IMLebanon

القمة الأميركية ـ الروسية ستوضح التعامل مع الأزمة السورية!

 

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

لاحظت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع أنّ موسكو نفسها سرّبت الموعد الجديد للتفاوض السوري – السوري في ٢٠ آذار الجاري، في حين كانت مفاوضات جنيف على وشك أن تنتهي.

واعتبرت المصادر أنّ روسيا تؤكّد إمساكها بخيوط اللعبة في سوريا أكثر وأكثر من خلال التفاوض. وما الموافقة من النظام السوري على بحث مسألة الانتقال السياسي، من ضمن النقاط الأربع التي ينصّ عليها جدول الأعمال الذي اتّفق عليه، إلا من جراء ضغط روسي على النظام الذي لطالما كان يتهرّب من مناقشة الأمر. روسيا ضغطت في الموضوع ووضعت النقاط الأربع، وكذلك كانت قد قدّمت مسودة بشأن الدستور السوري، وهي لا تفرض الدستور السوري، لكن مجرد تقديم المسودة يعني أنّها تتابع هذه المسألة باهتمام.

العملية السياسية السورية تحتاج إلى وقت، وسنوات، بالإضافة إلى أنّ محادثات الآستانة ستستمرّ، وقد حظيت بدعم من الأمم المتحدة. وأكّدت عملية الآستانة، بحسب المصادر، أنّها عملية روسية بامتياز وحظيت باعتراف دولي ومن الأمم المتحدة، وتُشكل هذه المحادثات خطاً موازياً لخط جنيف، وعاملاً مساعداً له، مع أنّ مفاوضات جنيف هي الأساس.

وأكّدت المصادر، أنّ الدور الأميركي يكتنفه الغموض حتى الآن. فواشنطن سترفع مستوى التمثيل في محادثات الآستانة، لكنّها لم تتّخذ بعد القرار النهائي في ما يمكن أن تقدّمه من أفكار خلال التفاوض. وهناك بوادر حل كثيرة ومتنوعة تحدثت عنها إدارة الرئيس دونالد ترامب، لا سيما عبر طرح مناطق آمنة واقتراح البنتاغون الأخير على الرئيس، بحيث تسلم منه خطة قبل نحو عشرة أيام من ضمنها تمركز ما لا يقل عن خمسة آلاف جندي أميركي في سوريا. هناك جيش أميركي في الرقة، وفي مناطق قريبة من منطقة الأكراد لا سيما ٥٠٠ عنصر في منطقة المطار القريب منها. والاقتراح يزيد عدد الجنود إلى ٥٠٠٠، والقرار يبقى للإدارة. وينتظر الروس الخطوات الأميركية المقبلة بشأن سوريا، وهناك حكماً تنسيق مرتقب بين الروس والأميركيين بشأن سوريا في المرحلة المقبلة، وإلا ستعود المعارك لتنطلق، ويستأنف النزيف السوري من جديد، وإلى أمد غير معروف.

وأفادت المصادر، أنّ هناك تعويلاً على انعقاد القمة الأميركية – الروسية بين الرئيسين ترامب وفلاديمير بوتين خلال الربيع المقبل، إلا أنّ موعدها النهائي ومكانها لم يتحدّدا بعد، لكنها ستوضح أموراً كثيرة بالنسبة إلى التعامل مع الملف السوري، وملفات عديدة في المنطقة، وهلسنكي مطروحة كمكان لانعقادها.

ترامب يواجه فضائح من خلال اتصالات مع الروس، والكونغرس متشدّد ضدّ روسيا، ويضغط على الرئيس لمنع رفع العقوبات عن روسيا والتي كانت فُرضت بسبب ملفي أوكرانيا والقرم. وقبل القمة الأميركية – الروسية، ستبقى الأمور غامضة، والمفاوضات السورية – السورية ستستمر حتى ولو شكلياً، لكن روسيا تريد أن تثبت أنّ تدخلها العسكري هو بهدف إقامة الحل السياسي، انطلاقاً من عملية جنيف، ومحادثات الآستانة. وبالتالي هدف روسيا أن تقنع العالم بأنّ رغبتها حقيقية في التوصل إلى الحل السياسي، خلافاً لرغبة إيران وأهدافها المتمثلة بحصول تغيّر ديموغرافي في سوريا، ومواصلة الحرب للحسم، وإبقاء بشار الأسد في الحكم.

روسيا، تهمّها مصالحها، والحفاظ على مناطق نفوذ لها في سوريا تعتبرها مناطق نفوذ في الشرق الأوسط. وما الاتفاقيات مع النظام بشأن التواجد في قاعدة حميميم، وقاعدة طرطوس، وتوسيعهما لزيادة عديد القوات الروسية هناك سوى خطوة أساسية لحفظ مصالحها، من خلال وجود طويل الأمد.

وستستأنف المفاوضات السورية، في ٢٣ آذار الجاري. وهناك قرار كبير بتقليص مستوى العنف، في انتظار التوصل إلى حلّ سياسي. منذ ثلاث سنوات تقريباً لم يجلس السوريون إلى طاولة التفاوض، ولكن من المستبعد تحقيق إنجاز سريع لها، لأنّ الطرفين غير جاهزين، ولأنّ ما تريده الإدارة الأميركية الجديدة لا يزال غامضًا، ولأنّ المعادلة تختلف على الأرض، ولأنّ الروس والإيرانيين، متباينون في الموقف من الصراع السوري. فهل يعني ذلك أنّ الأسد سيبقى؟ هذا ما سيكون قيد البحث.