كتبت ابتسام شديد في صحيفة “الديار”:
قد يكون من المبكر الكشف عن شكل التحالفات في الانتخابات النيابية قبل الاتفاق على شكل القانون واعلان ساعة الصفر لانطلاق العملية الانتخابية، الا ان الواضح للعيان ان بعض التحالفات بات واقعاً محتماً مهما كان مضمون القانون، فالثنائية المسيحية تتحضر للانتخابات منذ فترة وكأنها جارية غداً، وحزب الله وحركة أمل حليفان في السراء والضراء منذ فترة، وحدها معالم بعض التحالفات غير واضحة في بعض المناطق فتيار المردة مثلاً يخوض الانتخابات في وجه القوات وحليفه السابق التيار الوطني الحر وحركة الاستقلال، وحزب الكتائب تائه في معظم المناطق بعد تموضع عون والقوات معاً ومسيحيو 14 آذار مشتتون في لعبة “عض الاصابع” القاتلة في الاستحقاق المقبل على زمن الانتخابات الماضية، اما المستقبل فهو الأكثر إحراجاً لأن الانتخابات تضع رأسه على المقصلة في اي قانون، فليس عادياً على رئيس المستقبل الذي عاد الى السراي الحكومي ان لا يكون محاطاً بكتلة نيابية وازنة وهو الذي صار رئيساً للحكومة وشريكاً في القرار السياسي الى جانب رئيس الجمهورية، من هنا تقول أوساط سياسية فان تيار المستقبل في صدد مسايرة الجميع في الموضوع الانتخابي وهو سيقيم تحالفات بحسب المناطق ومقتضيات ظروف الانتخابات في كل منها، فيكون حليفاً مع القوات وشريكاً مضارباً مع التيار الوطني الحر حيث تقتضي المعركة، والى جانب المردة والكتائب ووليد جنبلاط في مواقع أخرى خصوصاً وان سعد الحريري يدرك ان سلطته السياسية على المحك فهو في طرابلس يخوض معركة “أكون او لا أكون” في مواجهة أشرف ريفي وقوى “المليارات” السياسية.
بالمؤكد ليس من اشكالية بين حزب الله والتيار الوطني الحر في قانون الانتخابات وليس هناك من فيتوات على اي قانون فالنسبية يريدها حزب الله ويوافق عليها التيار الوطني الحر، وحزب الله كان شريكاً وحليفاً انتخابياً للعونيين في الانتخابات النيابية وهو سهل الى حد ما فوز نواب عونيين في مناطق حساسة وساخنة عندما كان التيار الوطني الحر معزولاً ومستهدفاً في الانتخابات من المستقبل والقوات والاشتراكي وفريق 14 آذار، لكن اذا كان حزب الله صادقاً في تحالفه الانتخابي مع التيار الوطني الحر، فان هذه المعادلة لا تصح على القوات، فما سيفعله حزب الله مع التيار الوطني الحر في استحقاق 2017 لا يصح او ينطبق على القوات، فاذا كان الثنائي المسيحي سيخوض الانتخابات معاً في كل الدوائر لتحقيق تسونامي انتخابي وتحرير المقاعد المسيحية وانتزاع حصة مسيحية صافية بحدود الخمسين نائبا، فان حزب الله سيكون متحالفاً مع التيار الوطني الحر وليس مع القوات، فالتيار الوطني حليف سياسي وفي المسائل الاستراتيجية وها هو رئيس الجمهورية يعلن موقفاً لم يسبقه عليه احد من رؤساء الجمهورية المسيحيين بدعم وتأييد سلاح المقاومة، في حين ان الخلافات الاستراتيجية لا يمكن محوها بسهولة بين معراب وحارة حريك. وقد برز مؤخراً ما يشبه التباين في الموقف الانتخابي بين الحليفين المسيحيين في موضوع القانون التأهيلي الذي طرحه الوزير جبران باسيل والذي استشعرت فيه القوات ان حليفها المسيحي يحاول ارضاء حزب الله خصوصاً ان التأهيلي يخسر التحالف المسيحي قرابة عشرة نواب ليست القوات في وارد التضحية بهما كما تقول اوساط مطلعة “كرمى لحزب الله”. فما بين حزب الله ومعراب من خطوط تماس ومتاريس في السياسة وخلافات في وجهات النظر لا يمكن ان يسقطا بسهولة خصوصاً وان عملية هضم تفاهم معراب تم استيعابها من جانب حزب الله على انها ضرورة بين شخصيتين مسيحيتين متباعدتين وايجابياته تكمن في تهدئة الوضع الداخلي وليس اكثر.
فالطرفان ينتميان او كانا قبل التسوية الرئاسية وتبعاتها والتغييرات التي حصلت على الساحة رأس حربة في الصراع السياسي الدائر في الداخل بين منظومة 8 و14 آذار، وليس امراً محسوماً وعادياً ان يقول سعد الحريري “النعم” الكبرى لميشال عون ليصل الى قصر بعبدا ويعود الحريري المنهك شعبوياً ومالياً الى جنة السلطة . فلقاء حزب الله والقوات معقد سياسياً ودونه موانع محلية واقليمية وهو بالمؤكد غير وارد انتخابياً، فليس كافياً ان يحصل تفاهم معراب وان يسمي سمير جعجع ميشال عون رئيساً ليصبح التقارب مع معراب مشروعاً حيوياً لحزب الله، فما بين الضاحية ومعراب خلافات في الاستراتيجية السياسية ووجهات النظر واكثر من ملف ساخن ومفتوح.
المؤكد ان احداً ليس في وارد الانتقال الى الضفة الاخرى او إلغاء النفس او تقديم تنازلات، فسمير جعجع سواء اختلف مع المستقبل او ابتعد عن فريق 14 آذار الا انه “حجر” في زاوية في الفريق المتهاوي واحد اعمدته، وثمة خطوط حمراء ترسمها الضاحية في شأن من يقترب من خطها العربي والمقاومة . وعليه فان اي لقاء او تقارب في الشكل لا يمكن توظيفه حالياً في الاطار السياسي او الانتخابي، وحزب الله يصر على موقفه والتمييز بين حلفائه وحلفاء حلفائه، فحزب الله ومعراب قد يكونان بحاجة الى بعض “التلاقي” السياسي لكن الخلافات في السياسة والتناقضات في المسائل الاستراتيجية هما الطاغيان. بدون شك فان حزب الله كما تضيف الاوساط الذي يعطي التيار الوطني الحر بدون مقابل في السياسة وفي الانتخابات لن يكون مرتاحاً لمشهدية اكتساح القوات الاقضية المسيحية واحرازها تقدماً بالتحالف مع التيار الوطني الحر لأن في ذلك خطراً على الاستراتيجية السياسية لحزب الله، وحزب الله لا يمكن ان يقبل باي خلل في المعادلات السياسية الراهنة وسيكون بحسب اوساط سياسية مضطراً لفرض أسماء معينة من الحلفاء على التيار الوطني الحر لمنع هذ الخلل والحفاظ على رموز وأقوياء مسيحيين من فريق 8 آذار.
وعليه يمكن القول كما تقول اوساط سياسية بان الانتخابات ستشهد خلطة تحالفات هجينة او “عجيبة غريبة” فالقوى السياسية ستضطر الى التموضع في الانتخابات حيث تقتضي مصلحتها الانتخابية، ألم يحصل المشهد او السيناريو الانتخابي نفسه في الانتخابات البلدية؟