Site icon IMLebanon

تقسيم لبنان الى قوانين انتخابية سيزيد الشرخ

 

 

كتب شربل الأشقر في صحيفة “الديار”:

في ظل الفوضى العارمة التي يمربها لبنان لناحية محاولة فرض ضرائب جديدة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب دون وضع أُطر واضحة لمحاربة الفساد ومعارضة الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني لهذه الخطوة التي بحسب الخبراء الاقتصاديين تمس لقمة عيش الشريحة الفقيرة والمتوسطة من اللبنانيين ما أدّى إلى تعليق البحث في هذا الموضوع من قبل مجلسي النواب والوزراء وعودة قانون الانتخابات إلى الواجهة وإلى التداول.

يقول مصدر سياسي متابع انهُ منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري أصبح الشغل الشاغل للمسؤولين السياسيين إقرار قانون إنتخابي يراعي الميثاقية السياسية، الطائفية، العائلية والاقطاعية دون أخذ بعين الاعتبار بناء وطن ومواطنة والاتفاق على برنامج اقتصادي واجتماعي يُخرج لبنان واللبنانيين من حالة اليأس والاحباط الاقتصادي والمعيشي بخاصة أنهُ بدأ الكلام عن تمديد جديد للمجلس النيابي لفترة سنة بناء على طلب رئيس الحكومة سعد الحريري.

في وطن مثل لبنان متعدد الطوائف والمذاهب من الضروري أنّ تكون هذه الطوائف ممثلة في الحكم، لكن يتساءل المصدر ألم يحن وقت تطبيق الدستور وإنشاء مجلس شيوخ؟ هل الطائفية والمذهبية هما المعيار الوحيد في الميثاقية اللبنانية؟ ألا يوجد مفاهيم أخرى يتفق عليها شعب مثقف مثل الشعب اللبناني؟ فلنأخذ المجال السياسي، هنالك عشرات من النظريات السياسية متداولة عالمياً يمكن أنّ تطبق في لبنان. ألا يجوز أن توجد ميثاقية سياسية يتفق عليها أحزاب أو أفراد لبنانيين وتكون عنواناً لقانون انتخابي؟ لنأخذ النظريات الاقتصادية فهنالك أيضاً العشرات منها. ألا يجوز أن تكون المادة الخلافية في لبنان هي النظرية الاقتصادية والاجتماعية الموجب تطبيقها كي يتم فرز الأحزاب بين مؤيد ومعارض وتكون الاصطفافات بين الأحزاب على أساس الموقف من هذهِ النظريات وبالتالي تكون الميثاقية اقتصادية واجتماعية؟

في الدول الراقية تم إلغاء كل مظاهر الدين في الدولة حتى أنّ في أغلبية دول افريقيا لا يميزون بين مسلم ومسيحي أمّا نحن في لبنان «فكل شي ماشي» والتخلف ماشي. ويقول المصدر انّ تقسيم لبنان إلى عدة قوانين انتخابية وإلى دوائر حسب الأكثري ودوائر حسب النسبي ودوائر حسب المختلط سيزيد الشرخ بين مختلف الفئات الناخبة وبالتالي بين الشعب اللبناني، ويتوقع المصدر أنه في حال إتّفق الزعماء على قانون جديد ففي أفضل الحالات سيدخل حوالى 20 نائباً  مستقلاً إلى الندوة البرلمانية أمّا بالنسبة لبقية النواب فسيبقى الولاء نفسه مع تغيير ببعض الأسماء أي حوالى  105نواب فتبقى الطبقة السياسية نفسها مسيطرة على مقدرات الدولة.

ويضيف المصدر: عاجلاً أم أجلاً سيتفق الزعماء الستة على قانون انتخابي في المهل المحددة وكل زعيم سينال ما أراد مع القليل من التنازلات فيكونون ومن خلال قانونهم قد قسموا لبنان إلى عدة مناطق نفوذ فتعود السمسرات ويعود الفساد إلى حاله، وكالعادة يختبئ كل زعيم طائفي وراء طائفته. وبدل بناء أحزاب على أساس برامج سياسية، اقتصادية، اجتماعية يعود التعصب الطائفي والمذهبي عبر خطابات المسؤولين لأنها الطريقة الفضلى التي ابتكرتها الأحزاب لكسب تأييد شعبي طائفي غريزي.

ويقول المصدر ان الشباب اللبناني الحالي يختلف عن جيل شباب الحرب من حيث الثقافة والتعليم والانفتاح وهذا الجيل الجديد بدأ يتمرد على الواقع اللبناني المزري من حيث الطائفية والإقطاعية والعائلية والفساد وبدا ذلك جلياً في آخر انتخابات بلدية بخاصة في بيروت وقبلها مع الحراك المدني خلال أزمة النفايات عام 2015 وفي آخر تظاهرة يوم الأحد الفائت ضد فرض ضرائب جديدة  فيتوقع المصدر أن يتحرك المجتمع المدني بقوة إذا كان القانون الانتخابي الذي سيتفق عليه مجحفاً في حق الأكثرية الصامتة بخاصة الشباب منهم وتوقع احتمالين: إما تظاهرات في الشارع قد تصل إلى حد العصيان المدني وإمّا الدعوة العامة إلى مقاطعة هذه الانتخابات فتعرّي نسبة المشاركة شرعية المجلس المنتخب.

ويقول المصدر انّ أمام الأحزاب اللبنانية واجب استيعاب الشباب اللبناني ليس عبر الخطابات الديماغوجية أو الخدمات البسيطة التي هي من واجب الدولة أن تقدمها بل عبر تقديم لهؤلاء الشباب فرصة في تطوير المجتمع اللبناني كما عبر إشراكهم في اتخاذ بعض القرارات المصيرية.

ويختم المصدر، لبنان أمام فرصة تاريخية لتطوير نظامه والبدء بقانون انتخابي عصري كما أرادهُ الرئيس عون وصولاً إلى إلغاء الطائفية السياسية. من سيقوم بهذه المهمة هم الشباب المثقفون من خلال سن قوانين جديدة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ ومحاسبة عمل الحكومة. لذلك على الزعماء الستة  وعلى رأسهم رئيس الجمهورية إقرار قانون يسمح لهؤلاء الشباب المستقلين بدخول الندوة البرلمانية بأعداد وفيرة لأن تاريخ الأوطان لا تقاس بسنة أو بسنتين بل بعشرات السنوات وإذا أردنا أن يعيشوا أحفادنا في وطن راقٍ خالٍِ من الفساد والطائفية فعليكم تسليم شبابنا مقاليد الحكم من خلال إجراء انتخابات نيابية حسب قانون نسبي مع دوائر متوسطة، والبدء بتطبيق الطائف وإنشاء مجلس شيوخ.