كتب عماد مرمل في صحيفة “الديار”:
ليس خافيا ان مكافحة الفساد والهدر تشكل واحدة من ابرز تحديات العهد واولوياته، لاسيما ان الكلفة التقريبية لهذا “النزيف الداخلي” تتراوح – وفق ارقام بعض الاوساط الرسمية – بين خمسة وستة مليارات دولار سنويا.
ويمكن القول ان “أنهر” الفساد والهدر تنبع بشكل اساسي من التلزيمات والصفقات المشبوهة، وتصب في جيوب المتنفذين الذين باتت شركاتهم وشبكاتهم تحتكر تقريبا معظم المشاريع الدسمة والمحورية، على قاعدة توزيع الادوار المريبة وتقاسم الارباح غير المشروعة.
وإزاء تفاقم هذه الظاهرة المزمنة، يبدو ان الرئيس ميشال عون قرر ان يذهب في مواجهتها حتى النهاية، ولو على مراحل وجرعات، متبرعا بـ”غطائه الدستوري” لحماية كل جهة رسمية ورقابية معنية بالتصدي للفاسدين الذين تمكنوا على مدى اعوام من نسج “منظومة مصالح” متعددة الأذرع وواسعة الامتداد، على انقاض منطق الدولة ومؤسساتها.
وذكرت مصادر ان عون اكد لبعض المعنيين بمواجهة الفساد، خلال اجتماعاته بهم، ان بامكانهم ان يتكلوا على دعمه اللامحدود لهم، وابلغهم ان بمقدورهم اذا كانوا يملكون وقائع صلبة ان يطلبوا من اي دائرة في الادارة اللبنانية الحصول على ملفات معينة او التدقيق فيها، إذا كانت هناك شبهة تحوم حولها.
وفي اطار استكمال بناء “الاستراتيجية الهجومية” لمواجهة “ارهاب الفساد”، تفيد المعلومات ان عون كان قد اعطى وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد توجيهات بضرورة وضع آلية صارمة لضبط المناقصات والتلزيمات الرسمية، وتحصين مسارها، وصولا الى لجم التنفيعات والسمسرات، وتأمين أعلى قدر ممكن من النزاهة في تنفيذ المشاريع.
وتحت هذه المظلة الرئاسية، تفيد المعلومات ان الوزير نقولا تويني وضع مشروع قرار مرحلي تضمن آليات وضوابط للعقود التي تجريها الدولة والمؤسسات العامة والبلديات، وذلك في انتظار صدور التشريعات النهائية والمناسبة.
ومن المفترض ان يُناقش مجلس الوزراء لاحقا التصور الذي وضعه تويني وفريقه بعد مسح شامل جرى للتلزيمات السابقة وكيفية اقرارها، وبعد جمع المعلومات الضرورية من الاجهزة الرقابية، ليتبين ان ابرز مكامن الخلل تكمن في ان كل وزارة وادارة عامة تنظم المناقصات وفق دفاتر شروط متفاوتة، من دون وجود معايير موحدة او نموذج موحد لادارة المناقصات. والاخطر، ان الكثير من دفاتر الشروط كانت توضع عمدا على قياس شركات صاحبة نفوذ، لتأمين فوزها. اما المفارقة، فهي ان الخاسر كان يحصل احيانا على حصة من الرابح، في اطار محاصصة ومداورة، متفق عليهما مسبقا!
كما أظهر المسح ان عددا كبيرا من دفاتر الشروط لا يُعلن عنه، بل يظل مخفيا خلافا للأصول، حتى يتم حصر المتقدمين بقلة من “كبار القوم”.
ويبقى السؤال: هل يقر مجلس الوزراء آلية تويني، فتصبح قرارا ملزما ونافذا، ام ان بعض المصالح قد تؤجله او حتى تعطله؟
وفي ما يلي نص مشروع القرار الذي وضعته وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد:
الاسباب الموجبة:
بتاريخ 12-12-2012، بموجب المرسوم رقم 9506، احالت الحكومة اللبنانية الى مجلس النواب مشروع قانون الصفقات العمومية، كما احالت في التاريخ عينه مشروع قانون تنظيم التفتيش المركزي، ومن ضمنه احكام خاصة بادارة المناقصات.
وفيما توقفت جلسات اللجنة النيابية التي كلفها رئيس مجلس النواب برئاسة النائب ابراهيم كنعان بعد مباشرة اعمالها في العام 2015، لا تزال لجنة الادارة والعدل برئاسة النائب روبير غانم تدرس الاحكام الخاصة بادارة المناقصات ضمن قانون التفتيش المركزي.
