حاورتها رنا أسطيح
تشغل الإعلامية اللبنانية ريما نجيم حيّزاً واسعاً من اهتمام المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومساحةً راقيةً من أثير الإذاعة، حيث تقدّم منذ أكثر من 17 عاماً مادةً تولي المضمون التثقيفي والبعد الإنساني والاجتماعي والفني الراقي أهمية كبرى، ما يكرّس مكانتها بين الإعلاميات “الأوائل” أسوةً بعنوان برنامجها عبر إذاعة “صوت الغد”، حيث تطلّ كذلك كمقدّمة للفترة الصباحية اليومية وكرفيقة محبّبة لصباحات المواطن اللبناني. الإعلامية اللبنانية التي كرّمتها أمس “مصلحة شؤون المرأة” في حزب الكتائب اللبنانية، ضمن “المتلقى الأوّل ليوم المرأة العالمي”، تخصّ “الجمهورية” بحوار شائق تتحدّث فيه عن مشوارها الإعلامي والإنساني، كاشفةً للمرة الأولى عمّا تعرّضت له من مضايقات لكونها امرأة ومعلنةً عن موقفها من قضايا المرأة والمشهد العام على صعيد الإعلام اللبناني.
على الرغم من النمطية التي تسود الساحة الإعلامية بشكل عام واجترار المادة نفسها عبر منصّات كثيرة، تبدو ريما نجيم غير مكترثةٍ بدخول حلبة التناتش على المادّة “المعروضة” وتسعى سواء في برنامجها الصباحي “يا ريما” أو عبر المساحة التي تشغلها على السوشال ميديا، إلى تناول مادة أخرى مختلفة تماماً عن السائد، لتقدّم مضموناً قريباً من اهتمامات المواطن اللبناني وقادراً على خلق مساحة من التفاعل والحوار مع المستمع الذي توافيه كلّ يوم بجرعات من الإيجابية والروحانية والفلسفة والفن الجميل، طارحةً معه موضوعات كثيرة متنوّعة الجامع بينها أنها دوماً تغوص في عمق المعاجلة ولا تبقى طافيةً على السطح.
أقاوم من أجل حرّيتي
في هذا الخصوص، تؤكّد ريما نجيم في حديث خاص لـ “الجمهورية” أنّ “الحياة تفعل ما بوسعها لتأخذ منّا الكثير من براءتنا وجمالنا، وأنا بدوري أفعل ما بوسعي لأحتفظ بالأشياء الجميلة التي في داخلي ولأتشبّث بقيم نفقدها أحياناً من دون أن نشعر، فيما يأخذنا صخب الحياة وانشغالاتها وهمومها، ولذلك أقاوم من أجل المحافظة عليها وصونها”.
وتضيف: “أقاوم بالدرجة الأولى من أجل حرّيتي ليس فقط كامرأة وإنما كإنسانة. لا أستطيع أن أرى نفسي مسلوبة الحريّة مهما كان شكل السجن الذي سيقيّدها سواء أكان منزلاً أو عملاً أو معتقداً أو زواجاً أو حتى صداقة.
الشهداء يموتون فدى حرية الأوطان وهم يختارون الموت ويندهونه لانهم مؤمنون إلى هذه الدرجة بقيمة الحرية التي ناضلوا من أجلها. وانا بالنسبة لي الحياة بلا حرّية ما هي إلّا موت حتمي، فإما أكون امرأة حرّة أو لا أكون ببساطة”.
لا أؤمن بيوم المرأة
ريما نجيم التي كانت واحدة من ثلاث نساء رائدات في المجتمع اللبناني كُرّمن أمس ضمن “الملتقى الأول ليوم المرأة العالمي”، الذي أقيم في “بيت الكتائب المركزي” في الصيفي، تعترف: “لا أؤمن بيوم المرأة العالمي لأنّ فيه الكثير من الشعارات الرنّانة التي تطبَّق ولا تقترن بأيّ فعل. كلّ السياسيين وأصحاب القرار في العالم يهدوننا في هذا اليوم وردةً وأشعاراً لا تقدّم للمراة في عالمنا أيّ شيء.
ماذا يضيف هذا اليوم لمَن يناضلون في سبيل حقوق المرأة على مدار أيام السنة؟ لا أؤمن بيوم للمرأة ولا بوزارة تُعنى بشؤونها وهذا ما كتبته في تغريدة على “تويتر” لانني أجد في ذلك انتقاصاً للمرأة وإنسانيتها، وكأننا بتخصيصها بيوم وبوزارة خاصة نعاملها على أنها كائن غريب عن هذه الحياة وكأنها بحاجة إلى حلّ لتتأقلم مع الحياة والمجتمع والزمن”!
انتفضي ولا تسكتي عن الظلم
وتتابع: “عندما يقول نائب لبناني إنّ المرأة تُلام إن تحرّش بها رجل، ماذا نتوقع من هذا المجتمع؟ ولكن رغم كل شيء لا يمكننا إلّا أن نقاوم ونناضل لكي نكون نحن التغيير، فالمراة المعنّفة يجب أن تصرخ كفى والمرأة التي تتعرّض لعنف لفظي يجب ألّا تسكت والموظّفة التي يتحرّش بها مديرها عليها أن تقف بوجهه وترفض.
يجب على المرأة ألّا ترضى بأيّ نوع من التنازلات وأن تعرف أنها قادرة على التفوّق ولكن مطلوب منها في المقابل ألّا تساهم بتسليع نفسها وألّا ترضى بأن تكون ضحية أو أداة يستخدمها أيّاً كان ولأي هدف كان… كفانا استغباناً بالمرأة وقدراتها وحقوقها الأساسية كإنسانة”!
المتحرِّش شخص مريض
وعمّا إذا كانت بدورها تعرّضت لمضايقات أو تحرّش كامرأة، تقرّ: “نعم تعرّضت للتحرّش عندما كنت في بداية المشوار وكنت ما أزال يافعة وكذلك تعرّضت له عندما كنت أكبر سناً.
وما من امرأة لم تجد نفسها في موقف مماثل بشكل أو بآخر، ولكن المهم ألّا تسكت وأن تواجه وأن تعرف أنّ باستطاعتها أن تضع حداً لكلّ شيء وأن ترفض وأنها ليست المسؤولة أو الملامة او المغوية وإنما المتحرّش هو الشخص المريض الذي يجب أن نواجهه ونرفع الصوت بوجهه، ولذلك أقول للمرأة انتفضي ولا تسكتي”.
الوضع مزرٍ في الإعلام
وعن المرأة في المشهد الإعلامي، تقول: “المشهد الإعلامي العام في وضع مزرٍ فأين هي الكفاءات والفرص الحقيقية التي تعطى للمرأة في الإعلام. عندما يصبح للإعلامية مشوار كبير ومخزون ثقافي وتجربة مهمّة تخوّلها أن تقدّم مادة مقنعة ودسمة للمشاهد، يتمّ إقصاؤها عن المشهد بدلاً من توفير المنصة اللائقة لها لتستثمر نضوج تجربتها بما يغني المشهد العام ويشكل قيمة مضافة للمتلقي.
وفي نظرة سريعة على الإعلام العربي نجد أمثلة كثيرة على برامج ذات أبعاد ثقافية أو اجتماعية تبرز فيها المرأة وفي الغرب ينتظرون الإعلامية لبلوغ هذه المرحلة من النضج المهني لتتحوّل إلى أيقونة تعكس مجتمعها وتستطيع مخاطبته أما في لبنان فيُقال لها شكراً انتهى دورك، فأين أصبحنا اليوم بعدما كنّا روّاد الإعلام في الشرق”؟!