كتب عماد مرمل في صحيفة “الديار”:
يستمر «مصنع» رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، في انتاج الصيغ المركّبة لقانون الانتخاب، بحثا عن التوافق الثمين حول احداها، بعد اخفاق طروحاته السابقة في تحقيق الخرق المطلوب، والحصول على علامة سياسية فوق المعدل.
وبينما يتهم البعض الوزير البرتقالي بالسعي الى تسويق «بضاعة تايوانية» غير «مكفولة» وتعتمد على المزج الهجين بين النسبي والاكثري، يعتبر المتحمسون لجهده انه صاحب قدرة فائقة على اطلاق المبادرات المبتكرة التي توفق بين خصوصية الواقع اللبناني ومعيار التمثيل الصحيح، مستخدما في تصنيعها «مواد أولية» مشتقة من مفاهيم الانصاف والتوازن والميثاقية والمناصفة.
ويُطلق باسيل في مؤتمر صحافي يعقده اليوم معادلة جديدة في «الرياضيات الانتخابية»، ترتكز على مبدأ المختلط ايضا، انما استنادا الى قواعد مغايرة لما كان قد عرضه من قبل، تجمع بين الاكثري وفق «الارثوذكسي» والنسبية في الدائرة الواحدة، علما انه استبق الامر بمشاورات شملت العديد من الاطراف السياسية (الثنائي الشيعي، «المستقبل»، «القوات»، «الكتائب»، «الاشتراكي»، «القومي»، طلال ارسلان…)، لتحصين الطرح المرتقب وتمهيد الطريق امام التفاعل الايجابي معه.
وأكدت اوساط سياسية واسعة الاطلاع لـ«الديار» ان هذا الاسبوع سيكون مفصليا لجهة تحديد المسار الذي سيسلكه ملف قانون الانتخاب، لا سيما ان الوقت يضيق تحت وطأة المهل الدستورية الضاغطة، اضافة الى ان الارتباطات المسبقة لوزير الخارجية ستفرض عليه في المدى القريب السفر المكثف والمتلاحق الى الفاتيكان واستراليا ونيوزلندا وواشنطن، وكذلك عمان للمشاركة في القمة العربية، مشددة على ضرورة التقاط فرصة التوافق على القانون، قبل فوات الاوان والدخول في نفق الخيارات الصعبة.
وفي موقف لا يخلو من الرسائل الاستباقية الموجهة ضمنا ضد مبادرة باسيل، قال النائب وليد جنبلاط امس في تغريدة عبر «تويتر»: افضل شيىء الوضوح. نعم لنسبية فيها الحد الادنى من «الشراكة»، ولا لنسبية ترسي الطلاق والقوقعة، فكفى التذاكي، وصبرنا طويل جدا.
وعلى ايقاع كلام جنبلاط، أكد مصدر قيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «الديار» ان ما بلغنا حول طرح باسيل الجديد لا يدعو الى التفاؤل او الارتياح، مشيرا الى انه مشروع مفصل على قياس مصالح «التيار الحر» بشكل اساسي، والارجح انه سيواجه اعتراضات، من أكثر من جهة.
وقبل اطلالته الاعلامية المرتقبة اليوم للاعلان رسميا عن مشروعه الانتخابي الجديد، بعد اجتماع الهيئة السياسية لـ«التيار الحر»، قال باسيل لـ «الديار» انه يأمل في ان تساهم هذه الاطلالة في تظهير صورة المشروع بأفضل طريقة ممكنة، في أعقاب تعدد التسريبات والاجتهادات بصدده.
ويؤكد باسيل ان الصيغة التي سيقترحها تجمع بين النسبي والاكثري، ضمن مختلط مدروس ودقيق،» لكن الاهم ان هذه الصيغة ستكون لها فلسفتها السياسية البعيدة المدى، وليست مجرد خلطة انتخابية».
ويلفت الانتباه الى انه يُفترض، من حيث المبدأ، ألا يرفض هذا المشروع الذي يراعي الكل وينطوي على مساحات مشتركة، «وبالتالي فإن ما سأطرحه يشكل اختبارا لحقيقة النيات ولمدى انفتاح جميع الاطراف على اقرار قانون جديد في اسرع وقت ممكن».
ويوضح باسيل انه تواصل مع العديد من القوى الداخلية ووضعها في جو طرحه الانتخابي المطوّر، مشيرا الى ان «جس النبض» الذي أجراه أظهر ان هناك قابلية لدى تلك القوى للموافقة على ما سيقترحه اليوم. ويضيف: لقد فهمت من معظم الذين تشاورت معهم ان هذه الصيغة يمكن ان تمشي، لكن الامور تبقى في خواتيمها، وما تقول فول حتى يصير في المكيول…
ويشدد باسيل على ان ما سيعلن عنه، هو في حقيقة الامر مشروع الكل، لانه يُراعي هواجس الجميع وتطلعاتهم، الامر الذي يستوجب التفاعل الايجابي معه. ويتابع: أنا متفائل، إنما بتحفظ…
ويشير الى ان اللقاء الذي عقده مع وفد من «اللقاء الديموقراطي» قبل ايام تميز بالايجابية، وتخللته لغة مرنة، آملا في ان يتخذ النائب وليد جنبلاط موقفا متقدما من التصور الانتخابي الذي سأعرضه.
ويؤكد باسيل ان طرحه الجديد سيكون المحاولة الاخيرة في السياق التوفيقي الذي قاده حتى الآن الى اقتراح اكثر من مخرج، «من دون ان تتم ملاقاتي بالتجاوب المطلوب»، منبها الى ان اخفاق هذه المحاولة الاضافية سيدفعنا الى سلوك اتجاه آخر والانتقال نحو مستوى مختلف من التحرك والضغط، وربما الامور ستصبح اكثر تعقيدا اذا لم ننتهز الفرصة.
وفي ما خص النتائج التي حققها الحوار بين «التيار الحر» و«حركة امل» للتوصل الى تفاهم سياسي، يؤكد باسيل ان هذا الحوار يتقدم وإن يكن قانون الانتخاب قد فرض حضوره كأولوية متقدمة، ويضيف مبتسما: إذا كان ملف الكهرباء قد شكّل احد جوانب الخلاف مع «أمل»، فان التفاهم القريب الذي سينجز بيننا سيكون كفيلا بكهربة من راهن على استحالة الاتفاق.