أكّد رئيس الحكومة سعد الحريري على عمق ومتانة العلاقات السياسية التي تربط لبنان بمصر، مشدّدًا على ضرورة أن ترتقي العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى هذه العلاقات.
واعتبر الرئيس الحريري أنّ أمن الدول العربية مرتبط بعضه ببعض، رافضًا استعمال لبنان كمنصة لاستهداف أيّ دولة عربية.
كلام الرئيس الحريري جاء في حوار أجرته معه صحيفة “الأهرام” المصرية، حيث قال: “هناك مشاكل وخلافات سياسية عميقة في لبنان، وهناك تباين في وجهات النظر حول قضايا حساسة، ولكن السلم الأهلي في لبنان هو خط احمر.
الحريري أشار إلى أن هناك تواصلا بين المسؤولين الأمنيين اللبنانيين والمصريين على أعلى المستويات، لتنسيق الجهود في مواجهة الخطر الارهابي وملاحقة أفراد وخلايا التنظيمات الإرهابية التي انتشرت بكثرة في المنطقة العربية والعالم وباتت تهدد أمن الدول والمجتمعات، وكلما كانت هناك مصلحة لتطوير هذا التواصل والتنسيق الأمني، لن نتوانى عن ذلك خصوصا في هذا الظرف الخطير الذى تمر به المنطقة العربية حاليا.
وأضاف: “نحن لا نزال على موقفنا من سلاح “حزب الله” ولم نغيّر مواقفنا الرافضة لوجود أي سلاح خارج مؤسسات الدولة وهم مستمرون وسياستهم بالتدخل بالأزمة السورية عسكريا ورفضهم حل مسألة السلاح، في حين ما يجمعنا حاليا المشاركة ضمن الحكومة الواحدة والإجماع على رفض الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة والبحث عن حلول للمسائل والمشاكل الأخرى التي تهم اللبنانيين وتحسن مستوى عيشهم.
أما في ما يخص إمكانية عقد لقاء مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فأعتقد أن الظروف غير ملائمة لعقد مثل هذا اللقاء.
وعلى مستوى قانون الانتخاب، قال الحريري: “لم ندّخر وسعاً في سبيل التوصل إلى قانون انتخابات جديد، عقدنا لقاءات متواصلة مع الأطراف المعنيين لأجل التوصل إلى هذا القانون وما زلنا نعمل بكل جد لتحقيق ذلك، ولكن تداخل التشابكات السياسية وتعدد المشاريع المطروحة واختلاف نظرة الأطراف السياسية تجاهها، كلها عوامل أدت إلى التأخير في الاتفاق على قانون جديد. وكما هو معلوم، فهناك استحالة لصدور قانون انتخابات جديد بمعزل عن توافق كل الأطراف المعنيين عليه، لأن قانون الانتخابات هو قانون توافقي في النهاية، وليس قانونا مفروضا على هذه الجهة أو تلك فرضا.
أستطيع القول إننا لسنا في طريق مسدود، وقد حققنا بعض التقدم من خلال جمع النقاط الإيجابية في القوانين المطروحة، وآمل أن نستطيع في الأيام القليلة المقبلة بلورة تصور قانون انتخابات يحظى بتوافق الأطراف، وأنا لست متشائما بهذا الخصوص لأن هناك مخارج عديدة لهذه المشكلة، ولن يكون هناك تمديد للمرة الثالثة كما حصل في السابق بل تمديد تقني يمتد لبضعة أشهر لتنفيذ القانون الجديد.
من جهة أخرى، قال الحريري إنه”لا يخفي أن تهجم بعض الأطراف اللبنانيين على دول مجلس التعاون الخليجي قد أثر سلبا على علاقاتها مع لبنان ونحن كحكومة أجرينا العديد من الاتصالات لتجاوز ما حصل والزيارة التى قام بها رئيس الجمهورية للمملكة العربية السعودية وقطر ساهمت إلى حد بعيد في توضيح موقف لبنان والتأكيد على حسن العلاقات مع دول الخليج عموما.”
وعن وجود فتور في العلاقة بينه وبين المملكة العربية السعودية، أجاب الحريري: “علاقات سعد الحريري مع المسؤولين بالمملكة ليست موضع تشكيك، لأن الكل يعرف مدى عمق هذه العلاقة ومتانتها، أما في ما يتعلق بتجميد هبة تسليح الجيش اللبناني المقدمة من المملكة فمرده إلى سوء تصرف وتهجم بعض الأطراف اللبنانيين على المملكة وقيادتها مرارا استجابة لتوجهات إقليمية، في حين أن مسألة زيارتي للرياض مرتبطة بجدول أعمال الحكومتين اللبنانية والسعودية ومواضيع البحث بينهما، وليس لأي أمر آخر.
الحريري أكد ان الحكومة تسعى إلى وضع خطة شاملة تتضمن حاجة لبنان على كل المستويات لمواجهة أعباء النزوح السوري، وستعرض هذه الخطة في المؤتمر الذي سيعقد في بلجيكا في غضون الأسابيع القليلة المقبلة ونأمل أن تتجاوب معنا الدول المعنية وتوافق على مطالبنا بهذا الخصوص لتنفيذ التزامات الدولة تجاه المواطنين اللبنانيين وتخفيف التداعيات السلبية لوجود النازحين عنه.
وردا على سؤال، أجاب الحريري: الثوابت السياسية التي انطلقت منها قوى 14 آذار لا تزال تجمع بين هذه القوى. هناك تلاقٍ بين بعض هذه القوى في قضايا ومسائل أساسية واختلاف على أخرى، في حين هناك تقارب ونظرة موحدة تجاه القضايا الوطنية الأساسية والنظرة إلى أزمات المنطقة وتحدياتها.
وهذا الواقع لا ينطبق على قوى 14 آذار وحدها، بل يشمل كل القوى السياسية الأخرى، لأن الظروف التي أدت إلى قيام تحالف قوى 14 آذار تغيرت بفعل التحولات في الداخل والخارج وأصبحت القوى السياسية في لبنان متداخلة، بعضها يتلاقى مع خصوم الأمس والآخر يعارض حلفاءه السابقين.
وردا على سؤال أنه بعد 11 عاما من استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لا تزال المحكمة الدولية تتداول القضية، ولا يزال الجاني طليقا، فهل ماتت القضية، قال رئيس الحكومة: أطمئن الجميع، القضية لم تمت، وللمشككين أقول: المحكمة مستمرة في طريقها، والكل يعرف مدى دقة المحاكم الدولية وإن شاء الله ستصدر أحكامها بحق القتلة المجرمين”.