ستُجرى بتأجيل تقني الى أوائل الخريف… لن تحصل وسيتم التمديد “السياسي” للبرلمان كـ “محظورٍ” تبيحه “ضرورات” ذات صلة بـ”مدّ” التصعيد على خط العلاقات الاميركية – الإيرانية وتشظياته المحتملة في أكثر من ساحة وهو ما ستتبلور “فتائله” تباعاً في الطريق الى انتهاء ولاية البرلمان في 20 حزيران المقبل وتآكُل المهل الفاصلة عن إمكان “إنقاذ” الانتخابات النيابية.
هذان السيناريوان المتناقضان يسيران هذه الأيام “جنباً الى جنب” في المشهد السياسي اللبناني بحسب جريدة “الراي” الكويتية، ولكلّ منهما “فلسفته” ومرتكزاته التي تجعله بمثابة “واقع حتمي”، حتى يكاد الاستحقاق الانتخابي الذي “طارت” امكانات إتمامه في الموعد الذي كان مقرَّراً في 21 أيار المقبل ان يتحوّل “حزورة” على طريقة الشيء وعكسه اي: “سيحصل في وقت قريب” لاعتبارات صون التسوية السياسية التي شقّت طريقها في 31 تشرين الأول الماضي بإنهاء الفراغ الرئاسي وتشكيل الحكومة الجديدة، و”لن يحصل أبداً” قبل استرهان الواقع اللبناني لمقتضيات الاشتباك الأميركي – الايراني الذي تتراكم “صواعقه” وتداعيات التحوّلات في تموْضعات لاعبين فاعلين في الملف السوري والانطباع بأن طهران لن تجد الكثير لتحصده ضمن “لعبة الجبابرة”.
والواقع ان دوائر سياسية في بيروت “تقفز” فوق “قشور” الصراع الذي يراوح مكانه حول طبيعة قانون الانتخاب وصيغه وتقسيماته، مستشعِرة حِراكاً غير عادي على “فالق الزلازل الاقليمي” الذي يقع عليه لبنان، يستعيد بعض ما شهدته مرحلة 2004 – 2005 حين تحوّل القرار 1559 وصدور “أمر عمليات” دولي بإنهاء حقبة الوصاية السورية على لبنان عنصراً رئيسياً في عملية “ليّ الأذرع” مع نظام الرئيس بشار الأسد آنذاك على خلفية ملفات اقليمية، أبرزها العراق وسط رواج نظرية فصله عن ايران، ولافتة الى ان اي محاولة اليوم للانقضاض على طهران – تحت عنوان وقف تَمدُدها في المنطقة – من خلال الساحة اللبنانية عبر جعل “حزب الله” هدفاً، سواء من البوابة السورية او داخل لبنان بـ “الزناد” الاسرائيلي، ستعني التعاطي مع مجمل الملف اللبناني من قبل ايران وحلفائها على أنه “ساحة دفاع” او حتى “وجود”، وتالياً تحويل أدوات تكوين السلطة وتوازناتها، وأبرزها الانتخابات النيابية، من ضمن “ذخائر المعركة”. علماً ان هذه الانتخابات كانت شكّلت قبل 12 عاماً جزءاً رئيسياً من “المسرح السياسي” لاغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري.
وتحت هذا السقف تدور “لعبة التكهنات” حيال حقيقة المسار الرامي الى استيلاد قانون جديد للانتخاب، وسط اعتبار أوساط سياسية ان ما نُقل عن قبول الرئيس سعد الحريري باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع نظام الاقتراع النسبي هو في سياق “نفض يده” من تحميله مسؤولية اي عرْقلة عن إقرار القانون، وتوسيعه مروحة الخيارات الى الحدّ الأقصى حرصاً على عدم تحميل هذا الوزر لحكومته الحالية التي تشكّل “تمريناً” لحكومته ما بعد الانتخابات، الى جانب إظهار ان الرافض الفعلي للنسبية الكاملة هم أفرقاء آخرون بينهم “التيار الوطني الحر” رغم كلام عون عن تأييدها.
على ان “القراءة” المعاكِسة لهذا المعطى تستند الى نفي مصادر الحريري ونواب في كتلته ان يكون وافق على النسبية الكاملة، لتشير الى محاولاتٍ لإظهار الحريري متنازِلاً أمام بيئته الحاضنة وانه يربط “التنازلات” بضمانات ذات صلة بعودته الى السلطة، وهو ما عبّر عنه ما نشرته صحيفة محسوبة على 8 آذار عن “مقايضة الحريري قانون الانتخابات وفق النسبية في لبنان دائرة واحدة بضمان رئاسته للحكومة بعد الانتخابات” الأمر الذي نفاه وزير الداخلية نهاد المشنوق قائلاً: “كمن يبدّل الحديد بقضامة”.
وفي حين برز امس تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري استعداد الحريري لاعتماد نظام نسبي على قاعدة لبنان دائرة واحدة “لكنه (أي الحريري) لم يطرح مقايضة ذلك بضمان بقائه رئيساً للحكومة”، برز اللقاء الذي جمع ليل اول من امس رئيس الحكومة والنائب وليد جنبلاط الرافض كلياً للنسبية الكاملة والذي أبدى أخيراً مرونة حيال صيغة مختلطة تتضمّنها مع الأكثري مع ضمانات ذات علاقة بمنقطتيْ الشوف وعاليه.
واذ حرص الحريري على تبديد الأجواء المتشائمة حول أزمة القانون، مؤكداً ان “هناك صيغاً عدة تتم مناقشتها بكل ايجابية من كل الأفرقاء”، ومعلناً “اذا لم ننجز قانون انتخاب فان هذه الحكومة تكون قد فشلت”، مقدّراً نسبة التقدم الحاصل لانجاز قانون الانتخاب بانها “قد تصل الى 70 في المئة”، أوضح جنبلاط الذي تتراكم “غيوم” في علاقته مع رئيس الجمهورية ان “أهمّ شيء ان نخرج من هذا المأزق ونتوصل الى قانون انتخاب يؤمن الشراكة والمصالحة والانفتاح ولا يوجِد توترات”، لافتاً الى “ان هذا اتجاه الجميع”، ومذكراً بمطالبته في مؤتمر الحزب التقدمي الاشتراكي “بقانون الستين معدلا بحيث نتقدّم الى شيء من المختلط”.