IMLebanon

بماذا طالب لبنان دول أوروبا؟

 

 

كتبت دوللي بشعلاني في صحيفة “الديار”:

أعطى الإجتماع الأمني الموسّع الذي شهده قصر بعبدا يوم أمس الجمعة الأولوية لتحقيق الأمن على مستوى المطار والمعابر البريّة الحدودية بهدف الحفاظ على الأمن والإستقرار في البلاد، لا سيما مع مطالبة سفراء الإتحاد الأوروبي بالمزيد من التفتيش والتدقيق في المطار من أجل تحقيق الأمن على مستوى عالٍ في البلاد رغم النقص الكبير في العديد الأمنية، ما استوجب إحالة الملف الى مجلس الوزراء.

فما يهمّ الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، على ما أفادت أوساط سياسية عليمة، هو عدم دخول أي إرهابي أو متطرّف إسلامي اليها عن طريق مطارات ستّ دول شملها القرار هي: تركيا ولبنان ومصر والسعودية والأردن وتونس. ويتوقّع أن تقوم دول الإتحاد الأوروبي الأخرى بتطبيق قرارات مماثلة لبريطانيا رغم خروجها من الإتحاد. علماً أنّ القرار الذي أصدرته وزارة النقل البريطانية يقضي بمنع جميع الركّاب المغادرين الى لندن برحلات مباشرة بين مطار رفيق الحريري الدولي ولندن إصطحاب أي من الأجهزة الإلكترونية واللوحية والهواتف الذكية التي تزيد أبعادها عن طول 16 سنتم وعرض 9,3 سنتم، وعمق 1,5 سنتم داخل حقيبة اليد، وقد بدأ تطبيقه في مطار بيروت إبتداء من منتصف ليل الخامس والعشرين من شهر آذار الفائت وحتى إشعار آخر.

ويعتبر لبنان أنّ مثل هذا القرار من شأنه أن يُبعد الشبهات عنه دون سائر الدول الأخرى، لا سيما مع التأكّد من أي إرهابي يصل الى بريطانيا ودول الإتحاد الأوروبي لن يكون آتياً من لبنان، علماً أنّ بريطانيا تخشى من تسلّل الإرهابيين اليها من سوريا ودول الجوار. ولهذا أوصى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي ترأس الإجتماع الأمني بضرورة إعادة النظر في مسألة المعابر الحدودية وتشديد التفتيش هناك بهدف منع تسلّل المزيد من الإرهابيين والمتطرّفين من جرود عرسال وسواها الى الداخل اللبناني، لأنّهم سوف يستخدمون بعد ذلك المطار للسفر الى دول الخارج. وفي حال جرى ضبط المعابر البريّة ضبطاً كاملاً فإنّ الأمن الداخلي، وحتى الخارجي، سوف يؤمّن على مستوى متقدّم.

وفيما يتعلّق بالمطالبات الدولية برفع مستوى الحماية الأمنية للمعابر الحدودية التي يبلغ عددها خمسة رسمية بين لبنان وسوريا هي جديدة يابوس (المصنع من الجانب اللبناني)- الدبوسية (العبودية)- جوسية (القاع)- تلكلخ (البقيعة- عكّار) وطرطوس (العريضة من الجانب اللبناني)، وأخرى كثيرة غير شرعية معظمها في المناطق الجبلية الوعرة التي كانت تُستخدم قبل الحرب السورية لأغراض التهريب ويستخدمها السوريون اليوم للنزوح الى لبنان، فإنّ تشديد الحماية على طولها يتطلّب دعمها العسكري. ولهذا فعلى هذه الدول مساعدة لبنان عسكرياً لكي يتمكّن من تأمين الحماية على المستوى الذي تطالب به.

