Site icon IMLebanon

الكهرباء والقانون الانتخابي اختباران للقوات والتيار

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: تشكل العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، في الفترة الأخيرة، مادة دسمة بالنسبة إلى العديد من المحللين والمتابعين للشأن اللبناني، خاصة مع بروز خلافات بينهما في عدد من الملفات على رأسها ملفي الكهرباء والقانون الانتخابي.

وفي مسعى بدا واضحا أنه لتفويت الفرصة على “الصائدين في المياه العكرة”، تصرّ قيادات الحزبين المارونيين، في كل إطلالة على التأكيد أن ما يحصل ليس إلا اختلاف في وجهات النظر لا يرقى بالمرة إلى خلاف.

في كلمة له في افتتاح المؤتمر التنموي بكسروان (غرب وسط لبنان)، مؤخرا، قال رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إن “صلابة العلاقة والتفاهم بين الوطني الحر والقوات هي من عناد وصلابة ميشال عون ومن عنادي وصلابتي أنا”. مشددا على أن “من يحاول الإيقاع بنا أقول له لن تصل لأي نتيجة”.

ومنذ توقيع وثيقة تفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات في يناير من كانون الثاني 2016، يخضع الجانبان إلى مراقبة لصيقة من قبل الحلفاء والخصوم على حد سواء.

ويوجد العديد من الأطراف التي تمني النفس بانهيار هذا التقارب، ولعل في مقدمتهم حزب الله الذي يعد أكبر المتضررين منه. وقد تمكن الجانبان حتى الآن من تجاوز العديد من المطبات، الموضوعة أمامهما بيد أن ذلك لا يعني أن هذا التقارب متين بالشكل الكافي، في ظل اختلافات كثيرة في وجهات النظر في عدة مسائل، وفق مراقبين.

ولا يخفي الجانبان عدم وصولهما إلى اتفاق في ملف الكهرباء وإن كان يعتبران ذلك مرتبطا بأسباب تقنية لا تحمل أي أبعاد أخرى.

ومعلوم أن القوات يرى بضرورة خصخصة هذا القطاع الذي يتسبب سنويا بخسائر تقدر بـ13 مليون دولار للدولة، فضلا عن الانقطاعات المتواصلة له الأمر الذي شكل سببا للاحتقان في لبنان.

وصعد حزب الماروني من موقفه مشترطا موافقته على الميزانية العامة بتبني خيار خصخصة هذا القطاع، ليس ذلك فقط لا بل أن رئيسه سمير جعجع لوّح بتقديم وزرائه استقالاتهم، في حال تم إسقاط مقترحه.

هناك ميل لدى التيار الحر لاعتماد النسبية، فيما يصر حزب القوات اللبنانية على تبني خيار النظام المختلط للقانون الانتخابي

وقال جعجع “إذا شعرنا بأننا موجودون في الحكومة دون تغيير الوضع القائم سنقدم استقالتنا لأننا لا نهوى العمل الحكومي بل هدفنا تصحيح الوضع القائم. والمطلوب قرار من الحكومة بالطلب من وزير الطاقة وضع دفتر الشروط لمناقصة للكهرباء في لبنان في مهلة أقصاها 3 أشهر. وثمة قانون صدر عام 2014 يجيز لوزارة الطاقة تلزيم القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء”.

ولفت رئيس القوات إلى أن “لدى وزراء التيار الوطني الحر نية طيبة لحل مشكلة الكهرباء، لكن المشكلة في تركيبة الإدارات اللبنانية وعمل الحكومة اللبنانية، ووزير الخارجية جبران باسيل هو من وضع سابقا خطة لتصحيح الكهرباء، لكن الإدارات اللبنانية منعته من ذلك”.

وفي نقد بدا واضحا أنه موجه لوزير الطاقة سيزار أبي خليل (ينتمي للتيار الوطني الحر) قال جعجع “تصحيح موضوع الكهرباء مهم لتصحيح الموازنة، ونحن لا نتعدى على وزير الطاقة والمياه، وبالمناسبة إذا كان لدى وزير الطاقة سيزار أبي خليل أي اقتراحات في وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية والاعلام، فنحن جاهزون لها”.

وكان سيزار سبق وقد وجه انتقادا ضمنيا لتدخل القوات في ملف يعتبر هو وتياره المعنيين به بالدرجة الأولى.

ويرفض التيار الوطني الحر، التوجه نحو الخصخصة، ويفضل طرق سبل أخرى مع الاحتفاظ بالقطاع تحت جناح الدولة.

وقد نقل في وقت سابق عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن طرح القوات نظري ولا يمكن تنفيذه إلا بعد خمس سنوات، في حين لابد من إجراء معالجة عاجلة لهذا الملف.

ملف الكهرباء ليس الوحيد الذي يختلف حوله التيار والقوات فهناك مسألة القانون الانتخابي التي تعد اختبارا حقيقيا للطرفين، خاصة مع تسجيل ميل لدى الأول لاعتماد طرح حزب الله القائم على النسبية، فيما يصرّ الثاني على تبنّي خيار النظام المختلط، يدعمه في ذلك كل من اللقاء الديمقراطي وتيار المستقبل.

ومعلوم أنّ النسبية تصبّ في صالح التيار البرتقالي لأنها ستفتح أمامه خيارات أرحب لا تجعله مضطرا إلى الدخول في تحالفات خاصة بعد تلويح حليفه الآخر حزب الله بأنه لن يدعم أي قائمة مشتركة بينه والقوات، وأنه لن يراعي منطق “حليف حليفي هو حليفي”. ويرى محللون أن تهديد الحزب لا يستهدف فقط جذب التيار الوطني الحر إلى خندق النسبية، بل أيضا إعلان حرب على القوات ومنعها من تحقيق نجاح مهم في الانتخابات النيابية المقبلة.

ولا يُخفي حزب الله قلقه من التقارب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، حيث يعتبر أن هذه الثنائية ستشكل معضلة كبيرة له في المستقبل.

ورغم أن حزب القوات خفف في الأشهر الأخيرة من نبرة التصعيد مع حزب الله، إلا أنّ الأخير مصر على ما يبدو على رفض أي تهدئة مع الحزب الماروني، وهو يضع في قمة أولوياته بالداخل اللبناني نسف التقارب بينه والتيار البرتقالي، ولن يجد بالتالي أفضل من إقناع الأخير بالنسبية.