Site icon IMLebanon

نجم “آراب أيدول” يعقوب شاهين: هذا وعدي لكم

 

 

 

كتبت رنا أسطيح في صحيفة “الجمهورية”:

 

بسحر الصوت الذي أسَر قلوبَ العرب وأصبح محبوبها الأوّل، فرض يعقوب شاهين نفسَه ظاهرةً قادرةً على قلب المعادلات وتحريك الأحاسيس ليس فقط في زمن الحروب والأحزان العربية وإنما أيضاً في زمن أفول المعاني الإنسانية وتحجّر المشاعر وانحسار مساحات الفن والجمال… الأسمراني الذي لوّن بالفرح أمسياتِ ملايين المشاهدين المتشبّثين بحبال صوته كما بحبال أملٍ بغدٍ تعلو فيه أصواتُ الأصالة فوق أصواتِ النشاز، استطاع أن يعبرَ من بيت لحم حاملاً تراثَ حضارته وتاريخَها، ليدخلَ البيوتَ والقلوبَ العربية ويهزَّ مهدَ الفنّ الحديث بآهاتٍ ومواويلَ وتهويداتٍ تختزل مآسي الماضي ولكنها تشهِر إيمانَها بالمستقبل.

لم يحطّم يعقوب شاهين نسبَ التحميل والاستماع والمشاهدة على السوشال ميديا وحسب، ولم ينافس كبار النجوم في أرقامهم وفي عقر دارهم الافتراضية فقط، ولم يحصل على أعلى نسبة تصويت في تاريخ برنامج “آراب أيدول” وحسب، وإنما فرض نفسَه إسماً يُجمِع عليه العرب مذوّباً كلّ الحواجز الوهمية التي لم تستطع أن تقف بينه وبين الحلم الذي ناضل ليحققه.

أهدي فوزي إلى كلّ مَن أحبني

“محبوب العرب” يعقوب شاهين وفي حديث خاص لـ “الجمهورية” يؤكّد: “اللقب هو مجرّد إسم، ولكنّ هذا اللقب أدخل الفرحة إلى قلب شعب يستحق الفرح… وأنا أهدي لقبَ “محبوب العرب” إلى كلّ شخص أحبني وإلى كلّ شخص آمن بموهبتي منذ اليوم الأول وطوال فترة البرنامج، وإلى كلّ شخص دعمني وصوّت لي.

أشكر كلّ هؤلاء الأشخاص، لأنّ كلّ واحد منهم تعب حتى أنا أنجح… وهذا النجاح هو لكلّ هؤلاء الأشخاص الذين فرحوا واحتفلوا بفوزي على رغم الظروف الصعبة جداً التي نعيشها في فلسطين وفي كلّ الوطن العربي. وبالنسبة لي، الأهم من أن يقولوا أنّ يعقوب شاهين هو “محبوب العرب” والفائز باللقب، هو ما حققته بأنني تمكّنتُ من إيصال صوتي إلى العالم، وتمكّنتُ من إدخال الفرحة إلى قلوبٍ تتوق للفرح. هذا هو النجاح الحقيقي الذي أهديه إلى كلّ شخص أحبّني وفرح لنجاحي”.

وعي ثاقب وابتسامة ساحرة

الحالة التي خلقها يعقوب شاهين على منصّات المواقع الاجتماعية كانت سنداً ومسؤوليةً له في الوقت عينه، حيث يقول: “تحمّلتُ مسؤولية هذا التفاعل منذ اليوم الأوّل لمشاركتي في “آراب أيدول” وكلّما كانت تزيد الأرقام كان يزيد معها الحمل وتكبر المسؤولية، والحمد لله أنّ الناس عبّروا لي عن محبتهم ودعمهم، وأنا أرى أنّ محبة الناس هي التي أوصلتني إلى الفوز. صحيح أنّ الصوت يلعب دوراً كبيراً في المنافسة، ولكنّ محبة الناس هي الأساس”.

بكثير من التواضع والاتزان يتنقّل يعقوب شاهين من سؤالٍ إلى التالي خلال جلستنا معه، بابتسامة ووعي يفوق بكثير سنوات عمره اليافع، يخبرنا قصّته وكيف انتقل من دراسة هندسة الديكور إلى مجال الفن، فيقول: “أغنّي منذ أن كان عمري 6 سنوات، وقد درستُ الموسيقى في معهد “إدوار سعيد” عندما كنت في المدرسة، ولكن لدى دخولي الجامعة اخترت هندسة الديكور لأنني كنت أخشى ألّا أنجح في مجال الفن سبب الظروف القاهرة المفروضة علينا في فلسطين، ولكنني حافظت دوماً على إيماني بموهبتي وكان حلم الفنّ يعيش في داخلي.

وعندما شاركت في برنامج “نيو ستار” وفزت باللقب عام 2012، تشجّعت أكثر وقررتُ عندها أن أترك كلّ شيء وأن أسير خلف حلمي والمجال الذي أعشقه وأبدع فيه، لأوصل صوتي إلى كلّ العالم”.

هناك تجدون قلبي!

