خسرت الصحافة اللبنانية مقداما في قول الحق ومدافعا عن حقوق الصحافيين، اذ غيب الموت الاربعاء 22 آذار نقيب الصحافة السابق محمد البعلبكي.
ونعى وزير الإعلام ملحم الرياشي، النقيب بعلبكي وقال: “خسر لبنان اليوم وجها من وجوه إعلامييه المميزين، الذي عاصر حقبة من تاريخ لبنان الحديث فكان ذاكرته الصحافية”.
وكان محمد البعلبكي، رحمه الله، وقبل أن يقعده المرض، حركة لا تهدأ، من خلال توليه رئاسة نقابة الصحافة ردحا من الزمن، وكان لمواقفه الجريئة صدى في كل المحافل.
وتقدم الوزير بإسمه وباسم وزارة الإعلام، من أسرة الفقيد بأحر التعازي، سائلا الله أن يسكنه فسيح جناته.
اما رئيس الحكومة سعد الحريري، فقال: “برحيل نقيب الصحافة السابق محمد بعلبكي تخسر الصحافة اللبنانية والعربية ركنا تاريخيا أمضى أعواما طويلة في سدة نقابة الصحافة اللبنانية. وأخسر شخصيا صديقا محبا وصادقا، كان يمدني دائماً بالمشورة العاقلة والرأي الحكيم”.
واضاف: “كما كان رحمه الله من رفاق درب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسيرة الخروج من الحرب الأهلية وإعادة الإعمار، بمواقفه الوطنية المشهود لها والأولوية المطلقة التي كان يوليها لمصلحة لبنان واللبنانيين. رحم الله النقيب محمد بعلبكي وأسكنه فسيح جنانه، وأحر التعازي القلبية لعائلته ولأسرة الصحافة وكل اللبنانيين”.
نقابة محرري الصحافة بدورها أصدرت بياناً جاء فيه: “غاب محمد البعلبكي، وانطوت بغيابه صفحة مشرقة من تاريخ الصحافة اللبنانية التي انصرف إليها كليا منذ العام 1943 بعدما غادر التعليم في الجامعة الاميركية في بيروت استاذا في الأدب العربي والتاريخ، وهي كانت حقبة غنية شكلت وعيه السياسي والنضالي، وازكت فيه نزوعه الى مهنة المتاعب، بعد تجربة سابقة له في مجلة “العروة” و “الديار” التي أكمل فيها المشوار الى جانب عمل مواز في “الصياد”، قبل تأسيسه مجلة “كل شيء” مع زميله المرحوم محمد بديع سربيه، فمشاركته آل عارج سعاده في جريدة “صدى لبنان” التي آلت ملكيتها اليه، فأصدرها مغالبا الصعاب والتحديات الى أن احتجبت نهائيا في مطالع ثمانينيات القرن المنصرم.
محمد البعلبكي إنتسب الى نقابة المحررين في 12-8-1950، وتولى فيها مناصب قيادية، منها أمانة السر، قبل أن ينتقل الى نقابة الصحافة بعدما أصبح مالكا لمطبوعة، وتدرج فيها الى ان انتخب نقيبا للمرة الاولى في شباط 1982. وتوالى انتخابه بالاجماع سحابة السنوات التالية، وظل في منصبه حتى شباط 2015. واستحق بذلك لقب عميد نقباء الصحافة اللبنانية، كونه أمضى على رأس النقابة 33 عاما.
النقيب البعلبكي، كان رجل الثقافة الموسوعية، وعلما من اعلام الكلمة، ورائد التقارب بين العائلات اللبنانية الروحية، وسعى الى مد جسور التواصل بين الافرقاء المتباعدين إبان الحرب التي دارت رحاها في لبنان. وكان أيضا أحد فرسان المنابر ببلاغته، وهو الازهري المتضلع من لغة الضاد، والمتعمق في القرآن الكريم الذي كان ينتخب من آياته الادلة التي تؤكد أنه دين الرحمة والعدل، وقبول الآخر والحوار الدائم بين الانسان وأخيه. وهو الى انفتاحه، كان صلبا في قناعاته الوطنية والسياسية، ما كلفه سنوات طويلة من السجن والاضطهاد.
بغياب النقيب البعلبكي تخسر الصحافة اللبنانية، ونقابة المحررين التي تفخر بانتسابه اليها مع ضمة من الاوائل، وجها لبنانيا، عربيا، لا طائفيا تتلمذ على يد كبار من بلادنا، وكان قدوة ومثالا”.
وفي رحيله، قال نقيب المحررين الياس عون: “يا اكرم الراحلين، جاهدت الجهاد الحسن، وتمضي الى ربك راضيا مرضيا. كنت رفيق الدرب، والاخ والصديق، والقلب الكبير المفتوح على حب زملائك جميعا. انك تاريخ في رجل. وغدا عندما يؤرخ للصحافة اللبنانية، سيكون لك في صفحاتها الحيز الاوسع. فامض – يرعاك الله – الى جنات الخلد، بصحبة الابرار الصالحين، واكرم بها مثوى لأنك من عباده المتقين”.