Site icon IMLebanon

تحفظات حزب الله المتوقعة في جزين… مزعجة للقوات

 

 

كتب محمود زيات قي صحيفة “الديار”:

في الاختبار الحقيقي الذي خرجت به الانتخابات الفرعية في جزين التي جرت في ايار من العام الماضي ، لملء المقعد الماروني الذي شغر بوفاة النائب في تكتل التغيير والاصلاح ميشال الحلو، ظهرت جزين في لوحة جلية عن الخارطة السياسية التي يتوزع فيها النفوذ الشعبي، وان كانت نتائجها دلَت على ان حجم العائلات السياسية التاريخية في عروس «الشلال» ما زال يُحسب له حساب في مسار اي معركة انتخابية، وان  هناك وجود حقيقي لهذه العائلات، بالرغم من تراجعها لمصلحة الاحزاب السياسية المسيحية التي تتواجد في المدينة، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب ، مع وجود ملحوظ للحزب السوري القومي الاجتماعي.

الحضور العوني في جزين ، ووفق ما يرى متابعون، تلقَّى «عناية فائقة» من زعيمه العماد ـ الرئيس ميشال عون  الذي اطل عليها مرات عدة، سجل خلالها حضورا مميزا، كاد ان يشكل «نقزة» قواتية، الى ان حصل اتفاق معراب الذي خرج بـ «ورقة تفاهم» ترجمت اولى خطواتها بالانتخابات الفرعية في جزين، وسُجل ان القوات اللبنانية «منحت» التيار الوطني الحر مساعدة فاعلة لـ «استعادة» مقعد نيابي، افتُرِض انه كان اصلا في عداد كتلة التيار النيابية، لكنها كوفئت بالبلدية التي فاز بانتخاباتها تحالف «الثنائي المسيحي».

ويرى المتابعون، ان حسابات «التيار» و«القوات» في ملف «فرعية جزين، ستبقى على حالها  في ملف الانتخابات النيابية المقبلة، والطرفان حذران في رسم نقاط التفاوض والشراكة التي تفرضها ورقة التفاهم، وبالتالي، فالقوات اللبنانية تنظر الى جزين، على انها واحدة من الساحات المسيحية ذات الوزن الثقيل في السياسة، وما يعطيها استثنائية انها الساحة الجنوبية الوحيدة التي يمكن ان تمثل فيها نيابيا، لانها الساحة الوحيدة في الجنوب، اللاعبون الاساسيون فيها هم المسيحيون، وان كان هناك بعض التأثيرات في الناخب الشيعي، وهو ما قد يُسجَّل في رصيدها في حال تحقق ذلك.. والخوف ان ينظر «التيار» الى جزين على انها ساحة خارج البحث، انطلاقا من ان تحالفه مع القوات في الملف الانتخابي، لا يسري في المناطق ذات الاختلاط مع الناخب الشيعي، مراعاة لحسابات كل من «حزب الله» وحركة «أمل»، وجزين تتصدر هذه المناطق، في حال كانت الدائرة الانتخابية اوسع من المدينة نفسها، وفي هذه الحالة، تدخل قرى وبلدات ذات اغلبية شيعية في حسابات الانتخابات، ومدى القدرة على تجييرها، لكونها تشكل رافعة للتيار دون غيره من القوى الحزبية المسيحية.

