كتب ميشال نصر في صحيفة “الديار”:
بات بحكم المؤكد إصدار التعيينات العسكرية والامنية في جلسة الحكومة الاسبوع المقبل، بعـد أن حسمت الاسماء لصالح العميد جوزيف عون لقيادة الجيش والعميد عماد عثمان مديرًا عامًا لقوى الامن الداخلي والعميد طوني صليبا لمديرية امن الدولة، والعميد بدر ضاهر مديرا عاما للجمارك والعميد حيدر خليل حيدر رئيسا للهيئة العليا للاغاثة والعميد طوني منصور او العميد روللي فارس لمديرية المخابرات بالاضافة الى تعيينات أخرى.
وكانت “الديار” نشرت الأسماء في عددها الصادر يوم الاحد الماضي.
العميد جوزيف عون طرحه الرئيس ميشال عون، والرئيس الحريري طرح العميد عماد عثمان، وبالتالي أمسك الرئيس عون قبضته على الجيش والرئيس الحريري على قوى الأمن الداخلي فيما تغيّرت مهمة أمن الدولة وستكون على الحياد وبالتالي كيف سيتم التعاطي بمسألة الامن بين الرئيس عون والرئيس الحريري؟
وكان طفا الى سطح الاخبار الاتفاق على تمرير التعيينات الامنية والعسكرية، بعد الاتفاق على إنجاز طبختها على نار هادئة بين المقرات الاساسية، شاقة دربها بسحر ساحر بعيدًا عن الاعلام لعدم حرقها، فكانت سلّتها التي شكلت نقلة نوعية في الاسماء التي اختيرت، إذا ما سارت الامور كما هو مخطط لها، وسط المخاوف من “عرقلة” ما تعيق اتمامها قبل الثالث عشر من آذار موعد بدء مناقشة قانون الانتخابات النيابية في مجلس الوزراء.
فحساسية الوضع الامني وتفاهم القوى اللبنانية كافة مرر التعيينات بسلاسة بعدما طبخت على نار هادئة، رغم التباين في وجهات النظر حول بعض الأسماء، قبل أن تحسم بعدما أدى التأخير في بتها والجدل الذي رافقها الى بلبلة في الاوساط العسكرية و”شلل” اثر على معنويات افراد المؤسسة وعلى العملين الامني والعسكري، بحسب ما تكشف مصادر سياسية رافقت المشاورات، كاشفة انه خلافا لكل ما اشيع عن موقف اميركي رافض، فإنّ الوفود التي زارت لبنان لم تناقش أمر تغيير قائد الجيش مع الطرف اللبناني كما أنّها لم توصل أي رسائل في هذا الاتجاه، مشددة على أن همها الاساس تمحور حول ضرورة تفعيل عمل المؤسسة ومضاعفة الجهود على كافة الصعد للوصول الى الهدف المنشود، جازمة بأن القائد الجديد للجيش، العميد جوزيف عون، مشهود له بمناقبيته وحياته العسكرية التي قضاها في الوحدات العملانية منفذا المهمات على الارض، بخبرة وكفاءة عالية، ما يجعل منه الشخص المناسب في المكان المناسب والوقت المناسب، مستبشرة خيرا في تعيينه اذ ان ذلك سيحقق نقلة نوعية على صعيد أداء الجيش.
من جهتها، كشفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية ان العماد ميشال عون انطلق في اصراره على ضرورة تعيين قادة جدد من مبدأ رفضه للتمديد الذي طالما حاربه وهو خارج السلطة، مشيرة الى ان الوقائع بينت ان لا خلفيات انتقامية او ثأرية، اذ ان التغيير طال كل الممدد لهم، مشيدة باتفاق الافرقاء جميعا ما سمح بايصال الافضل، ليأتي هذا التعيين تنفيذا فعليا لنهج التغيير والاصلاح في الدولة ومؤسساتها وليضخ دما وروحا جديدة في الجيش هو بأمسّ الحاجة لها اليوم.
التعيينات عند الطائفة الشيعية لم تشكل اي عقبة، منذ البداية، مع اتفاق الجميع على ابقاء اللواء عباس ابراهيم مديرا عاما للامن العام نظرا للملفات الحساسة التي يتولاها من جهة، أما تسوية مشكلة المديرية العامة لامن الدولة والتي عملت عليها دوائر رئاسة الجمهورية، القاضية بتعيين خلف للواء جورج قرعة هو العميد طوني صليبا ومساعدا له العميد سمير سنان، والذي تبلغ القرار منذ مدة وتوقف تعيينه الى حين اتمام “الصفقة” كاملة، في اطار خطة جديدة تلحظ تغييرا في مهمة المديرية وتضعها على الحياد، كذلك العميد بدر ضاهر مديرا عاما للجمارك، لتحل بذلك مشكلة بقيت تحت الرماد بين المدير العام السابق شفيق مرعي ورئيس المجلس الاعلى للجمارك.
