تقول مصادر دبلوماسية إنّ ثمة حرصا غربيا وفرنسيا في شكل خاص على صون استقرار لبنان وإبقائه بمنأى عن العواصف التي تهب حوله. وتشير عبر الوكالة “المركزية”، الى انّ باريس في صدد تكثيف اتصالاتها وجهودها للحفاظ على الواقع اللبناني على حاله ومنع أي انتكاسة ممكن أن يتعرّض لها، وتتحرك في هذا المسعى على ثلاثة خطوط:
الاول أمني. حيث تحث فرنسا، وفق المصادر، اللبنانيين على ضبط حدودهم خصوصا تلك المشتركة مع سوريا وقد يكون توسيع القرار 1701 ليشمل الحدود المذكورة، في نظرها، حلًّا لمشكلة انتقال المسلحين من والى سوريا، عبرها. كما تواصل ومن ضمن المجموعة الدولية لدعم لبنان، المساعي لتكثيف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني بما يعزز قدراته على مواجهة الارهاب. وتعير باريس أهمية قصوى للواقع الامني اللبناني، بالتزامن مع معركة تحرير الموصل من “داعش” وعشية انطلاق معركة الرقة التي أكد وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان اليوم أنها ستنتطلق في الايام المقبلة، مخافة أن تولّد ارتدادات في الميدان يشعر بها لبنان.
أما الخط الثاني، فاقتصادي. وهنا، لا تحبّذ باريس أي إجراءات قد تهدد الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي والمصرفي. وتنصح المعنيين بالابتعاد عن أي خطوات غير مدروسة تهزّ الامن الاقتصادي الداخلي، ذلك ان سقوطه يمكن ان يسقط الهيكل اللبناني كله.
الخط الثالث والاخير، سياسي. ففرنسا، بحسب المصادر، نقلت عبر أكثر من وسيط في الأسابيع القليلة الماضية رسائل الى المسؤولين اللبنانيين رحبت فيها بانجازات العهد خصوصا على صعيد التعيينات التي أنجزت. الا انها حملت أيضا تحذيرا من مغبة جرّ المؤسسات الدستورية وتحديدا مجلس النواب الى الفراغ لانه سيدخل لبنان مجددا في نفق مظلم خرج منه للتو بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.
ولا تستبعد المصادر ان تضطلع باريس للغاية، بدور الوسيط من خلال حركة اتصالات مع السعودية وايران في المرحلة المقبلة، انعاشا للتسوية الرئاسية من جهة، ولدفعهما الى تسهيل الاتفاق الداخلي لا سيما على قانون الانتخاب العتيد، بعد ان لعبت الرياض وطهران دورا أساسيا في بلوغ الاتفاق الذي أتاح وضع حد للشغور الرئاسي بانتخاب الرئيس عون. على الصعيد السياسي أيضا، تشير المصادر الى ان فرنسا كما “مجموعة الدعم” تشجعان لبنان على التزام سياسة النأي بالنفس ومندرجات إعلان بعبدا كما على الالتزام بالقرارات الدولية وبوضع استراتيجية دفاعية، كون هذه الاجراءات ضرورية لصون استقرار لبنان الامني والسياسي.
في الموازاة، توضح المصادر ان الحرص الذي يبديه المجتمع الدولي إزاء الحفاظ على لبنان كـ”واحة سلام”، إنما نابع من رغبته في ان يشكل، في المستقبل، نموذجا للتسويات التي تحاك لأزمات المنطقة، ذلك أن مجموعات مذهبية متعددة تعيش فوق أرضه بـ”توافق”، والخلافات والتباينات السياسية في ما بينها مضبوطة ضمن المؤسسات وبالحوار ولم تنعكس حروبا ومعارك، وهذه المعادلة تريد عواصم القرار ان تنسحب على دول المنطقة الملتهبة.