كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
افتتحت “القوات اللبنانية” معركتها النيابية من البترون، عبر إعلان اسم خلف النائب أنطوان زهرا. الأخير غاب عن اللقاء ومناصروه انتقدوا ترشيح فادي سعد. وعدا عن “الخلافات القواتية الداخلية”، تبدو خطوة معراب موجّهة إلى “الحليف” جبران باسيل.
غاب أول من أمس الخميس 9 آذار النائب أنطوان زهرا عن لقاء “تسلّم وتسليم” مقعده النيابي في منطقة البترون إلى الأمين العام السابق للقوات اللبنانية فادي سعد. المقعد الفارغ في الصفّ الأول داخل القاعة التي عقد فيها رئيس الحزب سمير جعجع مؤتمره الصحافي لإعلان اسم مرشحه، لم يكن مُخصّصاً لزهرا. كان هذا كرسي جعجع الذي “شغر” بعد انتقاله إلى المنصة لإلقاء كلمته.
ليس أمراً عابراً أن يغيب زهرا عن حدث كهذا. وليست مقنعة إجابة زهرا (على سؤال “الأخبار”) بأنه كان مشاركاً في جلسة اللجان النيابية لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب، والتي تزامنت مع المؤتمر الصحافي في معراب. ألم يكن باستطاعة قيادة القوات تعديل توقيت اعلان اسم مرشح إلى انتخابات نيابية أصبحت بحُكم المؤجلة؟ ولماذا لم يتغيّب زهرا عن “اللجان” في “حَشْرة” كهذه؟ مقاطعة الأخير احتفال معراب فتحت الباب أمام سجالٍ وأحاديث، استعادت زمن الخلافات بينه وبين سعد يوم كان الأخير مسؤولاً عن منطقة البترون متَّهَماً بنقل الأخبار السيئة عن زهرا إلى جعجع. القلوب المليانة بينهما بانت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حين انتقد أعضاء في فريق عمل زهرا وآخرون مؤيدون له وصْفَ سعد لنائبهم بأنه “ظاهرة إعلامية”.
“لا نعرف صراحة سبب مقاطعة زهرا للمؤتمر”، تقول مصادر معراب الرسمية التي يهمها أن تؤكد نقطتين؛ أولاً، “لا علاقة لخطوته بكل ما يُشاع عن موقف زهرا من التحالف مع التيار الوطني الحر”. أما النقطة الثانية، فتتعلّق بالتباينات في منطقة البترون “والتي تقف عند هذه الحدود. طوني سيكون في مقدمة الناس الذين يقاتلون من أجل القوات”. إذاً، تُقرّ مصادر معراب بوجود خلافٍ داخلي، ولكن يحلو لها أن تُطلق عليه تسمية “تباينات حزبية” وتصفها بـ”الطبيعية”.
ليس غياب زهرا الأمر الوحيد الذي أثار الاهتمام، بل أن تكون “البترون البداية”، عوض أن تلجأ القوات إلى استنهاض القواعد في أقضية أخرى معركتها فيها أصعب مما هي عليه في “بوابة الشمال”. هل السبب أنّ البترون هو القضاء الذي يُمنّي رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل نفسه بأن يتحالف فيه مع القوات حتّى يضمن فوزه بالمقعد النيابي، وكان يرغب في أن تضم اللائحة مرشحاً قواتياً من آل حرب من الجرد؟ فسعد ليس من الجرد حيث الثقل العددي للناخبين، وحيث زعامة بطرس حرب. وبعدم ترشيح جرديّ، تكون القوات كمن يقاسم العونيين صحنهم الانتخابي في الساحل والوسط. تبدو خطوة جعجع الاستباقية موجّهة ضد جبران باسيل أكثر من أي شخص آخر.
تردّ مصادر معراب بأنّ إعلان المرشح “هو للقول إنّنا حسمنا القرار. النقاش الحزبي الذي كان مسموحاً بعد إعلان زهرا عزوفه عن الترشح، انتهى”. وتؤكد أنّ حشد الأصوات لن يتأثر باسم المرشح. “صحيح أنّ زهرا شكّل حالة ورمزية ونجح في ذلك، ولكن قبل الـ2005 لم يكن معروفاً. ثمة عصب قواتي، والناس تنتخب من أجل سمير جعجع والقوات. نعمل من أجل تثبيت هوية البترون القواتية”. تبدو المصادر معتدّة بنفسها وهي تقول، “إذا تحالفنا مع التيار الوطني الحر، حرب لن يرى النيابة. وإذا تحالفنا مع حرب يبقى الوضع الحالي قائماً”.