وبهدف تكريس الممارسات الفضلى في مجال الصفقات العمومية، والزام الادارات والمؤسسات العامة والبلديات احترام مبادئ العلنية والمنافسة والمساواة، وخلق فرص متكافئة للدخول في الصفقات العمومية، ما يحرك عجلة الاقتصاد، ويحقق وفرا في المال العام، ويحد من الهدر والفساد، ويساهم في تمويل عجز الموازنة من خارج الضرائب والرسوم.
ولان اقرار قانون تنظيم التفتيش المركزي قد يتأخر، كما قانون الصفقات العمومية الذي لم تدرسه بعد اللجان النيابية، فاننا نقترح آلية مرحلية لضبط النفقات العمومية، تنسجم مع الممارسات الفضلى، ولا تتعارض مع التشريعات المستقبلية المستوحاة من الممارسات العالمية الفضلى، وذلك بالتزامن مع اقرار آلية ضبط الاتفاقات بالتراضي.
يضع هذا القرار آليات وضوابط لعقد الصفقات العامة وكافة العقود التي تجريها الدولة والمؤسسات العامة والبلديات بهدف تأمين الغاية الفضلى من استعمال المال العام، وتأمين المساواة والمزاحمة والشفافية في كافة عمليات ادارته، وهو يرمي الى تحقيق النتائج الآتية:
– تأمين الشفافية في عقود المشتريات العامة عبر تحديد اصول العلنية فيها تجاه المواطنين واصحاب المصلحة.
– توفير التنافس بين العارضين، واتاحة الفرصة امام الجميع لتحديد عروضهم للاشتراك في العقود العامة.
– توحيد اجراءات التلزيم لناحية الاصول والاجراءات، الامر الذي يسهل عمليات الاشتراك في التلزيمات العامة.
– تحقيق القيمة الافضل مقابل المال المنفق.
– تسهيل تحضير العروض من قبل العارضين.
– تسهيل عملية المراجعة والتدقيق.
– افساح المجال امام دخول عارضين جدد.
آليات الصفقات العمومية
اولا: احكام عامة
1- نطاق التطبيق
ينظم هذا القرار الاجراءات المتعلقة بتلزيم صفقات الاشغال واللوازم والخدمات، كما تطبق احكامه على المزايدات واجراءات بيع الاموال المنقولة وغير المنقولة.
تطبق الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، آليات التعاقد الواردة في هذا القرار.
2- الاطار المؤسسي
تتولى وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد مسؤولية المعاونة والتثبت من تطبيق احكام ومبادئ هذا القرار، وتؤلف لهذه الغاية لجنة برئاسة وزير الدولة لشؤون الفساد، وعضوية مدير عام ادارة المناقصات في التفتيش المركزي، وقاض من ديوان المحاسبة. وتسمى في هذا القرار بلجنة مراقبة الصفقات العمومية، ولهذه اللجنة الاستعانة بمن تراه مناسبا من داخل الادارة العامة او المؤسسة العامة او البلدية، وخارجها وفق الاصول.
تحدد كافة الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات لديها مسؤولا عن الشراء(…)، ويكون مسؤولا امام اللجنة اعلاه، ويزودها بكافة المعلومات التي تطلبها منه.
ثانيا: العمليات السابقة للتعاقد:
1- تخطيط عملية الشراء:
بالاضافة الى البرنامج العام للمناقصات المنصوص عنه في المواد 4 و5 و6 من نظام المناقصات الصادر بالمرسوم رقم 2866، تخطط الادارات العامة صفقاتها العامة وفق ما يلي:
خطة التوريد: يجب على كل ادارة او مؤسسة عامة او بلدية احاطة عمليات الشراء باكبر قدر من الشفافية والعلنية والمزاحمة والمساواة بين العارضين (…)
تخطيط كل عملية شراء: تُخطط كل عملية شراء بحد ذاتها وفقا لحجمها واهميتها، وفق وصف دقيق لكمية ونوعية المواد او الاعمال المطلوبة (…)
2- تحديد الحاجة:
– يجب ان يتخلل عملية تحديد حاجة الشراء، تحديد اولويات استخدام اعتمادات الموازنة الموضوعة، والاخذ بالاعتبار الاهداف العامة، الاجتماعية والتطويرية، ومن ضمنها تشجيع المنتج المحلي، وخلق فرص العمل اللائقة والمحافظة على سلامة البيئة (…)
3- التصنيف:
يجري التصنيف من قبل جهة محايدة وليس من قبل الجهة التي تجري الصفقة لحسابها، وتطبق احكام المرسوم رقم 9333 تاريخ 26-12-2002 وتعديلاته، المتعلق بتصنيف المتعهدين ومكاتب الدروس.
