Site icon IMLebanon

“صناديق الرصاص” تنافس… “صناديق الاقتراع”!

كتب وسام أبو حرفوش في صحيفة “الراي” الكويتية:

… ما من شيءٍ في لبنان يوحي بأن البلاد تتجّه نحو “نقْلةٍ إيجابية” مع تَلاشي فترة السماح للعهد الجديد، الذي لم ينجح وعلى مدى أربعة أشهر في تحقيق أيّ اختراقٍ حتى الآن من شأنه ترجمة الآمال العريضة التي رافقتْ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومةٍ ائتلافية برئاسة سعد الحريري.

وليس أدلّ على هذا “الإحباط” من “الدلع الملغوم” الذي طيّر نصاب جلسة مجلس الوزراء يوم الاثنين لاستكمال مناقشة الموازنة “المعلَّقة” منذ 11 عاماً، ومن “حوار الطرشان” الذي من شأنه الهروب الى تمديدٍ ثالثٍ للبرلمان الحالي بعدما أُسقط قانون الانتخاب النافذ ويصعب الاتفاق على قانونٍ بديل.

وبدا “الإنجاز اليتيم” الذي تَحقّق بمعاودة تطبيع علاقات لبنان مع الشرعيتيْن العربية والدولية وكأنه أمام اختبارٍ صعبٍ بعد تصريحات الرئيس عون التي أضفتْ “شرعيةً” على سلاح “حزب الله”، الأمر الذي أثار استياءً لدى المجتمع الدولي و”نقْزةً” في العالم العربي، وخصوصاً في ضوء تَورُّط الحزب في ساحات المنطقة.

ولم تحمل المعالجات لأربعة أيام “من النار” في “جمهورية” عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، والتي لامستْ ألسنتها الطريق الدولية بين بيروت والجنوب، إشاراتٍ الى انه أصبح في لبنان “سلطة قوية” قادرة على إدارة مبادرات من النوع الذي يُخمِد الحرائق ويُطَمْئِن اللبنانيين كما الفلسطينيين الى أمْنهم “الممسوك” بـ”قوةِ” هيْبة الدولة.

وثمة مَن يعتقد في بيروت أن هذه “الاندفاعة المكسورة” للتسوية السياسية، التي نجحتْ في بادئ الأمر بإنهاء فراغٍ رئاسي مديد في لحظةٍ إقليمية مؤاتية، مرشّحٌ للترنُّح الآن فوق “فوهة” متغيراتٍ إقليمية – دولية أكثر دراماتيكية في المنطقة، ما يجعل مجرّد الحفاظ على الستاتيكو الحالي في بيروت أشبه بإنجازٍ مشكوكٍ بنتائجه بفعل العصْف المتوقَّع لتحوّلاتٍ مقبلة.

وبهذا المعنى، فإن لبنان محكومٌ في ضوء الوقائع الجديدة التي بدأتْ تطلّ برأسها بـ “انفراجاتٍ أقلّ” وبخطرِ “انفجاراتٍ أكبر”، ربْطاً باتجاهات الريح في سورية والمنطقة التي باتت على قاب قوسين من “قواعد لعبة” جديدة، محورها المواجهة الأميركية – الإيرانية والتبدّلات المؤثّرة في الحركة العسكرية والديبلوماسية لتركيا، إضافة الى ما ستنطوي عليه خيارات “المايسترو” الروسي.

وبإزاء هذا الواقع الذي يشي بأن المنطقة على أبواب حربٍ من طرازٍ آخر لن يكون لبنان بمنأى عنها، يصبح مفهوماً الكلام عن تضاؤل إمكان إجراء انتخاباتٍ نيابية في البلاد في الأمد المنظور، وعن ان الاتجاه الغالب، على وقع “المراوغة” في الاتفاق على قانون انتخابٍ جديد، هو نحو التمديد للبرلمان الحالي، الذي سبق أن مَدّد لنفسه مرّتيّن تحت وطأة ظروفٍ أقلّ تعقيداً.

وفي اعتقاد أوساط واسعة الاطلاع ان “حزب الله” القادر بـ “وهْجه” وتحالفاته على الدفْع في اتجاه تَوافُقٍ عريض على قانون انتخابٍ جديد، ربما يقود مركب التمديد للبرلمان من الخلف لانشغاله بـ “حرْبه الوجودية” في سورية وفي لبنان في آنٍ، وتالياً لن يكون في وسْعه الانخراط في منازلاتٍ سياسية داخلية تقتضيها المعركة الانتخابية.

وثمة تقديرات تعكسها تقارير، تتطابق في سيناريواتها وتختلف في خلاصاتها، تتحدّث عن ان المنطقة، وخصوصاً سورية، ستكون مقبلة على الآتي:

واذا كانت الأنظار تتّجه الى ما سيكون عليه الموقف الروسي في حمأة هذه المتغيّرات، فإن التقديرات متفاوتة في قراءة الخيارات المحتملة لموسكو. فالمعارضون لإيران يتحدّثون عن تَفاهُم أميركي – روسي على إدارة المسار الجديد في سورية بـ “التكافل والتضامن”، أما حلفاء إيران فهم أكثر ميْلاً للحديث عن ان روسيا ستعود الى قيادة “محور الممانعة” في مواجهة ترامب وسياساته.

ورغم هذا الاختلاف الجوهري في استشراف تَوجُّهات موسكو، فمن المرجّح ان يكون “حزب الله” مضطراً لخوض مواجهةٍ مزدوجة، في سورية للدفاع عن المكتسبات المهدَّدة التي حقّقتْها ايران، وفي لبنان بعد “المعلومة” الاستخباراتية عن ان تحضيراتٍ اسرائيلية تجري لشنّ حربٍ على الحزب.