وإعلان بدء عمل الماكينات الانتخابية من البترون أتى بعد أن “خلق قرار زهرا داخل المنطقة ردّ فعل وبلبلة. أما في المناطق الأخرى، إما أنّ النيابة محسومة أو أن المرشحين معروفون”. وبرأي المصادر، فإنّ أي تأخير في إعلان اسم المرشح في البترون سيؤدي إلى “خلق تيارات رديفة داخل الحزب”.
بعد انتهاء المؤتمر الصحافي، طلب جعجع من الاعلام مغادرة القاعة. وبحسب معلومات “الأخبار”، فإنّه ردّ على باسيل الذي كان يتمنى التحالف مع شخصية من جرد البترون، بالقول “نحن قوات ولا أحد يفرض علينا وجهة نظرنا وتركيبة اللائحة. استعدوا لكل شيء”. تستهزئ مصادر معراب بهذه المعلومة، “جبران بدو يقرّر؟ شو هالمزحة!”. طلب جعجع من مناصريه، بحسب المصادر نفسها، أن “لا أسمع بخلافات بعد اليوم. المزح ممنوع”. أما التحالفات، “فعنوانها الأساسي التفاهم مع التيار. ولكن ممكن أن لا نتفق في تشكيل اللوائح، عندها تكون كلّ الاحتمالات مفتوحة”.
وتحت عنوان إنفجرت بين “القوات” وباسيل في البترون… والتحالف مع حرب وارد؟
كتب في صحيفة “الجمهورية آلان سركيس:
ما تزال معركةُ الإنتخابات النيابية في البترون تأخذ الحيّز الأكبر من الاهتمام وتسرق الأضواءَ من كلّ معارك لبنان لأنّ الأيام المقبلة ستكشف مزيداً من الأمور المستورة.عبارةٌ واحدة أطلقها رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع خلال إعلانه ترشيحَ الدكتور فادي سعد أمس الأول في البترون، كانت كفيلةً بإشعال منطقة البترون ومعها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، إذ قال جعجع بما معناه: نحن القاطرة في البترون ولسنا “المقطورة” وقد رشّحنا سعد من وسط البترون ولم نرشّح وليد حرب من تنورين لكي لا نغلق الجرد، فإذا رشّحنا وليد، لا يمكن أن تكون هناك لائحة تضمّ وليد والنائب بطرس حرب، فيما سعد هو من الوسط وبإمكانه أن ينزل بتحالفاته نزولاً نحو الساحل أو يصعد صعوداً نحو الجرد، وبالتالي لا نريد أن نغلق احتمالَ التحالف مع أحد من الجرد أمامنا.
وصلت هذه الجملة الشهيرة الى مسامع باسيل والعونيين، فاشتعلت المنطقةُ من جديد بين “القوات” و”التيار الوطني الحر”، فاعتبر البعض أنّ جعجع أوصل رسالةً شديدة اللهجة الى باسيل مفادها “أننا نمسكك باليد التي توجعك”، فالنائب حرب اختلفنا معه بالأمور التكتيكية، لكنه يبقى حليفنا في “14 آذار” وبإمكاننا الاتفاق معه في أيّ لحظة خصوصاً أنّ القواعد الشعبية مشترَكة بيننا، وليس هناك خلاف على النظرة الى المسائل الكبرى والمشروع السياسي ولا عداوة معه.
وفي المعلومات أيضاً أنّ كلام جعجع استدعى استنفاراً عاماً على صعيد قيادة “التيار الوطني الحر” في البترون طوال ليل الخميس- الجمعة، وعُقد إجتماعٌ برئاسة باسيل الذي حاول تهدئة النفوس العونية المشحونة لكي لا ينفجر الوضع أكثر ويصل الى مرحلة اللاعودة، خصوصاً أنّ إنفراط عقد التحالف بين “القوات” و”التيار” في البترون سيؤدي الى انفراط التحالف في كل لبنان وهذا أمر له تداعياته على المستويات كافة، وقد يخسر العهد الغطاءَ المسيحي الذي أمّنته “القوات” له.
وفي الإجتماع أيضاً هدّد بعض المسؤولين في “التيار” من تنورين بالاستقالة قائلين لباسيل: “أنت وعدتنا بعدم تغييب تنورين والجرد عن اللائحة، وهذه سابقة خطيرة خصوصاً مع ارتفاع وتيرة ردات الفعل التنورية، ونيّة بعض الشخصيات والعائلات التي كانت تاريخياً ضد النائب حرب الى تأييده”.
ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تحدّثت معلومات عن أنّ العونيين في تنورين والجرد، أبلغوا باسيل أنهم لن يصوّتوا للائحة تحالف “القوّات” و”التيار” إذا لم يكن هناك مرشّحٌ من تنورين، كذلك لن يصوّتوا لباسيل شخصياً.
