IMLebanon

هل توقظ نار المخيّمات الفلسطينيّة “الإنقلابيين”؟

 

 

كتبت نور نعمة في صحيفة “الديار”:

لم تكن يوما حال المخيمات الفلسطينية جيدة ومستقرة وآمنة الا ان سرعة اندلاع القتال فيها مؤخراً والاسباب التي تقف وراء الاشتباكات الاخيرة داخل مخيم عين الحلوة والان برج البراجنة يتمايزان عن باقي الاشتباكات التي كانت تشهدها المخيمات في الماضي القريب. هذه المرة ان دل هذا القتال على شي فهو انه يوجد في المخيم «انقلابيون» يطمحون بإقامة امارة اسلامية لها تتماشى مع مكونات امارة داعش كما ان احتمال حدوث موصل ثانية في لبنان يرتفع وخطر ذلك بات جديا في المخيمات. هؤلاء الانقلابيون يعتمدون سياسة «الهروب الى الامام» ويزرعون طريق المخيمات بالالغام مسبقا لجعل اي محاولة دخول اليها اشبه بمغامرة خطرة ولاجهاض كل الجهود الرامية الى ضبط الفلتان الامني سواء كان ذلك على يد قوى فلسطينية تقوم بتطهير داخلي للمخيم قدر المستطاع من الارهابيين والمخربين او سواء كان ذلك يستند الى تعاون بين جهاز امني لبناني وبعض قوى فلسطينية يبدأ بتخلي الاخيرة عن التدابير الاسترضائية ليتم لاحقاً تسليم المخربين.

والحال ان هناك جهة متطرفة متشددة متغلغلة داخل المخيمات اصابها القلق بعد ان كانت تشعر بأمان في اوكارها حيث لمست فعليا ان هناك قراراً على مستوى القيادة الفلسطينية بضبط المخيمات فبدأت بإشعال النار وبتأجيج وتأزيم الاوضاع لتبعد عنها اي «شر ـ خرق» لمكانها في المخيمات ولتظهر ان كلفة اعداد خطة امنية لضبط المخيمات ستكون عالية وستكبد خسائر بشرية كبيرة فتتحول اي محاولة لاستتباب الامن الى مغامرة خطرة لها تداعيات سلبية لا تحمد عقباها. اضف الى ذلك، هؤلاء الانقلابيون، الذين ما زالوا تحت الرماد، كثفوا نشاطهم مؤخراً واظهروا جزءاً بسيطاً من مخططهم الذي ذكرناه غير انهم حتى هذه الساعة ما زالت طموحاتهم مكبوتة غير مستفحلة ولكن ذلك لا يقلل من خطورة الاوضاع التي قد تنحرف اليها بعض المخيمات الفلسطينية وابرزها مخيم عين الحلوة. ما شهدناه في الاونة الاخيرة من اشتباكات في المخيمات ليس ابدا اقتتال بين الفلسطينيين فيما بينهم بل هي معركة بين الفتحاويين وبين «الانقلابيين». احداث عين الحلوة وبرج البراجنة ليست خلافا فلسطينيا داخلياً ولا انقساماً في التوجهات السياسية داخل البيت الفلسطيني الواحد بل هي محاولة انقلاب على الفلسطينيين وتحويل مخيماتهم الى امارة اسلامية.

بيد ان الفلسطينيين هذه المرة يتعرضون لمؤامرتين في آن واحد: المؤامرة الاسرائيلية التي لم تتركهم وشأنهم يوما فعملت على نسف كل محاولت العودة الى الوطن لتبقي الفلسطينيين سكان خيمة دائماً. اما المؤامرة الجديدة التي تحاك ضد الفلسطينيين في لبنان فهي الاصولية التكفيرية التي وضعت المخيمات هدفا لها مستغلة وما زالت الاوضاع المأسوية التي يعيشها الفلسطينيون لتحولها الى معسكرات تابعة لها.

وخلاصة القول ان «الاصولية» اطلت برأسها هذه المرة في مخيم عين الحلوة وبرج البراجنة مبينة فقط رأس جبل الجليد غير ان الامور تدل على ان ما سيأتي قد يكون الاعظم اذا لم تتحرك الاجهزة الامنية اللبنانية لاحتواء هذه الظاهرة الخطرة ولدفنها في مهدها قبل ان يفوت الاوان.