كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:
على مقربة من ساحة الشهداء التي خلت من أيّ مظهر من مظاهر إحياء ذكرى «14 آذار»، سارَع حزب الكتائب ومن بيته المركزي إلى التقاط الحدث. لم تُرافق الاحتفال أغانٍ حزبية بل أغانٍ وطنية ومعرضُ صوَر يذكّران بوقائع اليوم التاريخي لذكرى ثورة الاستقلال.التحضيرات جاءت مفاجئة ولم يعلن عنها مسبَقاً، والدعوات جاءت متأخّرة وعبر الهاتف بـ«المَونة»، وفق ما كشفَه رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، بعدما تبيَّن أنّ هذا اليوم قد يمرّ كغيره من أيام السنة، نتيجة عدم تنظيم أيّ فريق من قوى «14 آذار» أيَّ احتفال في هذه المناسبة.
الزينة اقتصرَت على معرض صوَر ومشاهد ليوم 14 آذار 2005 الذي جَمع أكثر من مليون لبناني، فيما استعادت شاشات ضخمة توزّعَت في أرجاء البيت المركزي وباحاته الخارجية أحداثَ ذلك اليوم عبر بثِّ شريطِ فيديو يَستعرض وقائع يوم الاستقلال في 14 آذار من الصباح حتى المساء.
وفي دردشة مع «الجمهورية»، نفى الجميّل سعيَ الحزب عبر إحياء الحدث إلى التفرّد به أو سرقةِ ضوء 14 آذار، واصفاً الدعوةَ التي وجّهها إلى المعنيين فقط بأنّها لإبقاء «الشعلة مضوية».
وأكّد الجميّل في كلمة مرتجَلة التزامَ الكتائب بالقضية، واعداً جمهورَ «14 آذار» وجميعَ المستقلين بمواصلة الدفاع عن لبنان وسيادته، جازماً بـ«أنّنا لن نسكت عن أيّ تجاوُز لسيادة لبنان، ولن نقبل بأن نتنازل عن أيّ شِبر من الاستقلال».
وشدّد على استمرار الحزب بكلّ الوسائل المتاحة لكي لا يعود التاريخ إلى الوراء، معتبراً أنّ المرحلة الحاليّة عكس التاريخ. وقال: «لا بدّ أن يعود دولاب الدولة إلى الدوران في الاتّجاه الصحيح شرط رفعِ شعار بناء الدولة الحضارية السيّدة المستقلة والحرّة».
وذكّرَ بالرفاق من كلّ الطوائف، والمستقلّين ومِن كلّ الأحزاب، الذين قدّموا حياتهم في سبيل الهدف الأسمى، مشدّداً على أنه «لا يمكن إلّا أن نتذكّر جميعَ شهدائنا الذين سقطوا، وأن نعود ونؤكّد التزامنا بالقضيّة التي نزل من أجلها أكثرُ من مليون لبناني».
كما أكّد «أنّنا نريد دولةً لا جيش فيها إلّا الجيش اللبناني، ودولة قانون فيها احترام للدستور وتداوُل للسلطة وللمواعيد الدستورية»، لافتاً إلى أنّ «14 آذار ليست قيادةً سياسيّة إنّما هي الشعب الذي تقدّمَ السياسيين وسارَ الجميعُ وراءه، والمطلوب اليوم أن يعود الشعب إلى القيادة». وأضاف: «في الكتائب جُرِحنا في الصميم، وكلّ ضربة كادت تقضي على أملنا بلبنان ولكنّنا نكمِل وفاءً للشهداء وسنبقى نُحيي الذكرى وسنبقى أوفياءَ لجمهور «14 آذار» وملتزمين بالشعارات التي رُفِعت في هذا اليوم».
وأعلن الجميّل عزمَ الكتائب «رغم العزلِ والتضييق، على عدم السماح لأيّ شيء بأن يؤثّر على القضية اللبنانية التي دفَعنا ثمنَها غالياً»، معتبراً أنّ «روحيّة «14 آذار» هي التي تَبني لبنان، وعندما تصبح الحسابات هي من يَحكم تصرّفاتنا نحيد عن الهدف»، لافتاً إلى أنّ «الكتائب كما تحتفل في 22 تشرين الثاني بالاستقلال الأوّل تحتفل في مِثل هذا اليوم بالاستقلال الثاني».
وفي كلمةٍ مقتضَبة، اعتبَر النائب بطرس حرب أنّ المبادئ التي اجتمعنا حولها هي التي صَنعت هذا اليوم، مؤكّداً أن لا وجود للبنان من دون المبادئ. وأضاف: «لا يجب أن نحيد عن هذه المبادئ حفاظاً على دم الشهداء، وسنتمسّك بمتابعة تنفيذ الثوابت التي ناضلنا من أجلها، ونأملُ ألّا نستحيَ من شهدائنا».
فيما لفتَ رئيس حركة التغيير إيلي محفوض إلى كلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأخير «التاريخي الذي أعاد الكنيسة إلى جوهرها الأساسي»، متأسّفاً للحملة التي طاوَلت بكركي على خلفية كلام البطريرك، آملاً «ألّا تكون هذه الجمعة يتيمة».
وفي دردشة مع «الجمهورية»، قال النائب عاطف مجدلاني: «نحن اليوم في عهدٍ جديد وحكومةٍ جديدة، وأقول إنّ «14 آذار» هي روح موجودة داخل الشعب اللبناني ولا يمكن ان تنطفئ، خصوصاً أنّ الشعب هو صانعُها.
كما أنّ 70 بالمئة من الذين نزلوا إلى ساحة الشهداء لم يكونوا حزبيين، بل نزلوا بشكل عفوي وباقتناع، لذلك علينا البقاء أوفياء لهؤلاء المواطنين ولهذه المبادئ التي هي مبادئ ثورة الأرز، ومن المستحيل أن نتخلّى عنها».
وفي المناسبة، كرَّم حزب الكتائب شهداءَ انتفاضة الاستقلال، حيث وضَعت وفود من المكتب السياسي الكتائبي أكاليلَ على أضرحة الشهداء: الرئيس رفيق الحريري، محمد شطح، وسام الحسن، باسل فليحان، سمير قصير، جورج حاوي، جبران تويني، وليد عيدو، أنطوان غانم، سامر حنّا، فرنسوا الحاج، وسام عيد، وبيار الجميّل.