أكدت مصادر مسؤولة لصحيفة “الراي” الكويتية أن الجانب اللبناني نجح في فرض “الشق الأمني” المتعلق بالمخيمات الفلسطينية في لبنان على جدول أعمال زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “ابو مازن” لبيروت والتي انتهت، امس، بعدما استمرت ثلاثة ايام التقى خلالها الرؤساء الثلاثة ميشال عون، نبيه بري وسعد الحريري، اضافة الى عدد من قادة الأحزاب والشخصيات اللبنانية.
وأوضحت ان المسؤولين اللبنانيين فاتحوا الرئيس عباس بالأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة (صيدا) وبأنه يشكل مصدر تهديد للأمن والاستقرار اللبناني لجهة وجود عدد من المطلوبين البارزين فيه من لبنانيين وفلسطينيين وارتباط بعضهم بخارج حدود المخيم الجغرافية، وبتزايُد نفوذ “الاسلاميين المتشددين” فيه أمام تَراجُع قوة حركة “فتح” والقوى الفلسطينية الاخرى، فأَبلغ الرئيس عباس ان القرار الفلسطيني الرسمي واضح لجهة الحياد الايجابي وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية وحماية لبنان وسلمه الاهلي وترسيخ الأمن والاستقرار فيه والتمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وتطبيق القرار الدولي 194، ورفض التوطين وبحث السبل الكفيلة تأمين حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وأشارت المصادر المسؤولة نفسها الى ان هذا الموقف ترك ارتياحاً لبنانياً، اذ شكّل قاسماً مشتركاً لجهة ضرورة تحصين أمن المخيمات واستقرارها ومنْع استغلالها من قبل أي أجندة غير فلسطينية، كي لا تقع الفتنة ولا تدفع الثمن غالياً مثلما حصل في مخيم اليرموك في سورية و”نهر البارد” في شمال لبنان والذي ما زالت تداعيات “جراحه” نازفة حتى الآن.
وكشفت “الراي” انه جرى تكليف عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد، الذي كان في عداد الوفد الفلسطيني الرسمي متابعة آليات العمل المشترك مع الجانب اللبناني، الذي سلّمه تقريراً مفصلاً عن واقع عين الحلوة وأعداد المطلوبين وأماكن وجودهم، اضافة الى تحركاتهم واتصالاتهم والرؤية اللبنانية لكيفية معالجة الأمور من دون اضطرار الجيش اللبناني الى دخول المخيمات وفق ما تَسرّب عن أن الجانب الفلسطيني يرحّب بمثل هذه الخطوة، في وقتٍ لم يُطرح موضوع سحب السلاح خارج المخيمات لا من قريب ولا بعيد لتشعباته الفلسطينية الاقليمية والتي تتجاوز قرار السلطة وحركة “فتح” وفصائل “منظمة التحرير الفلسطينية”.
والى جانب الشق الأمني، تمحورت زيارة الرئيس عباس على ثلاثة محاور: الأول تقديم شكر للرؤساء الثلاثة على دعم القضية الفلسطينية، والثاني وضعهم في تطورات القضية الفلسطينية والمخاطر التي تحدق بها في أعقاب تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهماته والطروحات المتعلقة بالسلام في المنطقة وتجاهل المبادرة العربية للسلام التي انطلقت في قمة بيروت، اضافة الى محاولات تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية من اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى استغلال الظروف السياسية لإجهاض حل الدولتين. والمحور الثالث تنسيق المواقف في “القمة العربية” التي تعقد في العاصمة الأردنية عمان في 29 اذار المقبل، ناهيك عن الجهود المبذولة لإجراء المصالحة الوطنية وإنهاء الخلافات وتشكيل حكومة وحدة وطنية وانعقاد المجس الوطني.
وعلى الجانب الفلسطيني، لم تؤتِ زيارة عباس الى لبنان ثمارها، فلم يُعقد اي لقاء فلسطيني جامع على مستوى “الأمناء العامين” وفق ما كان متوقّعاً لاعلان موقف موحّد من المصالحة الوطنية، اذ سارت الأمور بشكل سلبي عكْس الأجواء الايجابية التي رافقت أعمال اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في بيروت في شهر فبراير الجاري، فضلاً عن الخلافات على الساحة اللبنانية التي أدّت الى تعليق عضوية “اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا” وحلّ “القوة الامنية الفلسطينية المشتركة” في عين الحلوة. وقد بدا المشهد الفلسطيني مشتتاً خلال اسبوع واحد بين ثلاث مشاركات، “المؤتمر الدولي السادس لدعم القضية الفلسطينية” الذي نظمه مجلس الشورى الاسلامي الايراني (البرلمان) والمشاركة في “المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج” تحت شعار “المشروع الوطني… طريق عودتنا” في مدينة إسطنبول بتركيا، واستقبال الرئيس عباس الذي لم يكترث أبناء المخيمات كثيرا بزيارته ما دام لم يقم بزيارة لأيّ منها، او تناول الشقّ الانساني والاجتماعي والخدماتي لتخفيف معاناتهم او المطالبة بأن يشملهم العفو العام في حال صدوره على المستوى اللبناني.