقال المصدر انه على الرغم من عدم الكشف عن الأفكار التي سلمها جنبلاط مؤخرا للرئيس بري، فان المعلومات المتوافرة لدينا تفيد بانها افكار خاصة بالجبل، وانه لم يقدم تصوره كاملا حول توزيع المختلط في كل لبنان بل حصر اقتراحاته في الجبل.
وفي هذا السياق نفت مصادر عين التينة ان يكون الرئيس بري بعد تسلمه افكار جنبلاط قد بدأ حراكا بعيدا عن الأضواء او انه عكف على وضع مسودة صيغة جديدة لقانون الإنتخاب. واكتفت بالقول انه يتابع الوضع وحركة النقاشــات والمفاوضات الجارية ويبدي رأيه فيها.
وعلى ضوء هذه المعلومات فإن الاجواء لا تؤشر الى اتفاق قريب، وبالتــالي لا فرق بين مرحلة ما قبل 20 شباط وما بعده، وتبقى ألأمور مفتوحة على كل الإحتمالات.
ودار مؤخرا حديث في الكواليس السياسيه عن احتمالات عديدة قد تترتب عن الخيارات التي يمكن ان يسلكها الأستحقاق الإنتخابي، ولم تستبعد مصادر سياسية ان لا يوقع الرئيس عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على اساس القانون الحالي وبالتالي ان يبقى شبح وخطر الفراغ سيفا مسلطا على الجميع في غياب الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات.
وأمس وقع وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجرائها في 21 ايار المقبل ضمن المهلة القانونية. وقالت مصادر مطلعة ان هذا التوقيع يندرج في اطار موجبات الوزير ومسؤوليته حيال هذا الإستحقاق قبل 21 شباط.
ويحظى هذا الإجراء بموافقة وتفهم مبدئي ، حيث ان الرئيس بري كان ايده في ذلك وقال له انه معه بالقيام بواجبه كوزير للداخلية، مشددا في الوقت نفسه على رفض قانون الستين والعمل من اجل قانون جديد يمكن ان يتضمن في متنه مواعيد ومهل جديدة.
وخلال لقائه الرئيس عون في وقت سابق طرح المشنوق موقفه فكان جواب رئيس الجمهورية انه يتفهم هذا الموقف لكنه لم يعبر صراحة عن تأييده، وهذا ما ابقى السؤال مطروحا حول توقيع الرئيس على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.
وتقول المصادر ان عدم توقيع عون عليه يطرح اسئلة مقلقة للغاية اذا ما بقي النقاش حول قانون الإنتخاب في طريق مسدود كما هو حاصل الآن، خصوصا ان غياب توقيع رئيس الجمهورية يحول دون سريان مفعول المرسوم.
كما يجري الحديث جديا عن التقدم بطعون الى المجلس الدستوري ضد قانون الانتخاب في حال اعتمد على بعض الصيغ لا سيما القانون المختلط الذي يعتمد معايير عديدة.
وعلم ان النائب نقولا فتوش اعدّ دراسة قانونية تطعن بدستورية القانون المختلط بكل صيغه وتعتبره انه غير قانوني او دستوري لأنه “يعتمد معايير مختلفة في تقسيم الدوائر الإنتخابية، ويخضع فئة من المواطنين الى النظام الأكثري وفئة للنظام النسبي، وهذا تقسيم للمجتمع وتمييز في المعاملة بين المواطنين، ناخبين او مرشحين في الحقوق والفرائض. ويتنافى مع مبدأ المساواة من زاوية عدم اعطاء كل صوت من اصوات المقترعين القيمة الإقتراعية ذاتها، ومن زاوية عدم التوازن في التمثيل السياسي”.
واستندت الدراسة ابطال المجلس الدستوري عام 1996 للمادة 2 من قانون الانتخاب لاعتماده معايير مختلفة في تقسيم الدوائر الإنتخابية.
وحسب مراجع قانونية ان قانون التأهيل غير معرض للطعن مثل المختلط اذا جرى الالتزام في عملية التأهيل قاعدة عامة للجميع.
وفي كل الاحوال فان اتصالات الاسبوع الأخير كشفت حجم الخلافات المستمرة على قانون الانتخاب، واظهرت الحاجة الى آلية او مســار جديد للمفاوضات الصعبة حول هذا الإستحقاق، فماذ ستحمل مرحلة ما بعد 20 شباط؟