– يدعو وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد هيئة تصنيف المتعهدين والمستشارين المنصوص عليها في المادة الخامسة من هذا المرسوم الى مباشرة مهامها تحت اشرافه.
4- دفاتر الشروط:
– تُعتمد دفاتر شروط نموذجية لكل صفقة خلال شهرين من صدور هذا القرار، ولهذه الغاية تجري اللجنة مراجعة وتثبيت دفاتر الشروط النموذجية المعدة من قبل وزارة المالية وغيرها، وتوضع بتصرف الادارات العامة والمؤسسات والبلديات لاستعمالها.
– تتضمن دفاتر الشروط الامور الاساسية المنصوص عليها في المادة 126 من قانون المحاسبة العمومية (…)
يجب ان تتصف دفاتر الشروط بما يلي:
– الوضوح والدقة وعدم اللبس والغموض (…)
– منع الشروط التي تحد من المزاحمة والتنافس دون مبررات وافية.
– تأمين الشفافية والعلنية في كل مراحل التلزيم والتعاقد.
– وضع مواصفات مستدامة، بيئية واجتماعية واقتصادية، كلما كان ذلك ممكنا (…)
5- وضع المواصفات الفنية:
تضع الادارة العامة اوالمؤسسة العامة او البلدية المواصفات الفنية بدقة ووضوح لوصف الحاجة المطلوبة، بشكل يتيح للعارضين قراءتها وفهمها والاستجابة لها، وتطبق في ذلك المعايير الآتية:
– تُعتمد مواصفات نموذجية عالمية، او وطنية، مثل مقاييس المؤسسة العامة للمقاييس والمواصاتlibnor ، مع مواصفات خاصة اضافية اذا دعت الحاجة (…)
– يقتضي وضع مواصفات بيئية تتيح استخدام البضائع ذات الحد الأدنى من الآثار البيئية السلبية، (…) ولا يتم الخروج عن هذا البند الا بحالات استثنائية وقرارات معللة.
– يجب اعتماد شروط الحماية الاجتماعية ومراعاة قوانين العمل والسلامة المهنية وشروط الإقامة للاجانب والضمان الاجتماعي (…)
6- السعر التقديري:
– يجب على كل إدارة او مؤسسة عامة او بلدية وضع سعر تقديري قبل الإعلان عن الصفقة العامة الا في الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها ذلك، على ان تُبين الأسباب بشكل معلل وواضح.
– يجري وضع السعر من قبل المختصين واستنادا الى أسعار السوق الواقعية وتقصي الأسعار لدى الإدارات الاخرى، وبعد الأخذ بعين الاعتبار اي زيادة يمكن ان تنتج عن تطبيق البنود الاختيارية الملحوظة في دفتر الشروط (…)
ويعود للمرجع المختص بعقد النفقة إبقاء السعر التقديري سريا او الإعلان عنه، وفق طبيعة العامة وظروفها.
ثالثا: عمليات التلزيم: يجري التلزيم وفقا لقانون المحاسبة العمومية والانظمة المرعية الإجراء، وتتبع فيه الإجراءات الآتية:
1- طرق التعاقد:
– تُعتمد المناقصة العامة في عقود الصفقات العمومية بشكل أساسي ومبدئي.
– تجري الصفقات العمومية بطريقة المناقصات المحصورة على مرحلتين:
– المرحلة الاولى: ( التأهيل المسبق)، تحدد فيها سلطة التعاقد العارضين المؤهلين للمشاركة استنادا الى معايير التأهيل المعلن عنها وفق الأصول.
– المرحلة الثانية: (دعوة لتقديم العروض)، تقيم فيها سلطة التعاقد العروض التي قدمها العارضون المؤهلون، استنادا الى معايير التلزيم المنصوص عنها في دفتر الشروط الخاص.
