IMLebanon

العدّ العكسي لـ”ساعة الحقيقة” في قانون الانتخاب يقترب!

بات شبه محسوم في بيروت أن الأسبوع الطالع سيحمل إنجازيْن يحتاج إليهما الواقع اللبناني الذي وجد نفسه أمام منزلقٍ حساس في ما خص قانون الانتخاب والذي يقف على “الحافة” في علاقاته مع الشرعيتيْن العربية والدولية، وهما الموازنة العامة الأولى من نوعها منذ 12 عاماً، التي يُتوقع إقرارها في مجلس الوزراء ثم إحالتها على البرلمان، والتعيينات الأمنية التي يُرتقب ان تسمح بترتيب وضْع مختلف الأجهزة التي تنخرط غالبيّتها في معركة ضدّ الإرهاب.

وفي حين تشير التقديرات الى إمكان الانتهاء من مناقشة الموازنة في جلسة الحكومة يوم غد، لم يُحسم اذا كان إقرارها سيتم في الجلسة نفسها ام انه سيصار الى اعتماد المسار التقليدي بأن يحصل ذلك في جلسة يترأسها رئيس الجمهورية، علماً ان غالبية المعلومات تتقاطع عند ان جلسة الأربعاء سيتخللها بتّ التعيينات الأمنية وأبرزها في موقعيْ قائد الجيش حيث سيتولى العميد جوزف عون بعد ترقيته إلى رتبة لواء هذا المنصب خلفاً للعماد جان قهوجي، والعميد عماد عثمان منصب مدير عام لقوى الامن الداخلي (يُرقى الى لواء)، والعقيد خالد حمود رئيساً لفرع المعلومات، والعميد طوني صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة بعد ترقيته إلى رتبة لواء خلفاً للّواء جورج قرعة، على ان يبقى اللواء عباس إبراهيم مديراً عاماً للامن العام لكن على ان يقدّم استقالته من السلك العسكري كي يُستدعى مدنياً ليستمرّ في موقعه للسنوات الخمس المقبلة.

وبعد ان يمرّ استحقاقا الموازنة والتعيينات، يبدأ العكسي لـ “ساعة الحقيقة” في ملفين: أوّلهما قانون الانتخاب الذي أطاح شدّ الحبل حوله إمكان إنجاز الاستحقاق النيابي في مواعيده الدستورية لينتقل “عضّ الأصابع” الى كيفية تفادي الوقوع في فراغٍ نيابي بحال انتهت ولاية البرلمان في 20 يونيو قبل التوصّل الى قانون يتضمّن في متنه تأجيلاً تقنياً للانتخابات لأشهر قليلة، والثاني الموقف الدولي من تموْضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلف “حزب الله” بإضفاء الشرعية على سلاحه، وهو ما يُرتقب ان يتبلور في 15 الجاري مع التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة الذي يراقب تنفيذ القرار 1701.

ويكتسب هذا التقرير أهمية مضاعفة هذه السنة باعتبار انه جاء على وقع “الصخب المكتوم” الذي أحدثتْه مواقف عون التي اعتبرتْها ممثلة الامين العامة للمنظمة الدولية في لبنان سيغريد كاغ لا تتلاءم مع مندرجات الـ 1701، قبل ان يكرّس التقرير الذي سُرّب على الاجتماع السرّي لسفراء دول مجموعة الدعم الدولية للبنان بحضور كاغ وممثّل للجامعة العربية عدم الارتياح الخارجي لما عبّرتْ عنه تغطية الرئيس اللبناني لسلاح “حزب الله”. علماً ان مداخلات السفراء خلال هذا الاجتماع حملتْ إشاراتٍ بالغة السلبية حيال المحاذير التي يمكن ان تترتّب على أيّ انزلاقٍ رسمي إضافي نحو خطابٍ من شأنه استفزاز المجتمعيْن العربي والدولي لا سيما في لحظة الاندفاعة الأميركية على إيران والمخاوف من تحويل لبنان “صندوقة بريد” او إحدى ساحات “تقليم أظافر” طهران انطلاقاً من موقع “حزب الله” ودوره كرأس حربة عسكرية في مشاريعها التمددية في المنطقة.

والى جانب هذا الملف البالغ الدقة، لا توحي وقائع الايام الماضية بأن قانون الانتخاب الجديد يقترب من اجتراح مخارج تسمح بالتوافق على صيغة يفضّل رئيس البرلمان نبيه بري ان تمرّ عبر مجلس الوزراء ثم تحال على مجلس النواب.

ورغم التسريبات الاخيرة عن ان رئيس الحكومة سعد الحريري لم يعد متصلباً حيال خيار النسبية الكاملة في نظام الاقتراع انطلاقاً من حساباتٍ تُظهِر “تعويضاً” في أكثر من منطقة يمكن ان يحققه بحال اعتماد لبنان دائرة واحدة، فإن هذا الخيار الذي يُعتبر “المفضّل” لدى “حزب الله” وحلفائه يثير ريبة أطراف عدّة حيال مغازيه السياسية وتداعياته على صعيد “فك الارتباك” الانتخابي بين الثنائي المسيحي “التيار الوطني الحر” (حزب الرئيس عون) و “القوات اللبنانية”، وسط مفارقة ان “التيار” ورغم دعم رئيس الجمهورية للنسبية الكاملة على اساس لبنان دائرة واحدة، يتحفّظ عن هذه الصيغة ومعه “القوات” باعتبار انها لا توفّر للمسيحيين العدد المنشود من النواب الذين يُنتخبون بتأثير مسيحي راجِح، اذ ان نسبة المسيحيين بالكاد تلامس 37 بالمئة من مجموع الناخبين، ما يعني أن جعل لبنان دائرة واحدة يسمح للمسيحيين بالحصول على 47 مقعداً كحد أقصى “محرَّرين” من تأثير الطوائف الأخرى.

ومن هنا، يبقى خيار “المختلط” بين الاكثري والنسبي هو المطروح لدى الثنائي المسيحي، الى جانب النسبية الكاملة (بالنسبة الى التيار الحر) مع دوائر متوسطة أو “التأهيلي” الذي يقوم على انتخاب أبناء كل طائفة لمرشحيهم في المرحلة الاولى، ليتأهل إلى المرحلة الثانية مرشحان فقط عن كل مقعد. ويخوض المرشحون المتأهلون الانتخابات في المرحلة الثانية، وفق النسبية، في الدوائر نفسها.