كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تزدحم روزنامة الأسبوع الطالع في بيروت بمجموعة محطات بالغة الأهمية، سياسياً ومالياً وأمنياً، وسط استمرار عملية القراءة “بين سطور” التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة حول القرار 1701، ورصْد مستوى الامتعاض الخليجي من الموقف الرسمي اللبناني الذي عبّر عنه الرئيس ميشال عون في ما خص سلاح “حزب الله”، وهو ما تجري محاولات لاحتوائه في الطريق الى القمة العربية في عمّان كي لا تتحوّل مناسبة لمواجهة لبنانية – خليجية.
وفي حين يفترض ان يحمل يوم غد إنجازاً على صعيد بت ملف الموازنة لعام 2017 في مجلس الوزراء، فإن ملفاً متفرّعاً يُنتظر ان يصل الى خواتيمه يوم الاربعاء في الجلسة العامة للبرلمان التي يتضمّن جدول أعمالها بند سلسلة الرتب والرواتب الذي انتهت مناقشاته في البرلمان.
وفي موازاة هذين العنوانين المالييْن، تتجه الأنظار الى رزمة مواعيد ذات طبيعة سياسية بالغة الأهمية، بدءاً من الذكرى 12 لـ “انتفاضة الاستقلال” في 14 اذار 2005 والتي تغيب عنها هذه السنة اي مظاهر احتفالية جامِعة لأطراف تحالف “ثورة الأرز” الذي فَقدَ إطاره التنظيمي وبدا وكأن “شعلته انطفأتْ” تحت وطأة تحوّلات سياسية في المشهد اللبناني.
ولا تقلُّ أهميةً الزيارة التي يقوم بها الرئيس عون للفاتيكان في 15 و 16 الجاري حيث سيلتقي البابا فرنسيس وكبار المسؤولين في محطةٍ ستشكّل فاتحة لزيارات دول اوروبية عدة في مرحلة لاحقة، في سياق تكريس عودة لبنان الى الخريطة الخارجية بعد نحو 30 شهراً من انكفاءٍ غير مسبوق نتيجة الفراغ الرئاسي.
ولن يمرّ على عودة عون من الفاتيكان سوى وقت قليل قبل ان يطلّ الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله في 18 الجاري، وسط معاينةٍ دقيقةٍ لسقف كلمته واذا كان سيراعي مقتضيات مشاركة رئيس الجمهورية في القمة العربية ام انه سيكمل ما كان بدأه في 16 شباط الماضي حين جدّد الحملة العنيفة على السعودية واضعاً دولة الإمارات للمرة الاولى بالاسم في مرمى “النار” السياسية، وهي الخطوة التي تسبّبت بـ “ندوبٍ” في العلاقات العائدة حديثاً الى التطبيع مع دول الخليج التي اختار نصر الله التصويب عليها في خطابٍ كان بدأه بالإشادة بموقف عون الداعم لسلاح حزبه.
اما في 19 اذار، فإن الجبل سيكون على موعد مع محطة ذات رمزية سياسية وجدانية وانتخابية مع إحياء ذكرى أربعين عاماً على اغتيال النظام السوري مؤسس “الحزب التقدمي الاشتراكي” كمال جنبلاط، والتي أرادها نجله النائب وليد جنبلاط هذه السنة مناسبة لـ “عرض قوة” شعبي واستفتاءً على زعامته كلاعب أساسي في التركيبة اللبنانية وذلك رداً على استشعاره محاولاتٍ لتقزيم حجمه الوطني من خلال قانون الانتخاب. وبهذا المعنى فإن “الزحف الشعبي”، والمتعدّد البيئات السياسية والطائفية، نحو المختارة (معقل الزعامة الجنبلاطية) سيكون فرصة لتجديد الوفاء لفكر “المعلّم” (كمال جنبلاط) وتكريس عملية الانتقال السلسة التي اختار وليد جنبلاط ان تكون “على حياته” بينه وبين نجله تيمور الذي أعلن انه هو الذي سيخوض غمار الانتخابات النيابية المقبلة في أول الطريق نحو تسليمه عباءة الزعامة.
ولن تحجب هذه “الأجندة” الاهتمام بثلاثة قضايا تشغل الأوساط السياسية، بعضها قديم – جديد وبعضها الآخر مستجدّ، وهي:
الموقف المباغت للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من “حزب الله” واعتباره ان الحزب دخل الحرب السورية “من دون أيّ اعتبار لقرار الدولة اللبنانية بالنأي بالنفس”، معتبراً أنّ ذلك “أحرجَ اللبنانيين وقَسّمهم بين مؤيّد لتدخّله ورافض له”، وصولاً الى إعلانه في إطلالته عبر شاشاة “سكاي نيوز عربية”: “أنا مواطن، وشريكي مواطن، وأنا أعزل وهو مسلّح، وهذا شيء غير طبيعي. لكنّ الدولة اللبنانية لم تحسم أمرها في هذا الموضوع. ولو كان (حزب الله) ميليشيا خارج البرلمان، لكان الأمر شيئاً آخر، لكنه في الحكم”.
“الهبّة الساخنة” التي دهمتْ المشهد الأمني مع الاشتباكات “الفردية” التي انفجرت اول من امس، في محيط مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت بين شبان لبنانيين من آل جعفر وآخرين من اللاجئين الفلسطينيين من آل قفاص ما أدى إلى مقتل شخصيْن وجرْح آخرين وتضرر عدد كبير من السيّارات واحتراق عدد من المنازل.
ورغم نجاح الاتصالات السياسية مع الفصائل والقوى الفلسطينية في لجم الاشتباكات العنيفة التي وقعتْ على خلفية أعمال بناء، فإن ما حدث رسم شكوكاً حول توقيت ظهور السلاح الفلسطيني بهذا الشكل النافر في غمرة عودة السجال حول ملف سلاح “حزب الله” واستعجال المجتمع الدولي وأطراف لبنانيين معاودة بحثه ضمن “الاستراتيجية الدفاعية”.
استمرار محاولات التوصل الى تَوافُق حول صيغة لقانون انتخاب جديد تسمح بتفادي السقوط “في حفرة” الفراغ في البرلمان او التمديد الثالث له بحال انتهت ولايته في 20 حزيران من دون بلوغ تَفاهُم على القانون، وسط ترقُّب للطرح الجديد الذي سيقدّمه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل غداً، والذي يقوم ايضاً على انتخاب نصف النواب على أساس الاقتراع النسبي ونصْفهم الآخر بالأكثري.