كتب حسن سلامة في صحيفة “الديار”:
قالها الرئيس نبيه بري صراحة وقبله النائب وليد جنبلاط وقوى سياسية متعددة من الكتائب الى تيار المردة والرئيس نجيب ميقاتي وآخرون، انهم جميعاً يعارضون اقتراح الوزير جبران باسيل، بالاضافة الى حزب الله الذي وان كان لم يعلن صراحة هذا الرفض، الا ان مواقف كل القيادات الاساسية فيه بدءا من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله يؤكدون باستمرار ان النسبية الكاملة مع لبنان دائرة واحدة هي الحل الانسب والامثل لقانون الانتخابات مع الاستعداد للبحث في التقسيمات الانتخابية، وتوضح مصادر مطلعة ان حزب الله ابلغ الوزير باسيل بعبارات ديبلوماسية عدم موافقته على الاقتراح الذي تقدم به في الفترة الاخيرة مع ابداء الاستعداد للبحث في كل الاقتراحات التي تؤدي الى عدالة التمثيل وصحتها، بعيداً عن اي صيغ تكرّس الانقسامات المذهبية والتوقع داخل الطوائف.
وتشير المصادر الى ان الاتصالات «قائمة على قدم وساق» من اجل الوصول الى عناوين عامة حول القانون تنطلق من معايير موحدة وعدالة التمثيل ومشاركة مختلف التنوعات الطائفية في انتخاب النائب الذي يمثل كل اللبنانيين. اضافت ان هناك مساعي جدية بهذا الخصوص، لكن لم تتبلور اي صيغ نهائية حتى على مستوى العناوين الكبرى، ليصار بعد ذلك الى الانطلاق في بحث التفاصيل، من حيث التقسيمات الانتخابية، وما اذا كان سيكون على مستوى النسبية الكاملة، ام سيصار الى اعتماد نسبة معينة على اساس نسبي واخرى على اساس الاكثري، وقالت ان هذه الاتصالات ستشهد تزخيماً بعد عودة رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري من القمة العربية، من اجل الاتفاق على الصيغة قبل نهاية شهر نيسان.
اوساط بعبدا
بدورها اوضحت اوساط قصر بعبدا ان هناك اتصالات جدية لبلورة صيغة قانون للانتخابات، ولاحظت ان النقاش يتمحور بين امكانية الاخذ بالصيغة التي قدمها الوزير باسيل مع الاستعداد لتدوير الزوايا حول النقاط التي عليها اعتراضات، وبين صيغة نسبية عالية، واوضحت انه من غير المتوقع رفع قضية قانون الانتخابات الى مجلس الوزراء، قبل الاتفاق على الصيغة او على عناوينها في الحد الادنى.
وكشفت الاوساط ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصدد التوجه نحو مصارحة اللبنانيين حول ما يحصل حول القانون في حال بقيت الامور تراوح مكانها، الا انها قالت انه من المبكر تحديد وقت معين لذلك، لان رئيس الجمهورية يراهن على نجاح الاتصالات في الوصول الى صيغة جديدة، وبالتالي اذا صارت الامور في الاتجاه المطلوب فعندها لن يكون هناك حاجة لهذا الخيار.
اين وصلت الاتصالات حول الصيغة؟
في ظل هذه الاجواء، ما هي الاتجاهات الممكنة حول الصيغة المنتظرة لقانون الانتخابات؟
في المعطيات لدى اوساط سياسية مشاركة في المساعي لهذه الغاية، ان الغموض لا زال يكتنف مسار الاتصالات للخروج من المأزق القائم قبل الذهاب نحو التمديد المنتظر المرجح بين ثلاثة وستة اشهر، وتوضح انه بعد سقوط عدد كبير من المشاريع والاقتراحات والتي كان اخرها اقتراح الوزير باسيل فالترجيحات باتت محصورة في خيارين لا ثالث لهما:
ـ الاول اعتماد النظام المختلط ـ دون الاخذ في جزء منه بالنظام الارثوذكسي ـ اي ان يتجاوز الشق النسبي منه ما يزيد عن 60 بالمئة من المقاعد والباقي على اساس الاكثري، وان يتضمن معايير موحدة على مستوى التقسيمات الانتخابية، بحيث تعمتمد نفس الدوائر في النظامين، وكذلك الامر بما خص توزيع النواب بين الاكثري والنسبي، حتى لا يكون هناك اكثر من معيار في عملية الانتخاب على مستوى الدوائر وتوزيع النواب.