وبحسب مصادر متابعة للاتصالات التي جرت، فإنّ التعيينات في المواقع المسيحية ترك أمر الفصل فيها لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي كلف فريقا من المقربين منه دراسة الملفات والمعلومات عن الاشخاص المرشحين لتولّي تلك المراكز في قيادة الجيش، بعدما تسلم بناء لطلبه لائحة بأول 22 ضابطاً مارونياً وفقا لتصنيفهم حسب اضباراتهم العسكرية، والمديرية العامة لامن الدولة، فيما ترك “حق الفيتو” لباقي الاطراف. قاعدة سرت ايضا على موقعي مدير عام قوى الامن الداخلي والامين العام للمجلس الاعلى، حيث ذكى رئيس الحكومة سعد الحريري للاول العميد عماد عثمان وللثاني العميد حيدر خليل حيدر، خلفا للواء محمد خير الممد له.
التعيينات التي كان من المنتظر ان تبصر النور في جلسة 22 شباط تأخرت بعد ان عادت الكرة الى ملعب العميد جوزيف عون قائد اللواء التاسع المنتشر على جبهة جرود عرسال والذي آثر طوال الفترة الماضية التزام مقر قيادته كي لا يساء تفسير اي تحرك له، بحسب مقربين منه، بعدما حسمها رئيس الجمهورية مستفيدا من تهاوي الاسماء المرشحة ممسكا قبضته على الجيش، مع تسلم العميد جوزيف عون علم الجيش يوم الخميس المقبل بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على تعيينه في مراسم رسمية تقام صباحا في باحة وزارة الدفاع – قيادة الجيش بحضور حشد من الضباط والملحقين العسكريين على ان ينتقل بعدها الى جناح القائد برفقة مدير مكتبه العميد وسيم الحلبي الارثوذكسي من ضهور الشوير، الذي سيخلفه في مركزه في العمليات العقيد ميشال بطرس من بلدة القبيات العكارية والذي شغل منصب قائد الكتيبة 15 (مدفعية) وكلف بمهمات امنية في محيط مخيم عين الحلوة قبل ان ينقل ليتسلم مركز منسق نيران المدفعية وقد رقي لرتبة عقيد مطلع العام ليشغل بذلك وظيفة مخصصة لضابط برتبة عميد.
وفيما رجحت المعلومات ان يقدم العماد جان قهوجي استقالته باعتباره يبقى في الخدمة حتى ايلول بحسب قرار التمديد له، علم ان عملية نقل أغراض العماد قهوجي وعائلته من المنزل المخصص للقائد في الفياضية الى شقته في الذوق قد باشرت على نهايتها، تمهيدا لاجراء بعض التحسينات قبل تسليمه للقائد الجديد، كذلك اوراقه الخاصة من مكتب القائد، وقد علم في هذا الاطار ان العماد جوزيف عون سيبقي على العقيد زياد بركات مسؤولا عن المواكبة في مكتب القائد، فيما رشح ان العميدين محمد الحسيني وهادي أوسي سيعينان كملحقين عسكريين في الخارج (ايطاليا، الصين) لمدة سنة.
اما فيما خص مديرية المخابرات فقد علم ان المرشحين لخلافة العميد كميل ضاهر هما العميدان طوني منصور امين سر المدير، أو روللي فارس رئيس قسم الضباط في فرع الامن العسكري في المديرية. وردا على ما يشاع عن رغبة رئيس الجمهورية بتغيير اعضاء المجلس العسكري اشارت المصادر الى ان ذلك لا يبدو منطقيا حاليا ذلك ان الضباط الذين سيغيرون معينون حديثا، فضلا عن ان تغيير اي منهم سيبقي اكثر من لواء من نفس الطائفة في الجيش الا في حال قرروا الاستقالة.
أمّا فيما خص المديرية العامة لقوى الامن الداخلي فـقد حسم منصب المدير العام لصالح العميد عماد عثمان رئيس شعبة المعلومات، ما يكرس قبضة رئيس الحكومة على المديرية، الذي سيرفع وزير الداخلية اسمه الى مجلس الوزراء، خلفا للواء ابراهيم بصبوص، بعدما تم استبعاد اسم العميد احمد الحجار رئيس معهد قوى الامن بسبب قربه من احدى القيادات السياسية السنية، رغم كفاءته المشهود له بها، وتعامله مع اكثر من رئيس حكومـة ابان تسلمه رئاسة الحـرس الحكومي.
كذلك سيتم تعيين العقيد خالد حمود رئيساً لفرع المعلومات، على ان ينتقل العميد سعيد فواز من رئاسة الامن العسكري في شعبة المعلومات الى مجلس قيادة قوى الامن الداخلي عن المقعد الشيعي، على ان تتابع الاتصالات لتمرير تعيين مجلس قيادة جديد في غضون ايام من استلام المدير الجديد. وتشير المصادر في هذا الخصوص الى ان وفدا من كبار ضباط قوى الامن سبق ان زار رئيس الحكومة سعد الحريري طارحا مسألة الاقدميات التي ستتأثر مع تعيين العميد عماد عثمان لكنه وعدهم بتقديم حوافز للمتضررين يقدمون بموجبها استقالاتهم من السلك.
كما وصل العماد ميشال عون من قيادة اللواء الثامن في سوق الغرب الى اليرزة عام 1984 خلفا للعميد ابراهيم طنوس قبل انتهاء ولايته، يصل اليوم وبعد 33 عاما “عوني” آخر من عرسال هذه المرة ويتسلم الراية من عماد لن يكمل ولايته الممددة. الفارق الوحيد بين “العونان” شعار يحمله الثاني ولطالما أحبه الاول.