تتزايد المخاوف اللبنانية من تعرض البلد لعقوبات على خلفية ارتفاع وتيرة التصعيد الأميركي ضد إيران وحزب الله، ذراعها العسكرية الأبرز في المنطقة.
ونقلت صحيفة “العرب” اللندنية عن أوساط سياسية ومالية لبنانية ترجيحها أن العقوبات المالية ستشكل الإطار الذي ستتعامل معه الولايات المتحدة مع الحزب في المرحلة القادمة بغض النظر عن التأثيرات التي يمكن أن تطال الاقتصاد اللبناني بشكل عام.
ويقول الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي جاسم عجاقة لـ“العرب” إن الخوف الكبير في موضوع العقوبات هو “على القطاع المصرفي”.
ويلفت إلى توفر معلومات تفيد بأن “شبكة العقوبات الأميركية لن تقتصر على أفراد من الطائفة الشيعية، ولكنها ستشمل مروحة واسعة من الشخصيات اللبنانية من كل الطوائف”.
وبرز مؤخرا خبر اعتقال رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين، المعروف بأنه من كبار رجال الأعمال الذين يتولون تمويل حزب الله، في المغرب على خلفية ورود اسمه في قوائم العقوبات الأميركية.
ورأت بعض المصادر في توقيف تاج الدين مؤشرا على بداية الحرب الأميركية على مصادر تمويل حزب الله. وكان اسمه قد ورد على لائحة العقوبات الأميركية في العام 2009 لاتهامه بالقيام بعمليات تبييض أموال لصالح حزب الله.
وتعتقد هذه المصادر أن يكون اعتقال تاج الدين قد تم بطلب أميركي مباشر، وهو ما يعتبره محللون مؤشرا لا يخطئ على انطلاق ورشة الحرب الأميركية على مصادر تمويل الحزب.
وكان حزب الله قد أعلن سابقا قدرته على التكيف مع العقوبات التي يمكن أن تفرض على البنوك اللبنانية، لأن لا حسابات واضحة له في هذه المؤسسات ولأن الأموال تصل إليه نقدا، ولكن محللين يرون أن الهدف من تصريحاته هذه محاولة طمأنة عملائه، في حين يدرك أن لهذه العقوبات تداعيات خطيرة ستمس بداية حاضنته الشعبية، وأيضا الشخصيات والكيانات التي تدعمه، والتي يتوقع أن ينحسر عددها خوفا من الآتي.
ولا يبدو الحزب قادرا في هذه المرحلة على مواجهة العقوبات التي يمكن أن تفرض ضده في ظل الإدارة الأميركية الجديدة التي تظهر جدية كبيرة في مكافحة مصادر تمويله في كل العالم والقضاء على الشبكات المتعاملة معه.
ويحرص إعلام الحزب على تصوير التطور الإيجابي في العلاقات الأميركية السعودية، وخصوصا مع زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس دونالد ترامب بوصفه اتفاقا على شن حرب ضده في إطار صفقة كبرى بين الطرفين.
وبالتوازي مع هذه التطورات المهمة، انتشرت أخبار تفيد بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وضع استقالته بتصرف رئيس الجمهورية قبل أن يصدر نفي لهذا الخبر.
وتدرج مصادر مطلعة هذا الإرباك الذي أثاره إعلان هذا الخبر ونفيه في سياق استعدادات الحزب لملاقاة الأثر المتوقع للحرب الأميركية ضده، عبر محاولة إقصاء سلامة تمهيدا للإمساك الكامل بالنظام المصرفي اللبناني، وإدارته بشكل يتلاءم مع مصالح الحزب.
وتتسم علاقة حزب الله بحاكم مصرف لبنان بالتوتر، وسبق وأن اتهمه بالعمل ضده، والحرص على تنفيذ إجراءات تتجاوز ما فرضته العقوبات الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما على الحسابات التابعة له في البنوك اللبنانية.
ويشير جاسم العجاقة إلى “أن حاكم مصرف لبنان كان سبق له التأكيد على أنه لن يقبل بأن تفرض عقوبات على القطاع المصرفي تحت أي ظرف، أو لإرضاء أي طرف سياسي لأن ذلك يعني القضاء على الاقتصاد اللبناني”.
ويذكر الخبير الاقتصادي اللبناني بأن استقرار سعر صرف الليرة “مرتبط بشخص حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة وأن تغييره في هذه الفترة وبغض النظر عن الشخص الذي سيأتي مكانه من الممكن أن يهدد هذا الاستقرار بشكل كبير”.
ويلفت إلى أن عددا كبيرا من مؤيدي الحزب “يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، وتاليا فإن ليس من مصلحتهم على الإطلاق ضرب الليرة في هذه المرحلة”.
ويحذر عجاقة من أن أي عقوبات يمكن أن تفرض على البنوك اللبنانية تعني “الانهيار التام للاقتصاد اللبناني، وهذا خط أحمر ليس من مصلحة أحد السماح به لأنه يعني سقوط كل المحرمات”.