Site icon IMLebanon

إنها معركة تغيير النظام يا عزيزي! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

ينشغل الوسط السياسي في لبنان بالنقاشات والمفاوضات حول قانون الانتخاب العتيد، ويبدو لبنان في سباق مع الزمن مع خرق كل المهل الدستورية في العد العكسي لانتهاء الولاية الثانية الممددة لمجلس النواب الحالي، والتي تنتهي في 20 حزيران 2017.

يوم تم التوصل الى اتفاق الدوحة في أيار 2008، لم يكن الأساس الاتفاق على اسم الرئيس ميشال سليمان يومها، لأن الاتفاق على اسم قائد الجيش كان سبق انقلاب 7 أيار. الأساس في الدوحة كان الاتفاق على قانون جديد- قديم للانتخابات بضغط ورعاية عربيين ودوليين، وبموافقة إيرانية واضحة. يومها ظن بعض المسيحيين أنهم “استعادوا الحقوق” بالعودة الى قانون الستين، فأوهموا جمهورهم بتحقيق النصر المبين وعلقوا اليافطات وعنونوها “هلق رجع الحق لأصحابو”، ليتضح بعد 9 أعوام على الـ2008 أن لا الحق عاد ولا أصحاب الحق مرتاحون إلى قانون الستين المعدّل في الدوحة.

وإذا كان المعنيون تعهدوا في القانون المذكور بأن يكون لمرة واحدة، وبأن مجلس الـ2009، والمستمر منذ ذلك التاريخ، سيقوم بإنجاز قانون جديد وعصري للانتخابات، فإن 9 سنوات كانت كفيلة بالتأكيد للرأي العام بأن ما يجري ليس مجرّد “كباش” بين أطراف سياسية يسعى كل منها إلى إقرار قانون على قياسه يؤمّن له العدد الأكبر من النواب، بل إن الصراع أكبر من ذلك بكثير.

اعتباراً من العام 2012 بدأ شد الحبال بين الأطراف السياسية في محاولة للتوصل إلى قانون جديد. ظن اللبنانيون في أكثر من محطة أن ثمة نقاشاً صحياً بين قوى سياسية داخلية، وأنه لا بدّ من التوصل في لحظة ما إلى التوافق على قانون جديد، وإما التصويت على قانون جديد تتأمن له أكثرية كافية في مجلس النواب.

يذكر اللبنانيون الصراع منذ قانون لجنة فؤاد بطرس وكل ما تلاه، وبشكل خاص طرح ما اصطُلح على تسميته “المشروع الأرثوذكسي”، مروراً بـ”القانون المختلط” بكافة صيغه وأشكاله، وصولا اليوم إلى إصرار الثنائي الشيعي على النسبية الكاملة، في محاولة مكشوفة لضرب أسس “الطائف” والمناصفة والكيان.

إن خوض معركة النسبية الشاملة في لبنان يعني أولا وأساساً الآتي: الإطاحة بالمناصفة التي كرّسها اتفاق الطائف إلى غير رجعة. ففي ظل الخلل الديمغرافي الفاضح نتيجة عوامل متراكمة، بدءًا من الحرب اللبنانية، مرورا باستهدف القوى المسيحية بعد انتهاء الحرب بسبب هيمنة الاحتلال السوري وممارسة سياسة الغالب والمغلوب، وليس انتهاءً بمرسوم التجنيس من جهة وبوهج السلاح والمال الإيرانيين من جهة ثانية، كل ذلك أدى إلى إحساس المسيحيين بالاستهداف ما أنتج خللا ديمغرافياً فاضحاً على اكثر من مستوى وليس فقط على لوائح الشطب. وما الإصرار اليوم على النسبية سوى محاولة لتكريس هذا الخلل على مستوى النظام البرلماني بشكل نهائي لضرب أسس بنيان الكيان اللبناني.

إن مسعى الثنائي الشيعي لم يعد خافياً على أحد، وخصوصاً أن هذا الثنائي يحاول استباق أي تطورات إقليمية ودولية لمحاولة تكريس انتصار إقليمي مزعوم في لبنان، وذلك عبر تغيير صورة النظام اللبناني وجوهره نحو “مثالثة أمر واقع” تحت مسمّى النسبية ليس أكثر. من هذه الزاوية يمكن بشكل واضح قراءة المعركة القائمة حول قانون الانتخاب على أنها معركة يخوضها الثنائي الشيعي لتغيير النظام بشكل نهائي. وأي قراءة هامشية لطرح النسبية إنما تدلّ على أن البعض يعيش بعيداً عن أرض الواقع، فإما تتكاتف أكثرية اللبنانيين لإجهاض مشروع “حزب الله”، وإما سيكون لبنان أمام منعطف خطير لا يمكن لأحد التكهّن إلى أين يمكن أن يوصلنا أي انزلاق على هذا المنعطف بالتزامن مع صورة منطقة تتغيّر بالكامل.