كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:
ينذر ربيع 2017 في لبنان بأن يكون “ساخناً” مع دخول معركة قانون الانتخاب الجديد مرحلة “قرْع طبول” ما قبل “كشْف الأوراق” الفعلية وانتهاء “جولات” المناورات التي تبدو في سياق عملية “إنهاكٍ” متبادل بين الأفرقاء الداخليين وصولاً الى صيغةٍ لن تشكّل إلا انعكاساً لميزان القوى الداخلي وامتداده الاقليمي.
والمفارقة ان بداية الربيع في 21 آذار، تصادف بعد 3 ايام من انتهاء آخر مهلة لدعوة الهيئات الناخبة التي يجب أن تحصل قبل 90 يوماً من نهاية ولاية البرلمان (في 20حزيران)، وهو التاريخ الذي بدأ يُحدِث استقطاباً سياسياً، في ضوء معطييْن: الأول تعاطي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزبه السياسي (التيار الوطني الحر) كما حليفه المسيحي “القوات اللبنانية” معه على انه سيحمل، بحال تكرّرتْ الدعوة الى الانتخابات في هذا الموعد على أساس قانون الستين الحالي النافذ، استعادة لـ “سيناريو” شباط الذي امتنع بموجبه رأس الدولة عن توقيع المرسوم الذي أصدره وزير الداخلية نهاد المشنوق ووقّعه رئيس الحكومة سعد الحريري لانتخاباتٍ كانت مقرَّرة في 21 أيار، وهو ما تَرافق حينها مع آراء قانونية ودستورية أكّدت أنّ آخر مهلة لدعوة الهيئات هي 18 آذار بما أنّ ولاية البرلمان تنتهي في 20 حزيران ولأن إجراءَ الانتخابات يمكن ان يكون في الأحد الأخير قبل انتهائها والذي يصادف في 18 حزيران وإن كان شهر رمضان قد بدأ.
أما المعطى الثاني فيتمثّل في تعمُّد رئيس البرلمان نبيه بري عدم التسليم بـ“دفن” قانون الستين، في سياق “شد الحبال” القاسي الدائر مع عون وحزبه حول صيغ القانون الجديد، والتي تراوح بين مختلطٍ (يجمع بين نظاميْ الاقتراع الأكثري والنسبي) كان تَقدّم رئيس “التيار الحر” الوزير جبران باسيل بطرحٍ حوله أجهضه الثنائي الشيعي بري و”حزب الله”، وبين مركّب يقوم على التأهيل بالأكثري طائفياً على مستوى القضاء والانتخاب نسبياً ووطنياً على مستوى المحافظات، وهو ما لا يلقى قبولاً لدى “تيار المستقبل” المتحفّظ مبدئياً على النسبية الكاملة كما على نسب التأهّل التي يريدها “حزب الله” متدنّية لضمان انتقال حلفائه الى “وعاء النسبية”.
وكان بارزاً عشية استعداد المشهد الداخلي للانتهاء من مرحلة إنجاز الموازنة العامة التي عَقد مجلس الوزراء جلسة جديدة امس لاستكمال مناقشتها تمهيداً لإقرارها مبدئياً الأربعاء في جلسةٍ منفصلةٍ عن ثانية تلتئم في اليوم نفسه لإنجاز سلّة التعيينات الأمنية، ان العلاقة بين بري و”التيار الحر” تتّجه الى مزيدٍ من الاحتدام الذي عبّر عن نفسه في ردّ رئيس البرلمان ضمناً على تصعيد باسيل الذي كان اعتبر “أن قانون الانتخاب أهمّ من رئاسة الجمهورية، او العهد” وان الرئيس عون لن يوقّع اي مرسوم على اساس “الستين”، وصولاً الى ربْطه إقرار الموازنة في البرلمان بالتوصل الى قانون جديد.
ونُقل عن بري قوله امام زواره انه لا يمكن أن يقبل بالفراغ تحت أي اعتبار، وإذا كان لا بدّ في حال لم يتم التوصل إلى قانون الانتخاب في مهلة زمنية معقولة “فليكن على الستين يا بطيخ”، منبّهاً “المطلوب استغلال شهر مارس جيداً، وإلا سيصبح البلد في خطر”.
وبمعزل عن “حرب الصيغ” التي تترافق مع عملية “عض أصابع” قاسية مفتوحة على فصول أشدّ قسوة، تؤكد دوائر مطلعة عبر “الراي” ان الرصْد الدقيق يبقى لما اذا كان “حزب الله” الذي يُمسك بمفاصل الإمرة الاستراتيجية سينجح في جعْل قانون الانتخاب واستطراداً الانتخابات المقبلة “حبْلاً” يلفّ به مجمل اللعبة الداخلية، من خلال “تفكيك” الصراع من سياسي الى مستوى “اللعب داخل حدود الطوائف” و”ترسيم نفوذ” كل منها بما يخدم “مشروعه الأكبر” ببُعديْه اللبناني والاقليمي على المدييْن القصير والبعيد، وهو ما يعبّر عنه حرْصه على إجهاض اي صيغة تضمن للثنائي المسيحي “التيار الحر” و”القوات” (رغم ان الاول حليفه) 45 نائباً في البرلمان الجديد، اي الثلث المعطّل الذي يسمح له بالتحكّم باستحقاقات مفصلية مثل الانتخابات الرئاسية المقبلة.