وتشير المصادر ان ما يطرح في هذا السياق عن نظام مختلط يقترح 69 نائباً على اساس الاكثري و59 نائباً على اساس النسبي حتى دون الاقتراح الارثوذكسي يحتاج الى اعادة نظر واسعة على مستوى النسبي وتقسيم الدوائر وتوزيع النواب.
ـ الثاني: هو النظام النسبي الكامل الذي يلاقي تأييداً من جهات سياسية عديدة كونه يبقى القانون الافضل من حيث عدوله التمثيل وصمته والانصهار الوطني، الا ان الاوساط المذكورة تشير الى وجود اعتراضات عليه من قبل اطراف متعددة بدءا من الثنائي المسيحي، اي التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»، بما ان النائب وليد جنبلاط لا يبدو انه بصدد تأييد النسبية الكاملة، ويؤكد مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس لـ«الديار» اننا كنا قدمنا افكار للرئيس بري حول النظام المختلط ولكن نحن منفتحون على كل الخيارات، الا انه يعتبر ان النظام الاكثر قبولآً من الجميع هو النظام المختلط، فالنسبية غير مقبولة من البعض، ولذلك علينا البحث بايجابية للوصول الى صيغة تعمّد النظام المختلط ترضي كل الاطراف.
اما الرئيس سعد الحريري، فهو ايضاً بحسب الاوساط وان كان ارسل اشارات باستعداده للبحث في النسبية الكاملة، الا انه لم يعلن شيئاً واضحاً في هذا الاطار، بل ان ما طرحه ومستشاره نادر الحريري في الاجتماعات الاخيرة لم يتطرق بصورة واضحة الى مسألة النسبية الكاملة ولاحظت ان الحريري لا يبدو انه على استعداد للسير بصيغة جديدة لا تلاقي قبولاً من حليفيه النائب جنبلاط و«القوات اللبنانية».
وتكشف المصادر ان التأهيل يمكن ان يؤخذ به في اي من هاتين الصيغتين لارضاء الذين يتحدثون عن الميثاقية وتصحيح التمثيل بين الطوائف.
وفي هذا السياق تقول اوساط قريبة من الرئيس بري انه مع اطراف اخرون يفضلون النسبية الكاملة، ويأمل بان يقتنع المعارضون لها، بان النسبية تجمع ولا تفرق وهي بالتالي الحل الانسب الذي يمكن ان يجمع بين كل القوى السياسية.
اضافت انه اذا كان هناك من يرفض النسبية الكاملة فعلينا ان نعمل مع باقي الاطراف للوصول الى صيغة ترضي الجميع من جهة، وتستطيع تقريب اللبنانيين وتؤمن حد ادنى من عدولة التمثيل، من جهة اخرى، اضافت التشبث بالرأي والاصرار على هذه الصيغة او تلك تعني ان البعض يريد فرض قوانين على الاخرين، ومثل هذا الاصرار سيؤدي حكما الى مقاطعة بعض الاطراف للانتخابات النيابية، فالنائب جنبلاط اذا ذهب نحو مقاطعة الانتخابات، فالى اين سنأخذ البلد، وهل باستطاعة هذا الفريق او ذاك تحمل مقاطعة فريق وازن يمثل النسبة الكبرى من طائفته للانتخابات؟ ولذلك علينا ان تكون ركيزة الانطلاق «ماذا نريد من قانون الانتخابات وليس اي قانون نريد»؟ وهذا الامر لمح اليه زعيم المختارة قبل ايام عندما قال: «اننا لا نريد المشاركة في بعض الصيغ»؟