ومع ذلك يؤكّد يعقوب أنّ نقطة الانطلاق والارتكاز ستبقى بالنسبة إليه ثابتة، حيث يقول: “مستحيل أن أترك فلسطين أو أن أتخلّى في يوم من الأيام عن بيت لحم، فأينما أسافر وأينما أكون أجد قلبي وعقلي في بيت لحم بين أهلي وناسي وأبناء بلدي. ولكن في هذا المجال، لا يمكن للفنان أن يبقى في مكان واحد، فتأتيه حفلات في بلدان ثانية ويجب عليه التواجد فيها، ولكنني دائماً سأعود إلى فلسطين.

لديّ حفلة الأسبوع المقبل في دبي، وسأسافر من بيروت إلى هناك ومن ثمّ سأعود إلى فلسطين لمدة أسبوع، ومن بعدها سأسافر من هناك لمدة 10 أيام إلى السويد لإحياء عدد من الحفلات، لأعود بعدها إلى فلسطين. وهكذا سأكون دائماً لأنه لا يمكنني التخلّي عن فلسطين، ولكن في الوقت ذاته لا يمكنني التقوقع وخصوصاً بعد مشاركتي في “أراب أيدول” الذي كان سبب إنطلاقتي إلى العالم…”.

ما سرّ يعقوب شاهين؟

وعن السرّ وراء هذا السحر في أدائه للمواويل والاغنيات التي تحمل الشجن يقول: “أعيش حالة كلّ أغنية وكلّ موّال وفي البرنامج غنّيت من قلب قلبي.

وكنت أذهب في تفكيري إلى المكان والذكريات وأستعيد مشاهد وأحداثاً والظروف التي مررت بها وخبرناها كشعب. ففي اجتياح كنيسة المهد كنتُ طفلاً أنام على الأرض، تحضرني هذه الصورة وغيرها الكثير مثل صورة ابن عمّي الشهيد… كلّ هذا أشعر به وأحاول أن أنقل إحساسي إلى الناس”.

لستُ تاجر قضايا

وعن تصريحه الأخير بالحرص على عدم المتاجرة بالقضية الفلسطينية يؤكّد: “هناك كثير من الأشخاص سواء فنانين أو غيرهم يتاجرون بقضاياهم للاسف ويستغلّونها للشهرة، وهذا لا ينطبق على القضية الفلسطينية وحدها.

وأنا أجد أنّ من العيب المتاجرة بالقضايا السامية من أجل أهداف شخصية. فكيف نتاجر بالقضية وهناك أشخاص ضحّوا بحياتهم وأصبحوا شهداء تحت التراب، وهناك مساجين ومظاليم خلف القضبان ونفسيات معذّبة وأحلام محطّمة وأم تبكي ولدها ورجل يجلس في منزله مبتور الساق بسبب الحرب؟ كيف؟ هذه قضية أكبر مني فمَن يسمح لنفسه بالمتاجرة بها… القضية الفلسطينية سأحملها معي لأنقل صوت الشارع الفلسطيني وتطلعات شبابه إلى العالم كلّه”.

هذه شهادة كبيرة لي

وعن مشاركته في أوبريت بالاشتراك مع متسابقي “آراب آيدول” عمار العزكي وأمير دندن، ومحبوب العرب الفلسطينيّ محمد عساف، والفنان العراقي كاظم الساهر، والفنان اللبناني ملحم زين، يقول: “إنّ مشاركتي في الأوبريت الغنائية هو بحدّ ذاته شهادة كبيرة لي أن أتمكن من الغناء إلى جانب أصوات ونجوم كبار في العالم العربي، إلى جانب الأصوات التي كنت أستمع إليها وأحلم بلقائها، وها أنا اليوم أغني إلى جانبها…أنا سعيد وفخور بذلك”.

سفير أعظم مدينة في العالم

وعن تعيينه سفيراً لمدينة بيت لحم عاصمة للثقافة العربية لعام 2020، يقول: “أتشرّف بأن أكون سفيراً لمدينتي بيت لحم التي أعتبرها أعظم مدينة في العالم بعد القدس طبعاً. ولي كلّ الشرف بأن أمثل بلدي وهذا بحد ذاته شرف وحمل كبير جداً، فبيت لحم مدينة كبيرة على مستوى العالم بتاريخها وعراقتها وبما تمثّله كمثال للسلام والتعايش…”.

هذه رسالتي

ويضيف: “ما أريده هو أن أدعو إلى مسألة واحدة ومهمة للغاية وهي الرسالة التي سأحملها معي دوماً وتتلخص بأمور ثلاثة “التسامح والمحبة والسلام”، لأنّ هذه الأمور باتت مفقودة في العالم اليوم. لا أريد التكلّم في السياسة وإنما أريد أن أتكلّم في الإنسان وأن أقدم فنّاً راقياً وجميلاً وهادفاً يخدم القضايا الانسانية السامية.

الوطن العربي أجمع على يعقوب شاهين وأنا أعدكم أنّ يعقوب شاهين سيكون مصمّماً على نقل رسالة المحبة والتعايش أينما ذهب، وإلى كلّ الشباب العربي، لأننا نحن مستقبل هذا الوطن وأمله الباقي ليكون مجتمعاً أفضل وأكثر انفتاحاً وتسامحاً، ونحن الذين سننهض به ونعيد أمجاده.

الله أنعم عليّ بموهبة وأنعم عليّ أن أكون شخصيةً عامة، وأنا دخلت عالم الفنّ ليس من أجل الشهرة وجني الثروات والمال، وإنما من أجل نقل هذه الرسالة المقدّسة إلى كلّ الناس، وأتمنى أن أكون على قدر الحمل والمسؤولية”.