وكشفت الأوساط بأنّ مجلس الوزراء الذي سيدرس لاحقاً ملف تأمين العديد اللازم لحماية المعابر البريّة، سيُقرّر طلب المزيد من المساعدات العسكرية، إن من الدول الأوروبية، أو من الولايات المتحدة التي تُرسل المساعدات للبنان بشكلٍ دوري، أو سيُطالب حتى بإعادة البحث في الهبة السعودية للجيش والأجهزة الأمنية التي بلغت 3 مليارات دولار لكنّها عادت وسُحبت. فمن دون المساعدات لن يتمكّن لبنان بعديده وعتاده الحالي من تأمين الحماية اللازمة له أو لدول الخارج.

فكما أنّ السلطات الهولندية قدّمت للجيش أخيراً 20 سيارة إسعاف مجهّزة، وهي تأتي كترجمة لجهوزية هولندا الدائمة لمساعدة لبنان وجيشه في مهامه القتالية، ودعمته بمساعدات تُقدّر بـ 200 مليون دولار من أجل النازحين السوريين، فإنّ الدول الأوروبية الأخرى مدعوة لدعم لبنان على هذا الصعيد، لكي يتمكّن من حماية نفسه من ارتدادات الأزمة السورية عليه، كما على دول الخارج. ولعلّ مؤتمر بروكسل الذي سيُعقد في 5 نيسان الجاري ويُمثّل فيه لبنان، رئيس الحكومة سعد الحريري، سيكون فرصة مناسبة لشرح موقف لبنان أمام المجتمع الدولي والأوروبي المشارك فيه، لجهة الحفاظ على الأمن والإستقرار فيه ومنع استخدام مطاره أو معابره الحدودية لتكون معبراً للإرهابيين الى دول الخارج.

وكشفت الاوساط بأنّ كلفة تأمين الحماية المطلوبة لن تكون بسيطة بل تصل الى مليارات الدولارات، وهذا الأمر لا يمكن للبنان تحمّله بمفرده، إذ يكفيه ما تكبّده حتى الآن من أعباء الأزمة السورية عليه، ولهذا فإنّ الحريري سيُناشد المجتمع الدولي في مؤتمر بروكسل على مساعدته في هذه المهمة الصعبة. فلبنان، في الواقع، سيكون في حاجة خلال السنوات الثلاث المقبلة الى ما لا يقلّ عن 10 مليارات دولار للبنى التحتية التي تضرّرت بفعل النزوح السوري. ومن دون هذا الدعم الضروري من المجتمع الدولي لن يتمكّن لبنان من الإستمرار في استضافة مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضه. فكيف سيتمكّن بمفرده، على ما تساءلت، من تأمين الحماية عبر مطاره والمعابر الحدودية على ما تُطالب بريطانيا؟

وأكّدت الأوساط نفسها، أنّ لبنان لن يكون أبداً معبراً للمتطرّفين الى أي دولة خارجية، وذلك انطلاقاً من الخطط الأمنية التي سبق أن نفّذتها عناصر الجيش والقوى الأمنية، وتمكّنت خلالها من إلقاء القبض على رؤوس كبيرة، وأحبطت كلّ المخططات التي كانت تعدّها للبنان من عمليات وتفجيرات إنتحارية بهدف توتير الوضع الأمني فيه. وهذه الخطط الأمنية ستستمر وتتطوّر لا سيما مع القائد الجديد للجيش العماد جوزف عون، إلاّ أنّها ستحتاج للدعم العسكري لتُصبح فعّالة أكثر.

أمّا التهديدات الإرهابية التي تطال لبنان والدول الأوروبية وسائر دول العالم، فتحتاج الى خطط عمل موسّعة لضمان حماية المواطنين في كلّ منها من كلّ الذين يُضمرون الأذى لمن لا يوافقونهم عقائدهم. ولهذا فإنّ تشديد التدابير الأمنية واتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف إحباط أكبر عدد ممكن من المخططات الإرهابية، على ما ذكرت الاوساط، هو أمر أساسي لا يكفي أن يتبعه لبنان فقط، بل كلّ الدول الأوروبية القلقة على وضعها الداخلي أيضاً.