والنهوض الحزبي في جزين، والذي يشكل تحالف التيار ـ القوات اساسه، ووفق ما تراه اوساط سياسية جزينية، انه جاء على حساب الارث السياسي العائلي، وهو من ارث من الوزن الثقيل، وتلفت الى ان ما حصل في جزين لجهة الصراع الواضح بين الاحزاب والعائلات السياسية العريقة في الحقل السياسي العام، شعور رموز هذه العائلات، وبخاصة الذين كان لهم باع طويل في العمل السياسي داخل البرلمان وخارجه، انهم مستهدفون من الاحزاب المسيحية بالغاء دورها وموقعه ، ومصدر هذا الاستهداف، برأيهم، التيار الوطني الحر وبنسبة اقل «القوات اللبنانية»، ورموز هذه العائلات لا يتركون مناسبة، والا يتحدثون عما يعتقدونه «مصادرة» المقاعد النيابية المسيحية الثلاثة في جزين، لمصلحة الثنائي الشيعي حركة «أمل» و«حزب الله»، يوم كانت الدائرة الانتخابية على مستوى محافظتي الجنوب والنبطية، خلال الدورات التي جرت منذ اول انتخابات نيابية بعد اتفاق الطائف، حيث كان يذوب الناخب المسيحي في بحر الناخب الشيعي الممتد على مستوى الاقضية السبعة في الجنوب، وهو واقع سياسي وانتخابي، جعل من الناخب الاقوى ان يحدد هوية نواب هذه المنطقة او تلك، وكانت جزين منها، الامر الذي اشعر زعامات جزينية تاريخية انها «اسيرة» لمعادلة القانون الانتخابي، علما ان الثنائي الشيعي حرص في تشكيلته ان يراعي العائلات السياسية، فكان منهم من سمير عازار وسليمان كنعان وبيار سرحال، ثم جاءت «حقبة» تحالف ثنائي التيار ـ القوات، ليزداد شعورهم بالحصار السياسي داخل معقلهم الجزيني الذي كان هادئا خلال العقود التي سبقت الحرب اللبنانية، من دون ان يعني ذلك بالمطلق، ان حالة العائلات السياسية في جزين قد انتهت سياسيا في حياة المدينة، بل انها متغلغلة في بيئتها، وقادرة على اثبات الوجود.. ان وجدت طريقها لتقديم خطاب يحاكي الجزينيين.

يبدو في المشهد الجزيني العام، ان «التيار الوطني الحر»، وان نجح في محاصرة حالة التمرد «الجنينية» التي ظهرت في صفوفه، في عز الانتخابات الفرعية، حين انبرى عونيون للتصدي لخطة التيار بتمثيل جزين نيابيا من خارج المدينة هل ينجح مع «القوات» في تمرير انتخابات جزين؟، وضمن اي اتفاق سيتم توزيع حصة المدينة النيابية؟، ام لا توزيع او شراكة؟، وماذا عن حسابات حلفاء التيار في الساحة الشيعية، وبخاصة حسابات «حزب الله» في ما يتعلق بتمثيل القوات نيابيا، ومن ساحة جنوبية ؟، ام ان تحفظات «حزب الله» ستكون ذات سقف عال ومتشدد من تمثيل «القوات» بنائب من النواب الثلاثة، ومن الخيارات التي قد تكون مطروحة امام «حزب الله» تبني مرشح من احدى العائلات السياسية بعد التوافق معها وهو فعل ذلك مرتين حين تبنى المحامي جورج نجم عن المقعد الماروني ونجل النائب السابق فريد سرحال النائب السابق بيار سرحال، وبالتالي، فانها تحفظات ستكون مزعجة لـ «القوات»، لكنها غير مفاجئة، ومربكة للتحالف الثنائي المسيحي، لكنها قد تسهم في الوقت نفسه في توسيع هامش المناورة لدى التيار في مفاوضاته الانتخابية مع «القوات»، باتجاه تعزيز خيار بسط «سلطته» النيابية الكاملة على جزين.. وبالتالي ابعاد «القوات» عن الحصة النيابية لـ «عروس الشلال».

كل هذا المشهد، سيبقى مرهونا بالمتغيرات التي ستحصل مع المجلس النيابي المًمَدَّد له تقنيا او غير تقني، وبطبيعة القانون الانتخابي الذي تتقاذف صِيغه المتنوعة والمتعددة، جملة من الحسابات التي لا تنتهي  لدى مختلف القوى السياسية.