– عند تحقق شروط تطبيق الاتفاق الرضائي يقتضي دائما، وكلما كان ذلك ممكنا استقصاء الأسعار بالطرق المناسبة، والتفاوض مع المتعاقد معه لتحقيق افضل الشروط للإدارة (…)
– في الصفقات العمومية التي تجري بموجب بيان او فاتورة، يقتضي تأمين ثلاثة عروض على الأقل، اذا تجاوزت قيمة الصفقة العامة نصف الحد الأدنى الرسمي للأجور ل.ل. (…)
2- الإعلان أو الدعوة الى تقديم العروض:
– يُعلن عن كل مناقصة عامة أو محصورة أو استدراج العروض العام في الجريدة الرسمية وفي ثلاث صحف يومية على الأقل، قبل التاريخ المحدد للتلزيم بمدة 15 يوما على الأقل. وعند تخفيض المدة يجب وضع تقرير معلل وأخذ موافقة اللجنة (…)، ويمكن اعتماد طرق اخرى إضافية للإعلان (…)
3- تعليمات للعارضين
– يقدم دفاتر الشروط معلومات تساعد العارضين على اعداد عروضهم وكيفية تسليمها وفتحها وتقييمها وارساء العقود، بالاضافة الى المعايير المستخدمة في تحديد العرض الادنى سعرا او العرض الافضل.
رابعا: ادارة العقد
يتولى الاشراف من تكلفه الادارة او المؤسسة العامة او البلدية بذلك من ذوي الاختصاص والقدرة على متابعة العمل، من داخل الادارة العامة او المؤسسة العامة او البلدية، او من خارجها حين لا تتوافر الامكانية في الداخل.
توضع بنتيجة الاشراف تقارير دورية بسير العمل ووصف التنفيذ، وعلى المشرف الابلاغ عن كل مخالفة او تصرف غير منطبق على الاصول (…)
خامسا: الشفافية ومعايير الاخلاق
1- الشفافية:
– تنتهج الادارة العامة او المؤسسة العامة او البلدية سياسية نشر اعلامية، تعلن بموجبها عن خططها وتفاصيل تطبيقها بما في ذلك سير الصفقة العامة واجراءات تلزيمها ونتيجة استلامها وتنفيذها وقيمتها النهائية (…)
– لا يحد من النشر الا ما كان سريا بطبيعته لتعلقه بسر مهني او براءة اختراع، او اذا كان موضوع الصفقة العامة امنيا او يتعلق بالسلامة العامة(تلزيم اسلحة او انظمة حماية)…
2- معايير الاخلاق
تشترط الادارة العامة او المؤسسة العامة او البلدية على المتعاقدين معها الالتزام باعلى معايير الاخلاق المهنية والمواطنية الصالحة خلال فترة التوريد وتنفيذ العقد. ولتحقيق هذه السياسة، فان الادارة العامة او المؤسسة العامة او البلدية والمتعاملين معها يبتعدون عن الممارسات الآتية:
– “ممارسة فاسدة” وتعني عرض او اعطاء او استلام او استدراج اي شيء ذي قيمة، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، للتأثير في عمل مسؤول عام في عملية التوريد او تنفيذ العقد.
– “ممارسة احتيالية” وتعني تشويه الحقائق او اغفالها للتاثير في عملية التوريد او تنفيذ العقد.
– “ممارسات تواطؤية” وتعني اي خطة او ترتيب بين اثنين او اكثر من العارضين، بهدف تقديم اسعار على مستويات زائفة وغير تنافسية.
– “ممارسات قهرية” وتعني ايذاء اشخاص اوممتلكاتهم، او التهديد بايذائهم سواء بشكل مباشر او غير مباشر، للتاثير في مشاركتهم في عملية توريد او تنفيذ عقد.
3- تضارب المصالح
1- لا يحق للملتزم او شركائه او للعاملين لديه تقاضي اي تعويضات اخرى او عمولات او حسومات او دفعات متعلقة بالمشروع، غير المبالغ المستحقة والمبينة في العقد المتفق عليه مع الادارة العامة لو المؤسسة العامة او البلدية.
2- يتحقق تضارب مصالح في حال:
– كان العارض قد عمل في السابق بشكل مباشر او غير مباشر مع اي مؤسسة او اتباع مؤسسة لتقديم خدمات استشارية، لتحضير الدراسة او المواصفات او مستندات خاصة بالتوريد.
– اذا كنت تربط بين العارضين صلات معينة، كأن لديهم شريك مشترك يسيطر على اعمالهم، او لديهم الممثل القانوني نفسه في العطاء.
– تقدم العارض باكثر من عرض واحد خلال عملية التوريد.
3- يجب على الاستشاريين تقديم المشورة المهنية والموضوعية والحيادية للادارة.
4- يُرفض العرض اذا تقدمت به شركة، ساهم احد موظفيها في وضع المواصفات الفنية للصفقة موضوع الترسية.