كتب أسامة القادري في صحيفة “الأخبار”:
لا يزال الكشف عن نتائج دورة القضاة الشرعيين يأخذ الكثير من الأخذ والردّ في البقاع الغربي. اعتصامات واحتجاجات ومشايخ يتّهمون تيار المستقبل، صراحةً، بالتدخل لتعيين قضاة محسوبين سياسياً عليه، مقابل “إسقاط” المتبارين الذين لا يوالونه
شكّلت نتائج دورة القضاة الشرعيين لملء الشواغر في المحاكم السنية حالة من الاعتراض الواسعة في البقاع، وتحديداً في البلدات ذات الغالبية السنية. وشُنّت حملة كبيرة ضدّ تيار المستقبل وآلية تعامله مع عددٍ من المرشحين الراسبين على حساب آخرين ناجحين.
ليست المرة الأولى التي تتدخل المحاصصة السياسية في القضاء الشرعي ونتائج المتبارين لملء الشواغر في المحاكم الشرعية السنية. لكنّ تيار المستقبل نجح هذه المرّة في تكريس قاعدة أنّ من ليس “مطواعاً لنا ولنهجنا، فلن تنفعه النتائج ولا العلامات”. بان ذلك إثر إعلان مجلس القضاء الشرعي الأعلى النتائج خلال اجتماع عُقد في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وحضور رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا الشيخ محمد عسّاف، ورئيس المحكمة الجعفرية العليا الشيخ محمد كنعان، والمفتشين والمدّعين العامين في المحكمة السنية والجعفرية. أسماء الناجحين في المباراة، هم: وائل خالد شبارو، رئيف يونس عبدالله، وسيم يوسف الفلاح، وسام أحمد السمروط، عبد المولى حسن الحجيري، عمر عبد الكريم البستاني، يونس حسين عبد الرزاق، بلال أحمد حمود، محمد إبراهيم صالح، نزيه أحمد خالد، فادي محمد الحريري، حبيب حسن ديب الجاجية. الكشف عن النتائج كان بمثابة “القشة التي قصمت ظهر البعير”، بعدما تبيّن غياب المعايير الأكاديمية الشرعية على حساب المعيار السياسي، ومدى ارتباط المتبارين بتيار المستقبل ونوابه.
بعد إعلان النتائج، تحول منزل الشيخ عمر حيمور، ابن بلدة جب جنين في البقاع الغربي، إلى مركزٍ للاعتصام والاحتجاج على التعيينات. “متل العادة بيعملوا امتحانات والسياسة هي المعيار الأساسي”، يقول حيمور لـ”الأخبار”. ويلفت إلى أنّه كان قد تمنّى على الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، خلال زيارته للبقاع، “أن يحفظ حقّنا في النجاح، لا أن تُنسف العلامات ويحلّ مكانها الارتباط السياسي”. بالنسبة إلى حيمور، السبب الرئيسي في استبعاده هو “أنّ الفكر الذي أحمله لا يمثل المستقبل و14 آذار”. فحيمور مُقرّب من الجماعة الإسلامية. ويوضح أنّ النائب جمال الجراح “تدخل بشكل مباشر لتعيين الشيخ محمد إبراهيم صالح قاضياً”. وكان صالح قد رفع لافتات شكر كُتب عليها “تحية تقدير وعرفان لجهود النائب الجراح ابن بلدة المرج البار”. يقول حيمور إنّه خلال الانتخابات النيابية المقبلة “ستتم محاسبة المستقبل ومن يُمثّله”.
نتائج الامتحان الخطّي تأجّلت لشهرين، “ليتبيّن وجود أشخاص لم تكن نتائجهم تخوّلهم التأهل إلى الامتحان الشفهي الحاسم. خُفّض المعدل، فنجح الراسبون. وتم التشديد في الامتحان الشفهي على المتفوقين. ومن لم يرسب تمّ شطب اسمه بتدخل سياسي، على حساب من هو مُرضى عنه في المستقبل”، بحسب حيمور.
من جهته، يؤكد الشيخ خالد عبد الفتاح أنّه “أُبلغت من أعضاء اللجنة أنني حصلت على المرتبة الأولى في الدورة وباركوا لي نجاحي. نتيجة للتدخل السياسي، حُذف اسمي وعيّنوا بدلاً مني يونس عبد الرزاق. وعندما حاولت التقصّي عن السبب، قيل لي “لم يأخذوك لأنك بتحكي وبتعترض كتير وحرّ بمواقفك”“. يُحمّل عبد الفتاح المسؤولية لتدخلات رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين، ومفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، “الدورة حريرية بامتياز”.
“ما قبل النتائج ليس كما بعدها”. هذا ما يؤكده المتبارون، جازمين بأنهم لن يوفّروا جهداً للوقوف في وجه سياسة تيار المستقبل وآلية عمله.