IMLebanon

لبنان على أبواب اشتداد لعبة “ليّ الأذرع” حول قانون الانتخاب

 

 

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الجمهورية”:

«لن تكون الثالثة ثابتة». فلم يكد رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل يطلق طرحه الثالث حول قانون الانتخاب الجديد، حتى بدت الصيغة الجديدة محاصَرةً بمجموعة «ألغام» سياسية وطائفية تشي بأنها قد تلقى مصير الاقتراحيْن السابقيْن اللذين أجهضهما «حلفاء ثابتون» أو «متحرّكون» لاعتباراتٍ تتّصل بمجمل الرؤية للقانون كما للانتخابات النيابية المقبلة و«وظيفتها» و«اللحظة» الاقليمية – الدولية التي تجري فيها.

فباسيل، قدّم امس طرْحه الجديد الذي يقوم على صيغةٍ مختلطة تقضي بانتخاب 64 نائباً وفق نظام الاقتراع الأكثري ضمن 14 دائرة مختلطة وعلى أساس ان تنتخب كل طائفة نوابها، مقابل انتخاب 64 نائباً آخرين بالاقتراع النسبي ضمن المحافظات الخمس التقليدية التاريخية، معتبراً ان هذه التركيبة بمثابة «البروفة» او «خريطة طريق» للإصلاحات الدستورية التي لم تُنفّذ بعد منذ اتفاق الطائف وتحديداً مجلس الشيوخ «على أساس أن تنتخب فيه كل طائفة ممثّليها ويكون رئيسه مسيحياً غير ماروني، احتراماً للمناصفة، مع انتخاب البرلمان من ضمن قاعدة المناصفة (المسيحية – الاسلامية) على أساس النسبية الكاملة، وهذا ما تمّت الموافقة عليه على طاولة الحوار».

وبمعزل عن تفاصيل هذا الطرح وما اذا كانت تحفّظات ستبرز حول إدخال «القانون الارثوذكسي» (كل طائفة تنتخب نوابها) في جانبٍ من الصيغة التي قدّمها باسيل أو حيال توسيع الدوائر التي سيُعتمد فيها «الأكثري» بما يجعل ضرر نظام الاقتراع هذا أكثر شمولية، سيما على صعيد التمثيل ضمن الطوائف، فإن مجموعة إشارات رافقتْ كشْف باسيل عن اقتراحه وأوحت بأنه دخل في «حقل أفخاخ» يرجّح ألا ينجو منها، وأبرزها:

* أنه فتح الباب من لحظة إطلاقه على مشكلة مسيحية – درزية على خلفية طائفة الرئيس المفترض لمجلس الشيوخ الذي نصّ الطائف على إنشائه من ضمن آلية لإلغاء الطائفية السياسية وانتخاب برلمان خارج القيد الطائفي، بدليل ان الوزير السابق وئام وهاب، وهو حليف لـ «التيار الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وخصم للزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط «لم يحتمل» كلام باسيل عن «مسيحية» رئيس هذا المجلس وسارع الى الردّ عليه قائلاً: «الكلام عن رئيس مسيحي لمجلس الشيوخ مرفوض، والدروز بحاجة لضمانات وليس غيرهم (…) وحقنا يكون عبر مجلس شيوخ وليس عبر قانون انتخاب يربحنا نائب تافه أو إثنين».

* أنه جاء على وقع إشارات تَحفُّظ عليه من أوساط قريبة من «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري الذي نُقل عنه قوله قبيل كشف اقتراح باسيل «إن المشروع لا يزال قيد المتابعة ولن نعطي فيه رأينا النهائي قبل الانتهاء من مناقشته».

* أنه أتى في غمرة تصاعُد ملامح الاشتباك بين «التيار الحر» وجنبلاط، الذي لا بد ان يكون تلقّف الإشارة السلبية التي شكّلها تَمسك باسيل بـ «مسيحية» رئيس «الشيوخ»، لتضاف الى «نقزته» مما كان نُقل عن باسيل قوله أخيراً من انه «ممنوع على جنبلاط إيصال نائب مسيحي الى البرلمان»، وصولاً الى شنّ قناة «التيار» هجوماً على الزعيم الدرزي من دون تسميته رداً على مطالبته «بنسبية ترسي حداً أدنى من الشراكة، لا الطلاق والقوقعة، وكفى التذاكي»، اذ أعلنت: «ان فريقاً دأب على التباكي والتذاكي منذ عقدين ونيف، واليوم يتخذ من قانون الانتخاب ذريعة للانتحاب، وهو كان ركناً اساسياً في تحالف رباعي وقف في وجه الحقوق والحقيقة منذ أعوام (…)».

والأكثر إثارة للانتباه ان هذا الاستقطاب بين «التيار الحر» وجنبلاط يأتي على بُعد 5 أيام من إحياء الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذكرى 40 لاغتيال مؤسسه كمال جنبلاط في احتفالية أرادها جنبلاط الابن هذه السنة «استفتاء» على زعامته كما خياره بتسليم «شعلة» النيابة الى نجله تيمور، وأيضاً بمثابة إعلان «نحن هنا» في مواجهة ما يعتبره محاولة تحجيمه عبر قانون الانتخاب وحصْر أي امتداد له خارج طائفته.

في موازاة هذه الإشارات السلبية، وبانتظار تبلُّغ باسيل أجوبة مختلف الأطراف السياسيين بحلول يوم غد كحد أقصى، فإن لبنان الذي استنفذ كل امكانات إجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولاية البرلمان في 20 يونيو المقبل، يبدو مقبلاً على مرحلة من اشتداد لعبة «مَن يصرخ أولاً» بدليل تلميح رئيس «التيار الحر» إلى أنه اذا لم يجرِ السير باقتراحه الذي تحدّث عن مرونة في ما خص إمكان إدخال بعض التعديلات عليه، فإن ذلك قد يكون له تداعيات في الشارع كما على صعيد عمل الحكومة والبرلمان «إذ لا اولوية على قانون الانتخاب»، مذكراً بكلام الرئيس سعد الحريري عن ان عدم إقرار قانون جديد «يعني فشل الحكومة»، ولافتاً الى أن «الأمر يعني ايضاً فشل العهد ومجلس النواب».

وفي رأي أوساط سياسية مطلعة في بيروت ان «شد الحبال» حول قانون الانتخاب لا يمكن مقاربته إلا من زاويتيْن: الأولى انه يشكّل الأداة – المفتاح لإعادة تكوين السلطة من ضمن الصراع الكبير الذي يدور في البلاد على التوازنات، بامتداداتها الاقليمية، والأحجام منذ العام 2005، والثانية انه يطلّ على الاستحقاق الرئاسي المقبل سواء في رغبة بعض الأطراف في «شطب» أسماء بارزة مرشحة للرئاسة عبر محاصرتها انتخابياً أو في رسم «حزب الله» خطاً أحمر حول السماح للثنائي «التيار الحر» و«القوات» بالإمساك بالثلث المعطّل في البرلمان الذي يسمح بالتحكم بمسار الاستحقاق من خارج «أجندة» الحزب وحساباته.