IMLebanon

“منطقة آمنة” من حدود الأردن إلى الكِسوة!

 

كتب ناصر شرارة في “الجمهورية”: لم ينتهِ بعد فريق عمل وزارتَي الخارجية والدفاع الأميركيتين، الذي كلّفه الرئيس دونالد ترامب إعداد خطة لإنشاء «مناطق آمنة» وقتال «داعش» في سوريا، مِن تقريره المتضمّن خطةً يُفترض أن يعتمدها البيت الأبيض تجاه الأزمة السوريّة.

ومع ذلك بدأت تسريبات مصدرُها الأردن وفصائل في المعارضة السورية التابعة لغرفة عمليات «موك»، تؤشّر إلى وجود توافق أميركي ـ أردني ـ إسرائيلي على فكرة إنشاء «منطقة آمنة» في جنوب سوريا تمتدّ من الحدود الأردنية حتى الكِسوة، وربّما في اقتراح آخر أبعد من الكِسوة حتى الصَنمين.

الهدفُ الأساس من إنشاء هذه المنطقة التي ستطلِقها واشنطن هو إخراج «داعش» من جنوب سوريا، وذلك استجابةً لثلاثة اعتبارات:

تنفيذ استراتيجية ترامب بإعطاء قتال «داعش» أولوية في رؤيته للأزمة السورية.

الاستجابة لمتطلبات الأمن الملحّة لإسرائيل التي تشترط، ليس فقط إبعاد «داعش» من هذه المنطقة المجاورة لحدودها، بل أيضاً إيران و”حزب الله”.

الاستجابة لمتطلّبات أمن الأردن الذي يخشى من أنّ «داعش» باتت تطرقُ أبوابَه انطلاقاً من حدوده مع سوريا.

صحيفة الجمهورية أوردت معلومات حول احتمالات إنشاء «المنطقة الآمنة» في جنوب سوريا تشتمل على التفاصيل الأساسية الآتية:

أوّلاً – قبل فترة قدّمت الأردن إلى واشنطن وغرفة «موك» خطة لتحرير منطقة حوض اليرموك داخل سوريا من «داعش»، وذلك من طريق إنشاء «الجيش الوطني» الذي اقترحت تشكيلَه من فصائل «الجيش السوري الحر» في منطقة جنوب سوريا ومن نازحين سوريين يقيمون في مخيّمات الأردن. وطلبَت تمويلاً لهذا المشروع مقدارُه مليار دولار. لكنّ غرفة «موك» لم تستجب له.

والآن تتمّ إعادة شيء من الاعتبار لهذا المشروع مع إضافة تعديلات عليه بعضُها جوهريّ، ومناسبةُ إعادة البحث فيه تأتي بعد زيارة العاهل الأردني إلى واشنطن، وأيضاً بعد تصاعدِ الموقف العسكري في الجبهة الجنوبية من سوريا بعدما كانت قد استكانت لعشرة أشهر.

إضافةً إلى دخول «داعش» على خط هذه المعركة، حيث هاجمت فصائل الجبهة الجنوبية المعارضة من الخلف وفي اتجاه مثلث درعا الجولان والأردن، واستولت على أراضٍ كانت تحتلّها الأخيرة، ما عنى للأردن ولحلفائه الغربيين أنّ «داعش» تستغلّ حالة انفجار الوضع العسكري في هذه المنطقة بين المعارضة والنظام للتقدّم أكثر في اتّجاه الحدود مع الأردن وإسرائيل.

ثانياً – بحسب المعلومات عينِها، فإنّ الأحداث الأخيرة في جنوب سوريا، وتحديداً في المثلث السابق ذكرُه، قد تكون عجّلت في تسريب معلومات عن خطة طبِخت خلال زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لواشنطن، وكانت موجودةً في انتظار إعلانها الشهر المقبل.

وتفيد هذه الخطة بدرس إمكانية تجريد حملة «فرات 2»، ولكن هذه المرّة في جنوب سوريا، وعلى أيدي قوات أساسُها الأردن ودول عربية خليجية وقوّتها الصلبة هي قوات «دلتا» الأميركية الموجودة في المنطقة.