وفي السياق، تُطرح جملة تساؤلات عن استعجال جعجع تسمية مرشحه للانتخابات في البترون وإعلانه لمفرده وليس ضمن سياق إعلان مرشحي “القوات” في كل لبنان، في حين لفت البعض الى أنّ “جعجع قد يكون اتخذ هذه الخطوة بعد كلام باسيل السبت الماضي في عشاء تنورين الذي قال “إننا لن نقبل بتغييب تنورين والجرد”، ما إعتُبر تدخّلاً بشؤون “القوات” ومحاولة فرض مرشّح، فدعى جعجع كوادرَ الحزب ليل الأحد الماضي وقرّر ترشيح سعد بدلاً من وليد حرب”.
من جهتها، تستغرب مصادر “التيار الوطني الحرّ” في البترون هذا الأمر، وتقول لـ”الجمهورية” إنّ باسيل لم يهدف الى إستفزاز “القوات” بل تكلم اللغة المنطقية والعملية، والدليل أنّ ترشيح سعد أدّى الى ردة فعل تنورية عارمة من كوادر “التيار” و”القوات” على حدٍّ سواء، كذلك استنفرت بقية العائلات ضدّ تغييب الجرد”.
وتجزم المصادر: “إذا كان جعجع يريد أن “يمسكنا في اليد التي توجعنا” كما يردّد البعض، فنحن لا أحد يستطيع مسكنا أو إبتزازنا، فإما يكون التحالف بين “القوات” و”التيار” في كل لبنان وإلّا لا يكون، ولا يطننّ أحدٌ أنّ باستطاعته فكَّ تحالفه معنا في البترون ونتحالف معه في بقية المناطق، فإذا فرط بترونياً انتهى الموضوع”.
وتشدد مصادر “التيار” على أنّ “كلام جعجع عن أنه رشّح سعد لكي لا يقفل الجرد، وصلنا تباعاً وتقبّلناه بكلّ برودة أعصاب”، لافتةً في المقابل الى أنّ “جعجع رجلٌ استراتيجي وتكتيكي، فهو أطلق بالأمس رحلة التفاوض على المقاعد معنا في كلّ لبنان إنطلاقاً من البترون وبالتالي ستكون هناك مطبّات كثيرة سنعالجها”.
وترى المصادر أنّ “خطوة ترشيح سعد لم تكن عفوية أو بريئة، بل تأتي في هذا السياق، لكننا أوفياء بتحالفاتنا، إذ لا يمكننا أن نتحالف مع فريق ونمرّر أصواتاً للنائب بطرس حرب كما يهدّد غيرُنا مثلاً، فهذه ليست عاداتنا”.
ويعتبر “التيار الوطني الحر” أنّ كرة النار التي تتدحرج من تنورين وموجة الإعتراضات الشعبية باتت في ملعب “القوات”، ونحن لا نتدخل في اختيار مرشحهم، وبالتالي ما زلنا نؤكد على تحالفنا معهم وننتظر كيف ستعالج هذه المسائل.
وأمام كل هذه التطورات، تداولت معلوماتٌ عن أنّ باسيل يحاول فتحَ خطوط مع شخصيات من الجرد قد تكون بديلةً في حال فرط تحالفه مع “القوات”، وتمّ الحديث بالأمس عن أنّ هناك عدداً من الأسماء أبرزها نائب رئيس جامعة سيدة اللويزة الدكتور سهيل مطر.
وسألت “الجمهورية” مطر عن صحّة هذه المعلومات، فأكّد “انفتاحَه على كل الخيارات وجميع القوى السياسية البترونية مثل “التيار”، “القوات”، الكتائب، النائب حرب، وبإمكاني أن أترشح مع أيّ قوّة، لكن ضمن برنامج محدَّد وخطة ورؤية ثابتة”.
ويشير مطر الى أنه “لن يعلن ترشحه إذا قرر ذلك قبل معرفة شكل قانون الانتخاب ومجريات المعركة والتحالفات، “فأنا لستُ أسعى للوجاهة أو “للنمرة الزرقاء”، فإذا كان ترشّحي لا يُحدِث فرقاً فلن أُقدم على مثل هكذا خطوة، وأكرّر: “أنا صديق الكل، وعلاقتي جيدة معهم ومن ضمنهم باسيل، وكل الاحتمالات مفتوحة أمامي لكن بالنهاية لستُ هاوي كراسي”.
حتّى الآن، ليست هناك مؤشرات جدّية الى فرط حلف “القوات” و”التيار”، وكل ما يحصل هو في إطار التفاوض ورفع السقوف، حيث تصرّ “القوّات” على أنها صاحبة الحق الوحيد في اختيار مرشحيها أو سحبهم ساعة تشاء وفقاً لإتجاه ظروف المعركة.