Site icon IMLebanon

مناخ سياسي “ساخن” مع دخول قانون الانتخاب “عنق الزجاجة”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

لم يكن اللبنانيون بحاجة إلى يوم “الكذب العالمي” (الأول من نيسان) ليصدّقوا بأن الأسبوعين المقبليْن لن يحملا أي “مفاجأة سارّة” في ما خصّ مسار قانون الانتخاب الجديد وبأن مناخ التفاؤل الذي تصرّ بعض القوى على إشاعته حيال هذا الملف ليس إلا من باب إما تقاذُف كرة المسؤولية عن الفشل في بلوغ صيغة توافقية ورغبة كل طرف في أن تأتي الـ “لاءات” من غيره، وإما عدم الرغبة في “تجرُّع كأس” التمديد الثالث “الآتي” للبرلمان.

وحملتْ الساعات القليلة الماضية مجموعة إشارات بدت بمثابة سقوطٍ لـ “ورقة التوت” عن حقيقة مآل المناقشات حول قانون الانتخاب الذي تختصره منذ أسابيع اقتراحاتٌ لرئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل تولى إسقاطها تباعاً “الأقربون قبل الأبعدين”، وتحديداً الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و”حزب الله”، وكان آخرها طرْحه القائم على صيغة مختلطة تجمع بين الاقتراع الأكثري (كل طائفة تنتخب بموجبه نوابها) والنسبي ضمن المحافظات الخمس التاريخية.

وفي حين كانت الأنظار شاخصةً على محاولات “التيار الحر” وحليفه المسيحي حزب “القوات اللبنانية” رفْع منسوب الضغط لاستيلاد قانون الانتخاب على قاعدة المختلط قبل الدخول في نفق التمديد ابتداءً من 17 نيسان الجاري تفادياً لفراغٍ في البرلمان الذي تنتهي ولايته في 20 حزيران المقبل والذي رسَم الثنائي الشيعي “خطاً أحمر” أمام جعْله “خارج الخدمة”، انكشف التوتّر الذي يسود علاقة “التيار الحر” و”حزب الله” على خلفية هذا الملف بفعل إصرار الحزب على النسبية الكاملة التي يرفضها الثنائي المسيحي باعتبارها “ديموقراطية عددية مقنّعة”.

وبعدما كرّر “حزب الله” معادلة “النسبية الكاملة أقصر الطرق الى قانون انتخاب جديد” مع إبداء مرونة حيال عدد الدوائر والتراجع عن خيار “لبنان دائرة واحدة”، وعلى وقع وصْف إحدى الصحف القريبة منه طرح باسيل بأنه “تقسيمي”، شنّ رئيس “التيار الحر” هجوماً دفاعياً عنيفاً تعاطتْ معه الدوائر السياسية على أنه حسَم تعاطي التيار مع موقف “حزب الله” من اقتراح المختلط الأخير على أنه سلبي، كما انه عكس دخول البلاد مرحلة هي الأقسى في سياق “ليّ الأذرع” حول القانون والتي تختزل صراعاً “متعدّد الطبقات” داخلي وخارجي، عنوانه العريض رفْض “حزب الله” تسليم أي قوة طائفية أرجحيّة تقريرية في الواقع اللبناني (تتأمّن بحال حصول الثنائي المسيحي على أكثر من 43 نائباً) وفي استحقاقات رئيسية مستقبلية مثل الانتخابات الرئاسية، وأيضاً إصراره على صيغة توفّر له الإمساك بمقاليد اللعبة السياسية ملاقاةً لـ “انفلاشه” الخارجي.

ذلك ان باسيل قال من استراليا التي يزورها انه “عندما نقسّم دوائر انتخابية لا يعني أننا نقسّم لبنان ولا يعني أننا دعاة تقسيم”، مضيفاً: “نحن لن نوصّف مَن وصفنا بالتقسيم. ولمن يتهمنا بالتقسيم نقول: إنتو بدكن تبلعوا لبنان بأصواتكن لما بدكن تحجزولنا حريتنا!”. وأعلن “لم ندعم مقاومة حتى ننكسر لرغباتٍ تريد كسْر مقاومتنا، ونحن نقاوم عن كل لبناني كي نعطيه حقه بالتمثيل”.

وتَرافقتْ هذه “السخونة” مع سلسلة تطورات بارزة اعتُبرت مؤشراً على ارتسام ملامح أزمة كبرى تتجه إليها البلاد، ومنها:

* ما وُصف بأنه “عراضة عسكرية” قام بها “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت (معقله) مع انتشار صورٍ غير مسبوقة لمجموعة اسمها “سرية العباس” قيل إنها تمثّل “فرع الأمن الاجتماعي” وانها بدأت منذ ليل اول من امس بعمليات دهم واعتقال لمن تشتبه بأنهم يقومون بنشر “الفساد” في المنطقة، وتحديداً تجار ومروجي المخدرات وفارضي الخوّات.

وفي حين كان من الصعب التحقق من “مهمة” هذه السرية التي سُجل انتشارها في منطقة برج البراجنة، فإن دوائر سياسية قريبة من قوى “14 آذار” رسمتْ علامات استفهام حيال توقيت هذا الظهور لنحو 90 ملثماً بزيّ أسود، مسترجعةً مراحل سابقة اتّسمت باستقطاب داخلي حاد ولجأ خلالها الحزب الى ما عُرف بـ “القمصان السود” إبان الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري.

واعتبر وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي أن “العراضة المسلحة التي نفذها حزب الله تؤكد استقالة الدولة لمصلحة الدويلة”.

* الهجوم الصاعق الذي أطلقته قناة “ان بي ان” (تابعة للرئيس بري) على قرار مجلس الوزراء الذي نُشر في الجريدة الرسمية حول خطة الكهرباء التي أعدها وزير الطاقة سيزار ابي خليل (من التيار الحر) واصفة هذا القرار بأنه “مزوّر ومخالف لما تمّ الاتفاق عليه داخل الجلسة الحكومية التي ناقشت الخطة يوم الثلاثاء الماضي في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية”، وموضحة ان “ما نُشر في الجريدة الرسمية هو إقرارُ خطة الكهرباء بالكامل بشكل يخالف ما تمّ الاتفاق عليه في الجلسة المذكورة” في اشارة الى العودة الى مجلس الوزراء في كل تلزيم وخطوة لأخذ الموافقة.

* الحملة التي شنّها وزير التربية مروان حمادة (من فريق النائب وليد جنبلاط) على “التيار الحر” ووزارة الطاقة معتبراً انها “ومنذ العام 2010 تُعدّ الأكثر فشلا”، مضيفاً: “هذه الوزارة لم يتولاها إلا حزب واحد”. وكشف انه كان “على وشك الاعتكاف والاستقالة منذ أيام، لكن قررتُ الاستمرار في تحمل المسؤولية نزولاً عند رغبة النائب جنبلاط”، موضحاً أن سبب رغبته في الاستقالة “كان الشعور بأن الممارسة الوزارية تتعرض للكثير من التسلل الحزبي والطائفي، ولا أشعر بأن عناوين الاصلاح التي حملها العهد والحكومة تنتج الاصلاح الحقيقي”. علماً ان جنبلاط كان أعلن ليل الجمعة الماضي تعليقاً على الطرح الأخير للوزير باسيل انه “لا يمكن القبول بمشروع انتخابي يقسم بين اللبنانيين ويلغي الشراكة والتنوّع”.