تكشف هذه المعلومات أنّ عديد قوات «دلتا» الاميركية المفترض مشاركتُها في إقامة «المنطقة الآمنة» في جنوب سوريا والتي ستسفِر عن إبعاد «داعش» عن حدود كلّ مِن إسرائيل والأردن إلى ما وراء الصنمين أو الكِسوة أقلّه، هو نحو 7 آلاف جندي، وعدد مضاعف منهم من قوات الفصائل السورية والخليجيين.

ثالثاً – تشير هذه المعلومات إلى أنّ مشاركة قوّة «دلتا» الأميركية في إنشاء هذه «المنطقة الآمنة» في الجنوب السوري، لها أهداف عدة، أبرزُها طمأنةُ إسرائيل الى أنّ مصالحها فيها ستكون مضمونةً، سواءٌ لجهة أنه لن يكون فيها «داعش» ومتطرّفون مبايعون لها، أو لجهة أنّه لن يكون فيها أيّ تعبير عسكري لإيران.

وما تجدر الإشارة اليه في هذه الجزئية هو أنّ مهمة قوّة «دلتا» الأميركية في دول المشرق، يمتد تاريخها إلى ثمانينات القرن الماضي، وذلك عندما كانت تعمل ضمن إطار قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأميركية في بلاد الشام، وكانت تتشارك في تنفيذ عملياتها مع قوة أخرى تسمّى «الاورانج».

وتمرّست هذه القوة في تنفيذ عمليات خاصة وتجسُّس بشَري وإلكتروني. واللافت في سيرة نشاط «دلتا» أنّها حافظت منذ ذلك التاريخ على علاقة وثيقة مع قوات العمليات الخاصة الإسرائيلية، وترجمةً لذلك كانت عناصر من «الدلتا» ترتدي الزيّ العسكري الإسرائيلي حينما تعمل في إسرائيل.

رابعاً- يؤكّد سياق المعلومات عن إنشاء المنطقة الآمنة في جنوب سوريا أنّ الأردن ستباشر قريباً عمليات جوّية ضد 26 نقطة عسكرية تنشط «داعش» منذ فترة على إقامتها على خط تبلغ مساحتُه 200 كلم وهو يمتدّ من سدّ الزرق إلى مخيّم الرهبان. وتضمّ هذه المنطقة نحو 13 ألف إلى 15 ألف مقاتل داعشي.

وهؤلا يشكّلون مصدر قلق للأردن التي تخشى من تمدُّدِهم في اتجاه حدودها مع سوريا، خصوصاً أنّ «داعش» تحاول عبر هذه النقاط إنشاءَ صلة لوجستية بين الرقة وبين حوض اليرموك ونقاط جغرافية داخل سوريا تبعد مسافة 22 كلم عن الحدود الأردنية.

والواقع أنّ المصادر الأردنية تُميّز بين نوعين من حضور «داعش» في إشعاع المنطقة السورية اللصيقة بحدودها وتلك الموجودة فيها بعيداً نوعاً ما عن حدودها، ولكن مع إمكانيةِ أن تزحفَ منها «داعش» لتصبح قريباً من الأردن.

فمجموعات «داعش» الموجودة في منطقة حوض اليرموك والتي تشنّ حالياً هجمات على فصائل المعارضة التي تهاجم مواقع النظام في حي المنشية في درعا، يتحدّر أفرادها البالغ عددهم 1200 مقاتل من أبناء المنطقة وتحديداً من 7 قرى فيها هي الشجرة وعابدين والقصير والجملة وصيداء الجولان وصيداء الحانوت، ألخ، وهم في الأساس ليسوا من صميم جسد «داعش» التنظيمي، بل بايَعوها لأسباب تتصل بظروف موضوعية يعيشونها.

أمّا المجموعات الأخطر فهي التي تتمركز داخل نقاط وجود «داعش» الـ26 في منطقة تبلغ مساحتها 200 كلم، وهي تمتدّ من منطقة حوض اليرموك في اتجاه الرقة ودير الزور.
وهذه المنطقة ترصدها الأردن منذ فترة، وقد أحصيَ فيها، إلى جانب قوات «داعش»، مجموعاتٌ أخرى لـ«جبهة النصرة» أو مبايعة لـ«داعش» تضمّ 3000 عنصر من «النصرة» بينهم 130 قناصاً، ومقاتلين لمجموعات مختلفة ولكنّها تتّسم بأنّها خطرة مثل “داعش”.